إذا لم تكن مناورة سياسية هدفها الضغط على حماس، كي ترضخ للشروط الإسرائيلية في المفاوضات، فإن قرار نتنياهو باستكمال العملية العسكرية فى رفح الفلسطينية، يؤدي إلى تسخين المنطقة والعالم، بما يفتح الباب لتوسيع الحرب، وتحويلها إلى حرب إقليمية طويلة الأمد.
ويبحر نتنياهو باستكمال العملية العسكرية، أكثر وأكثر عكس اتجاه الريح في أوروبا وأمريكا، اللتين ألقت شعوبهما بالرواية الإسرائيلية في سلة المهملات، بل وتصاعد الرفض للسياسات الإسرائيلية في كل المؤسسات الثقافية والتعليمية والنيابية، وصولا إلى إعلان الإدارات الأمريكية والأوروبية غسل يديها من العملية البرية في رفح الفلسطينية.
وكل المؤشرات تقول إن العملية البرية، إن لم تكن تهديدا يستخدمه نتنياهو للضغط، فإنها تمثل قمة يأس نتنياهو، وطلقته الأخيرة التي يعرف أنه يحتاج إلى معجزة كي لا ترتد إليه.
ويلجأ نتنياهو إلى هذا الخيار المجنون، لأنه يدرك يوما بعد يوم هزيمته الأكيدة، فهو مهزوم وفاقد لمنصبه في الانتخابات القادمة وستتم محاكمته إذا أوقف الحرب الآن، وهو مهزوم وفاقد لمنصبه بفعل تصاعد الغضب ضده داخل إسرائيل إذا استمر في الحرب، فكأنه يرجح الاختيار "شمشون"، ليدمر المعبد عليه وعلى أعدائه.
العملية العسكري سيمثل كارثة إنسانية على الفلسطينيين، ستنعكس في كارثة سياسية على مجمل السياسة الإسرائيلية التي تواجه بالفعل غضبا داخليا إلى جانب الغضب الشعبي والدولي، ما يجعلنا نتنبأ بأن تكون رفح نقطة الذروة في مسلسل انهيار نتنياهو ومحاكمته، بفقدانه لأي تأييد داخلي أو خارجي، دون أن يستطيع -كما هو متوقع- إعادة أي أسير إسرائيلي لدى المقاومة.
وكما استطاعت غزة المحدودة في مساحتها، الصغيرة من حيث عدد سكانها، أن تشعل حراكا عالميا، شمل شعوبا ومنظمات وميليشيات وحكومات، بل وشارك فيه أصحاب الفكر والضمير في أمريكا وأوروبا، "الوجه الجميل للغرب"، ضد الإمبراطورية الغربية وفي القلب منها إسرائيل، فإنه من المتوقع أيضا، أن تصبح رفح الفلسطينية هذه النقطة المتضائلة في الصغر، المكتظة بالسكان، إذا أقدم نتنياهو على اجتياحها، المعركة الأخيرة لنتنياهو، التي تعطي دفعة متناهية القوة لكل أعدائه لينتهوا منه إلى الأبد.
لقد بدأ طوفان الأقصى، كثغرة خطيرة، في أهم أعمدة النظام العالمي أحادي القطب، وهو "إسرائيل"، لكنه يتحول شيئا فشيئا، إلى رأس الحربة، في معركة كل سكان الكوكب ضد إسرائيل ومعاونيها في الغرب، وليس بمستبعد أن تسجل عملية اجتياح رفح، بداية النهاية، إن لم تكن نقطة النهاية في هذا الصراع المرير.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة