أكرم القصاص يكتب: صورة أمريكا ومصالحها المزدوجة فى الحرب على غزة

السبت، 15 يونيو 2024 10:00 ص
أكرم القصاص يكتب: صورة أمريكا ومصالحها المزدوجة فى الحرب على غزة أكرم القصاص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

أيا كانت التطورات والنتائج، فإن الحرب فى غزة - هذه المرة - تمثل تحولا كبيرا فى ملف معقد ومزمن فى تاريخ الصراع، وأيضا فى تاريخ المنطقة.


من هذه التحولات هو موقف وصورة الولايات المتحدة الأمريكية فى العالم، أو حتى مع المجتمع الأمريكى نفسه، بجانب ما أظهرته الحرب من تردد أمريكى، وأحيانا غياب القدرة على التعامل أو تحريك الأوراق، بجانب ظهور بعض الخلافات بين الرئيس جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، ظهرت للعلن أكثر من مرة أثناء الحرب، ووصلت إلى أن نتنياهو أظهر عدم اكتراث بتهديدات وتحذيرات أمريكية بمنع تصدير السلاح لإسرائيل، حيث واصل نتنياهو الحرب ونفذ عمليات عسكرية فى رفح الفلسطينية، رغم التحذيرات الأمريكية خاصة من الرئيس بايدن.


وكان تجاهل نتنياهو لتحذيرات بايدن، بل ورفض مبادرات ومطالب بوقف الحرب، دافعا لبعض المحللين إلى القول إن هذه الخلافات الأمريكية الإسرائيلية إن لم تكن توزيع أدوار، فإنها تعكس قوة التأثير الصهيونى فى السياسة الأمريكية، خاصة مع اقتراب الانتخابات التى تمثل - فى العادة - مواسم للضغوط والابتزاز وأيضا للوعود الكاذبة، لكن الأمر هذه المرة يبدو أكبر من كل المرات السابقة، حيث كانت للولايات المتحدة قدرة على التدخل ووقف الحرب، على العكس هذه المرة، حيث عجز الرئيس بايدن أكثر من مرة عن تمرير هدنة أو وقف الحرب، رغم حجم الضحايا من المدنيين خاصة الأطفال، وهو ما يؤثر على صورة الولايات المتحدة وينسف سنوات من ادعاء الدفاع عن حقوق الإنسان، أو حتى أخلاقيات الحرب، والتى أهدرها الاحتلال الإسرائيلى وصولا إلى ما اعتبره كثيرون إبادة وتصفية عرقية واضحة، وتجويعا ومنع الطعام والشراب والعلاج عن مئات الآلاف من سكان غزة.


حتى مشروع الرئيس بايدن لوقف الحرب، والذى وصفه - أى المشروع - بأنه «إسرائيلى»، لم يلقَ اهتماما من إسرائيل، وأضطرت الولايات المتحدة لتقديمه كـ«مشروع قرار» لمجلس الأمن، وبالفعل صوت مجلس الأمن على مشروع القرار الأمريكى بوقف إطلاق النار فى غزة، والذى صدر بتأييد 14 صوتا وامتناع صوت واحد، وكان هو القرار الوحيد الذى لم ترفع الولايات المتحدة ضدة «الفيتو»، ورغم صدور القرار، لكنه ما زال غير قابل للتنفيذ وتتمسك إسرائيل بمواصلة الحرب بما يضاعف من صورة الضعف الأمريكى، بجانب كونه يمثل نوعا من الاستهانة المزدوجة من قبل نتنياهو وحكومته والوزراء المتطرفين فى حكومة الاحتلال.


المفارقة أنه أثناء عرض المشروع الأمريكى على مجلس الأمن تحدثت ليندا توماس جرينفيلد، مندوبة الولايات المتحدة لدى مجلس الأمن، عن الوضع الإنسانى المتردى فى غزة، ودعت إسرائيل لاتخاذ التدابير اللازمة لحماية المدنيين الفلسطينيين، وبدت الكلمة من مندوبة الولايات المتحدة متناقضة مع خطاب أمريكى وسياسة تدعم الاحتلال والسلوك العدوانى لحرب الإبادة، مع عجز عن تمرير مشروع هدنة أو مطالبة الاحتلال بوقف عملياته العدوانية فى تدمير غزة، وفى الوقت ذاته تعجز حتى عن تنفيذ قرار مجلس الأمن الصادر بناء على مشروع أمريكى، بما يشير إلى غياب أى نماذج للتعامل السياسى بين الولايات المتحدة وإسرائيل، حيث تمثل تل أبيب بابا للمصالح الأمريكية ومواجهة خصوم الولايات المتحدة فى المنطق، لكنها أيضا شريك يفترض أنه يتبع المصالح الأمريكية التى تبدو فى أكثر أوضاعها تعرضا للتهديد، ومنها تحركات جماعة الحوثى فى البحر الأحمر ضد السفن الإسرائيلية والأمريكية، ومع هذا ظلت المواجهة محددة بسوابق العلاقات، ومن دون أى ردود أفعال أو قدرة على صياغة علاقات قادرة على التعامل مع هذه التهديدات.


كل هذه التطورات فى المشهد تدفع بعض المحللين للقول إن هذه الخلافات العلنية بين نتنياهو وبايدن، تمثل خطوات تتجاوز كونها تتزامن مع قرب الانتخابات، وحرص كل من الديموقراطيين والجمهوريين على تأكيد دعم إسرائيل بشكل كامل، والسعى لكسب الصوت اليهودى، فضلا عن قوة هذا اللوبى داخل الولايات المتحدة، لدرجة تدفع الرئيس الأمريكى إلى تجاهل التراجع فى صورة أمريكا وتقديم كل الدعم لحرب نتنياهو على غزة.


وبقدر ما تُظهر الحرب الارتباط الكبير بين الولايات المتحدة وإسرائيل، فإنها تضاعف من صورة أمريكا «المهزوزة»، وأيضا «العاجزة» عن تمرير قرارات بوقف الحرب وإنقاذ ملايين الأطفال الذين يتعرضون للحصار والتجويع والقصف المباشر، والسير باتجاهات أخرى.


مقال أكرم القصاص فى عدد اليوم السابع

 










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة