سهل جدًا أن يأخذ الإنسان القرار، ولكن الصعب هو مرحلة التنفيذ، والأهم من هذا وذاك أن يكون القرار مُناسبًا مع إمكانيات صاحبه، ويكون قابلاً للتنفيذ، ومُتوائمًا مع الواقع. فالإنسان أحيانًا كثيرة ما يسترسل في اتخاذ القرارات، بل ويتفنن فيها، ولا يقف الأمر عند هذا الحد، بل يظن أن إمكاناته قادرة على تحقيق أي شيء مهما بلغت صعوبته.
فقد دعا زعيم الفئران يومًا إلى اجتماع عاجل لوضع خطة لتحذير الفئران من أي هُجوم مُفاجئ لعدوهم الشرس القط، كان المطلوب كما أكد الحاضرون أن يصلوا إلى طريق فعالة لتحذيرهم من اقتراب القط ليستطيعوا الهرب، حيث كان باستطاعة القط المشي بهدوء إلى حيث يجتمع الفئران ويُفاجئهم بالهُجوم الذي يُؤدي إلى خسارة زميل أو قريب وذلك بشكل شبه يومي.
كان لابد من عمل شيء، لأنهم كانوا يعيشون في رُعب دائم، ولا يستطيعون التنقل لا ليلاً ولا نهارًا، مخافة أن يُفاجئهم القط، تمت مُناقشة العديد من الاقتراحات، ولكنها كلها لم تُشكل حلاً لمُشكلتهم الأساسية وهي معرفة متى يقترب القط، في النهاية، وبعد أن تسرب اليأس إلى النفوس، قام فأر صغير، وقال بأن لديه حل بسيط، ولكنه مُتأكد بأنه فعال ويحل لهم المُشكلة، ولما تصايح الجميع طالبين منه إعطاء هذا الحل، قال ببساطة: "كل ما علينا فعله هو تعليق جرس في عُنق القط، فكلما تحرك اهتز الجرس وسمعنا صوته، فنختبئ في الوقت المُناسب".
صاحت الفئران من الفرح وتعجبوا، لماذا لم يُفكروا في هذا الحل العبقري من قبل، وبينما هم في قمة الفرحة، وقف فأر عجوز حكيم، وقال لهم: "نعم يا أحبائي هذا الحل يبدو جيد جدًا، ولكن لدي سؤال واحد: مَنْ الذي سيُعلق الجرس في عُنق القط؟!".
لابد أن يكون هناك صوت حكيم يُرن بداخل الإنسان، كُلما اتخذا قرارًا، ليسأله: هل لديك القدرة على تنفيذه؟ فهذا الصوت هو الذي ينقل صاحبه من مرحلة الأحلام والنظريات، إلى مرحلة الواقع العملي الملموس، الذي يتلمس من خلاله مدى قدرته على تنفيذ قراراته، بل وكيفية وضعها في إطار حقيقي.
فالأمر لا يتوقف عند مُجرد طرح الأفكار، والوصول إلى أفضلها، بل لابد أن نتيقن من أن فكرة بسيطة قابلة للتنفيذ، أفضل من فكرة عبقرية مُستحيلة التنفيذ، لأن الواقع العملي هو الذي يترك أثره وبصمته.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة