دندراوى الهوارى

حكم التاريخ عنوان الحقيقة.. وما كان بنو إسرائيل إلا عبيدا عند المصريين القدماء! «11»

الأحد، 02 يونيو 2024 11:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

يهود إسرائيل، بشكل عام، والمتطرفون منهم على وجه التحديد، يؤلفون تاريخا بنكهة دينية، ويجعلون منه مشروعا استعماريا قائما على القتل والذبح واغتصاب الحقوق ووأد العدل والحق، وإعدام الضمير رميا بالرصاص، ثم يتحول هذا التاريخ الوهمى المنسوج من الخيال المتطرف، المتماهى مع السراب، إلى أحلام وطموحات، وخطط للتنفيذ وفرض أمر واقع، تاريخهم الخيالى هذا لا يعتمد فقط على حاضر ومستقبل، ولكن يحاولون زرعه فى أعماق الزمن، فمشروعهم الاستعمارى - القائم على اغتصاب حقوق الغير - لا يكتفى بالاستيلاء على حقوق الشعوب، حاضرا، ولكن يستميت فى استلاب حقوق الشعوب التاريخية، واعتبار حضارتهم من صنع أياديهم، دون إدراك حقيقى بأن الأيادى الملطخة بالدماء، والقلوب القاسية الممتلئة بشغف القتل والدمار والخراب، والعقول المتآمرة، لا يمكن أن تصنع حضارة، وأن محاولة سرقة ماضى الشعوب، ترسيخا لفكرة «الإرث» لشرعنة الاستيلاء على أراضى ومقدرات الشعوب، مثل مشروعهم «إسرائيل من النيل للفرات»، محاولة بائسة، فهى والعدم سواء.


ومع ذلك يبذلون جهودا مضنية فى إثبات أنهم أصل الحضارة البابلية، ولهم دور بارز فى الحضارة المصرية، وأنهم بناة الأهرامات، ثم يحاولون البحث عن الهيكل المزعوم فى القدس، مستخدمين الأبواق الزاعقة فى النشر والإعلام بمختلف مشاربه، لتكريس فكرة أنهم أصل كل الحضارات التاريخية الشهيرة، ويدللون على سبيل المثال، لترسيخ مزاعمهم، أن بنى إسرائيل كانوا متحكمين فى مقاليد الأمور فى مصر، مدشنين ما يسمى اصطلاحا «علم الآثار التوراتى أو التلمودى» لإثبات ما أشار إليه الكتاب المقدس، وأصدروا كتابا فى الجغرافيا لتأكيد ذلك، وهى معلومات متجاوزة التاريخ والكتب المقدسة.


تاريخ مصر واضح جلى، ذكر فى كل مصادره، سواء من خلال الشواهد الأثرية أو الوثائق، أن كل الأجانب سواء الذين اقتحموا البلاد أو تم أسرهم فى المعارك، يتحولون إلى عبيد، تُسند إليهم وظائف بعينها مثل الخدمات المنزلية، كطهاة ومصنعى البيرة والمربيات وما إلى ذلك، أو فى المعابد.


إذن كان العبيد فى الغالب أسرى حرب، بمن فيهم المدنيون الذين لم يكونوا جزءا من القوات العسكرية، وكان الملك يعيد توطين الأسرى من خلال نقلهم إلى مستعمرات للعمل، والدفع ببعضهم للمعابد، والبعض الأخر يُمنحون كمكافآت للأفراد المستحقين، كغنائم، أيضا هناك عبيد متجولون، أى الذين قدموا للبلاد كأشخاص، ومن تورط منهم فى ارتكاب أعمال غير مشروعة، يتجردوا من حريتهم ويصيرون عبيدا.


مع الوضع فى الاعتبار أن المصريين القدماء لم يعترفوا بالعبودية بين أبناء مصر، وأن كل الشعب المصرى مُكرم ومقسم لفئات عمال وفلاحين وموظفين ورجال جيش وأمراء يحكمون.


من تلك التقسيمات الواضحة يتبين أن حركة التعمير والبناء كانت بأياد مصرية خالصة، فبناء الأهرامات كان بعقول مهندسين مصريين، وبتشييد عمال مصريين، ولم يكن هناك أجنبى واحد، فالثقة فى الأجانب جميعا كانت معدومة، وتحديدا منذ بداية الأسرة الفرعونية الأولى وحتى الأسرة 20 ومن ثم فإن المصريين القدماء كانوا يتعاملون مع القادمين من البوابة الشرقية وسيناء باعتبارهم أعداء، يجب محاربتهم وطردهم، ومن يقع منهم فى الأسر، أو يتسللون كأفراد ويُقبض عليهم، ينقلون إلى مستعمرات العبيد، ويوزعوا للخدمة فى المعابد، والبعض منهم يدفع بهم للأعمال المنزلية عند بعض السادة، فى الطهى وصناعة الجعة.


انطلاقا من هذه الحقائق الثابتة والمنقوشة على كل الشواهد الأثرية والمدونة كتابة فى الوثائق التاريخية، فإن ادعاء الإسرائيليين بأنهم كانوا رقما صحيحا فى المجتمع المصرى القديم، كذب وتضليل لا أساس له من الصحة، وأن بنى إسرائيل، لم يكونوا يوما رقما صحيحا وفاعلا فى المجتمع المصرى، وأنهم وفق تصنيفات المصريين القدماء، يقعون فى خانة العبيد، كونهم أجانب وغرباء، ولم يكونوا عمالا أو فلاحين، لذلك فإن نظرية الزعم الوهمى الخيالى «الحق التاريخى.. وأن إسرائيل من النيل للفرات» تسقط سقوطا مدويا، كما تبوء كل محاولاتهم بأنهم بناة الأهرامات بالفشل، وفشلها مدعوم بكل الأدلة والوثائق التاريخية، فالعبيد ليس لهم الحق فى العمل، لأنهم أسرى المستعمرات والمعابد والعمل فى المنازل، بينما أعمال البناء والتشييد والزراعة، فهى اختصاص أصيل لأصحاب الأرض، المصريين.


الدليل الآخر الذى يزكى ما ذكره التاريخ أن خروج بنى إسرائيل من مصر يُعتبر من أكثر المواضيع التى حازت اهتمام الباحثين والخبراء فى التاريخ وعلم الأديان، ونشرت آلاف الأبحاث والمؤلفات حول تاريخ هذا الخروج والطريق الذى سلكه موسى وقومه هربا من فرعون مصر، والمدة الزمنية التى استغرقها هذا الخروج، ومن هو فرعون الخروج؟، ومن ثم فإن طردهم وخروجهم تأكيد لرفض المصريين وجود الأجانب المتطلعين للسيطرة وإثارة القلاقل وصولا لسدة الحكم.


وليعلم القاصى والدانى، أن التاريخ كعلم يبحث فى الموجودات سواء برديات أو جداريات أو تماثيل، أما الدين فيبحث فى الغيبيات، وأن لكل منهما له ميدان بحث مختلف ولا ينفى أحدهما الآخر، أو يتقاطع معه.


وللحديث بقية إن شاء الله.. إن كانت فى العمر بقية.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة