بينما يواصل نتنياهو حربه المجنونة على غزة، تستمر التناقضات والارتباك فى مواقف وتحركات جيش الاحتلال، حيث يعلن نتنياهو أنه سيواصل الحرب حتى انتزاع السلاح من غزة، بينما سبق وأعلن أن قواته فى طريقها لتحقيق الانتصار وهذا قبل أسابيع، وفى الوقت نفسه أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلى، عن اتجاه للإعلان عن انتهاء الحرب بعد عملية اجتياح رفح الفلسطينية وطلب خفض القوات بمحور صلاح الدين، والاتجاه إلى تغيير شكل الحرب من خلال اقتحامات محددة موضعية لمناطق وأهداف، هذا فى الوقت الذى ضاعف فيه الجيش الإسرائيلى من عملياته ووتيرتها فى رفح خلال الأيام الأخيرة .
لكن بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء الاحتلال قال إنه سوف يتعين علينا نزع السلاح فى غزة بشكل مستدام وهو أمر لا يمكن أن تقوم به غير إسرائيل، وعاد نتنياهو إلى لهجة الادعاء والتضخيم بمزاعم أن إسرائيل تخوض حرب بقاء فعلية ومتعددة الجبهات ضد حماس فى غزة وإيران وحزب الله اللبنانى والحوثيين فى اليمن، وبهذا فهو ينكر كونه وراء التصعيد وأنه ساهم ولا يزال فى توسيع الصراع بينما دول المنطقة وبمساع إقليمية ودولية نجحت حتى الآن فى منع اتساع الصراع.
نتنياهو يواصل ابتزاز الولايات المتحدة سياسيا مستغلا فترة الانتخابات، ويطلب المزيد من الأسلحة، بل إنه اتهم الإدارة الأمريكية بأنها تمنع عنه السلاح، وهو ما رد عليه أمريكيون واتهموه بالجحود، وانتشرت تقارير تؤكد أن الاحتلال لم يكن يستطيع المضى فى الحرب لأكثر من أسبوعين لولا جسر السلاح الأمريكى، والتدفقات المالية التى منعت كارثة اقتصادية عن إسرائيل، لكون حالة الطوارئ وتعطل الأعمال خلال كل هذه الشهور كاشفة عن اعتماد الاقتصاد الإسرائيلى كليا على الولايات المتحدة، وغياب أى أنشطة اقتصادية أو تنمية مثلما كانت مزاعم إسرائيل تردد.
ومن بين ادعاءات نتنياهو أنه يمكنه تحقيق النصر فى حال تلقت إسرائيل المزيد من الأسلحة الأمريكية، وأنه فى هذه الحالة ستكون هناك إمكانية لإنهاء الحرب ووقف القتال فى وقت قريب، وهذه التصريحات تؤكد حجم الورطة التى يقع فيها نتنياهو والذى اتهم أمريكا بحجب أسلحة عنه، ثم حاول التخفيف من هذا بالقول إن بلاده تقدر الدعم الذى قدمه الرئيس بايدن، بل إنه قال إن تلقى المزيد من الأسلحة الأمريكية يساعد فى إنهاء الحزب ومنع اتساع الصراع فى الجبهة الشمالية.
تصريحات نتنياهو تحمل مؤشرات ارتباك وادعاءات بأن السلاح هو ما ينقص لإنهاء الحرب أو أنه يمنع توسيع الصراع، بينما هو نفسه يحاول توظيف فكرة توسيع الحرب إقليميا لاستمرار الحصول على سلاح من دون أن يملك أى مؤشرات على تحقيق أهداف أعلنها منذ بداية الحرب.
لم ينجح نتنياهو فى القضاء على حماس، ولا استعادة المحتجزين باستثناء ثلاثة تم توظيف استعادتهم دعائيا، بينما يمثل استمرار باقى المحتجزين بعيدا عن أيدى جيش الاحتلال وأجهزة المعلومات أن الاحتلال لا يملك أى مؤشرات على تحقيق أى انتصارات أو قرب تحقيق أهدافه، وبالتالى تظل تصريحات نتنياهو مجرد دعايات وتبرير لطول مدة الحرب من دون أفق واضح مع تضاعف أعداد الضحايا من المدنيين والأطفال على وجه الخصوص، وحسب ما أعلنه المتحدث باسم منظمة اليونسيف فإن الاحتلال الإسرائيلى يسقط 100 طفل فى غزة يوميا بين قتيل وجريح، ويقدر عدد الأطفال الذين استشهدوا منذ بداية الحرب بأكثر من 17 ألفا بالإضافة إلى مئات ما زالوا بين المفقودين تحت الأنقاض.
ومع سقوط كل هذا العدد من الضحايا المدنيين تتواصل عملية الحصار والتجويع ومنع دخول الغذاء والدواء بسبب إغلاق وتدمير معبر رفح من الناحية الفلسطينية، وتشير تقارير منظمة الأونروا إلى أن ما يدخل من مساعدات بشكل يومى لا يكفى مليونى فلسطينى فى غزة، كما أن الطلاب والتلاميذ حرموا تماما من العام الدراسى بسبب الحرب.
كل هذه المؤشرات تضاعف من نية الإبادة لدى الاحتلال ونتنياهو، وغياب أى أفق لغزة ما بعد الحرب، حيث تتواصل التصريحات المتناقضة حول استمرار الحكم العسكرى، خاصة بعد تكذيب كل التسريبات حول قوى دولية أو إقليمية فى غزة، بينما يظل الاحتلال غير قادر على إعلان انتصار أو تحديد خطط لغزة ما بعد الحرب، وتستمر تناقضات نتنياهو بين إعلان انتصارات ومطالب بمزيد من السلاح لمواصلة الحرب.
مقال أكرم القصاص فى عدد اليوم السابع