بالطبع إن الخلاف العلنى بين رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، وإدارة الرئيس الأمريكى جو بايدن، يمثل سابقة فى سجل العلاقات الأمريكية الإسرائيلية، لكنه أيضا يثير الكثير من التحليلات عما إذا كان سحابة صيف، ترتبط بهذه المرحلة أو بشخص نتنياهو الذى يستغل الانتخابات للضغط على «الحليف المضمون» للحصول على المزيد من الأسلحة والأموال، خاصة أن ما قدمته الولايات المتحدة هو الذى منح إسرائيل القدرة على مواصلة الحرب كل هذه المدة، التى تجاوزت الشهور الثمانية، وبالتالى فإن تصعيد نتنياهو هو نوع من الضغط على الولايات المتحدة للحصول على مزيد من الأسلحة.
محللون آخرون يذهبون إلى أن الخلاف أكثر من عتاب، خاصة أن نتنياهو يتمسك بانتقاداته لإدارة بايدن، حيث قال خلال افتتاح جلسة الحكومة الأسبوعية، أمس الأحد «منذ حوالى أربعة أشهر، حدث انخفاض كبير فى إمدادات الأسلحة القادمة من الولايات المتحدة إلى إسرائيل، وعلى مدى أسابيع طلبنا من أصدقائنا الأمريكيين تسريع عملية الشحن، ولم نتلقى شيئا، بعض القطع وصلت بالقطارة ولكن الجزء الأكبر والأساسى لم يأت».
لكن محللون ذهبوا إلى أن نتنياهو يحاول تعليق الفشل والتعثر على نقص الأسلحة، لأنه يواجه أزمة داخلية وضغوطا، واتهامات بعدم الوفاء بوعوده، فيما يتعلق بإعادة المحتجزين، أو تحقيق انتصار، وبالفعل فقد أعلنت الولايات المتحدة أنها لم تؤخر شحنات أسلحة، وأكد وزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكن أن واشنطن لا تزال تراجع مسألة إرسال شحنة قنابل ثقيلة لإسرائيل وسط مخاوف من إمكانية استخدامها فى مناطق ذات كثافة سكانية عالية.
وقد رفضت إدارة بايدن اتهامات نتنياهو حول حجب الأسلحة والذخائر عن حليفتها الوثيقة، وحسب «CNN» قالت كارين جان بيير السكرتير الصحفية للبيت الأبيض، إنه تم إيقاف شحنة واحدة فقط من القنابل الثقيلة مؤقتا منذ بدء الحرب، فى حين أن الأسلحة ومليارات الدولارات استمرت فى التدفق إلى إسرائيل، وقال مسؤول فى البيت الأبيض لشبكة «إن بى سى» نيوز، إن البيت الأبيض سيلغى اجتماعات مهمة مع مسؤولين إسرائيليين غضبا من هجوم نتنياهو، وليس لدينا أى فكرة عما يتحدث عنه رئيس الوزراء.
واعتبر منسق الاتصالات الاستراتيجية فى مجلس الأمن القومى بالبيت الأبيض جون كيربى، تصريحات نتنياهو بأنها مخيبة للآمال ومهينة، نظرا لحجم الدعم الذى نقدمه وسنواصل تقديمه، وقال الرئيس الأمريكى جو بايدن، لـ«سى إن إن»، إن الولايات المتحدة ستواصل مع ذلك تزويد إسرائيل بأنظمة الدفاع الجوى والأسلحة الدفاعية الأخرى.
وقد ذهبت CNN إلى أن الخلافات بين نتنياهو وإدارة بايدن ستحدد طبيعة المساعدة العسكرية لتل أبيب إذا اندلعت حرب واسعة فى الشمال مع حزب الله، وأن الإدارة الأمريكية وعدت حليفتها تل أبيب بأن الضمانات الأمنية لا تتضمن وجود قوات أمريكية على الأرض، وذهبت « CNN» إلى أن ذلك سببه وجود خلاف علنى للغاية بين نتنياهو ومسؤولى إدارة بايدن، بعد تصريحاته ضد الإدارة الأمريكية.
بعض المحللين أشاروا إلى أن الأمر ربما يتم تجاوزه بسبب الانتخابات ورغبة بايدن فى الحصول على أكبر قدر من الدعم من الأصوات اليهودية، لكن الأمر يمتد إلى خطاب يفترض أن يلقيه نتنياهو أمام الكونجرس فى يوليو المقبل، ويشير تقرير لصحيفة «بوليتيكو» إلى تزايد القلق داخل البيت الأبيض حول الخطاب المرتقب لنتنياهو فى جلسة مشتركة لمجلسى الشيوخ والنواب فى الكونجرس، لاحتمال أن يستغل نتنياهو خطابه لانتقاد الرئيس بايدن على عدم دعمه الكافى للرد على «حماس» فى غزة، ما قد يضاعف من تراجع فرصته الانتخابية.
لكن بعض المحللين يرون أن بايدن ربما يسعى إلى وقف الحرب قبل الخطاب، ومع هذا يظل الخلاف قائما ولأول مرة بشكل قد يغير من شكل العلاقة بين الحلفاء، فى حال استمرار أحدهما أو كلاهما فى السلطة ما بعد الحرب.