قال الرئيس القائد عبدالفتاح السيسى: «إن التاريخ سيتوقف كثيرا أمام ثورة 30 يونيو المجيدة، وستظل حية فى ذاكرة كل الأجيال، بما رسخته من مبادئ العزة والكرامة والوطنية والحفاظ على هوية مصر الأصيلة من الاختطاف».
مر عقد ونيف من الزمن على ثورة 30 يونيو وما تلاها من تطورات، كانت نقطة فارقة فى تاريخ مصر والعالم العربى، لتحمل معها آمالا جديدة لكل المصريين، وطموحات وآفاقا واسعة للدولة المصرية لتتحول إلى واقع ملموس يشعر به كل المواطنين، ويتأكدوا أنه لولا الثورة لضاعت مصر.
ولا تزال مصر، مثلما كانت فى الماضى، الدولة الأهم والمؤثرة فى استقرار الوطن العربى كله ومنطقة الشرق الأوسط على وجه الخصوص، فهى الدولة العربية الأكثر استقرارا، والأقوى جيشا، والموقع الجيوستراتيجى الأبرز فى المنطقة.
إن ثورة 30 يونيو 2013 أعادت لمصر هيبتها فى المنطقة العربية، فى سياق إقليمى مضطرب وتحديات سياسية واقتصادية وأمنية هائلة، وتعد أهم منجزات الرئيس القائد عبدالفتاح السيسى السياسية هى تخليص مصر من حكم الجماعة الإرهابية، وتحقيق الأمن وتثبيت الاستقرار ودحر الإرهاب، وتحديث الجيش المصرى وتطويره ليصبح أقوى الجيوش العربية.
لقد تحقق وبعد مرور 11 عاما على ثورة 30 يونيو الكثير من الإنجازات والنجاحات فى كل قطاع وجهة، مرتكزة على دعائم قوية من التلاحم الشعبى والاصطفاف الوطنى لمجابهة التحديات، بدءا من تثبيت دعائم الدولة ومن ثم الانطلاق إلى البناء والإنجاز بالتوازى مع الحرب ضد الإرهاب، وسقوط آلاف الضحايا من الأبرياء ومن أبطال الشرطة والقوات المسلحة.
سيسجل التاريخ للرئيس السيسى إطلاقه خارطة التحديث والتغيير التى دشنها باهتمام بالغ وبكل تحد بالبنية التحتية المتهالكة، وإنشاء أخرى متطورة سعيا وراء جذب الاستثمارات الأجنبية، كما تم فى عهده شق تفريعة موازية لقناة السويس، ومد عشرات من شبكات السكة الحديدية، ومئات الجسور والعاصمة الإدارية اللامعة، كما انطلق مشروع القطار السريع ليربط بين ساحلى البحر المتوسط والبحر الأحمر، وتمت إعادة الاقتصاد المصرى إلى مكانته وحقق معدلات مرتفعة من النمو، واستعادت مصر علاقتها مع الدول الخارجية التى تدهورت إبان حكم الجماعة الإرهابية، وبدأت مسيرة التنمية الشاملة تخطو خطوات سريعة.
ولم ينس الرئيس القائد وحدة وتلاحم الشعب والأمة بين أبنائه فوحد العلاقات المترابطة مع أقباط مصر، فصدرت قوانين عديدة تسهل من إجراءات بناء الكنائس وترميم المتهالك منها، كما دعم إصلاحات كبيرة لتعزيز حقوق المرأة ودورها فى المجتمع. وعلى المستوى الإدارى زادت «الرقمنة» فى المؤسسات الحكومية من التعامل مع طلبات، كانت تظل حبيسة الرفوف لفترات طويلة، كما تقلصت مدة الانتظار فى المستشفيات.
وواصلت ثورة 30 يونيو مسيرتها فى البناء والإنجاز بداية من بناء ملايين الوحدات السكنية والمستشفيات والمطارات والأنفاق العملاقة تحت قناة السويس، والموانئ والمصانع الكبرى ونهضة عمرانية لم يسبق لها مثيل، وإطلاق أكبر شبكة طرق وكبارى فى كل أنحاء البلاد، والتوسع فى التعليم وإقامة العديد من الجامعات الجديدة، إضافة للمدن الجديدة وعلى رأسها العلمين والمنصورة وأسيوط وغيرها، إضافة لإقامة تجمعات سكنية حديثة بديلة للعشوائيات، وارتفاع احتياطى النقد الأجنبى، وانخفاض عجز الموازنة وتراجع معدلات البطالة.
تحل علينا ذكرى الثورة لتشهد انتقال مصر من مرحلة تثبيت أركان الدولة، وتعزيز تماسك مؤسساتها واستعادة الاستقرار إلى مرحلة بناء الدولة الحديثة والمشروعات القومية العملاقة، الأمر الذى كان يمثل الهدف الأساسى للرئيس القائد عبدالفتاح السيسى خلال الفترة من 2014/2023.
إن عملية البناء والتنمية مستمرة على قدم وساق حتى نصل إلى مستقبل مشرق، لبناء «الجمهورية الجديدة» القوية، الذى أصبح راسخا فى وجدان الجميع مع تلاحم لم يسبق له مثيل بين الدولة والشعب باعتبارهما أساسا لبقاء واستمرار الدول.
وهذا يقودنا إلى مروجى نظريات المؤامرة، والروايات الأكثر إثارة للصدمة التى ينشرونها، فنظريات المؤامرة لا تعد ظاهرة جديدة، فهى تخطر فى أذهاننا بشكل مستمر منذ 100 عام على الأقل على حد قول جو أوسينسكى، مؤلف كتاب «نظريات المؤامرة الأمريكية».
ولا يوجد ما هو أسوأ من «نظرية المؤامرة» حين تنتشر بين الناس، حيث إنها تعطل العقل والمنطق وتنشر الحقد والكره والإشاعة، وهى نظرية مناقضة لنظرية الفعل، فهى المرض النفسى المزمن الذى لا تستقيم معه إرادة التغيير.
تحولت «نظرية المؤامرة» مع مرور الوقت إلى «أيديولوجيا»، ويعود ذلك لأسباب عديدة منها السياق الزمنى الطويل للهزيمة والانكسار الذاتى والجمعى، الذى أوجد بيئة خصبة للتعايش مع «نظرية المؤامرة» لعقود طويلة من الانتكاسات، فتحولت من أداة تحليل غير علمية إلى عقيدة وأيديولوجيا لدى فئات ليست قليلة من الناس فى المجتمعات المهزومة.
يقف خلف نشر فكر ونظرية المؤامرة بعض الفئات وهم الباحثون عن الشهرة والتكسب لعلمهم بوجود بيئة خصبة وجمهور عريض، والمهزومون داخليا ممن فقدوا الثقة فى كل شىء حولهم، فتمكن منهم الحقد والكره.
وضحايا التصديق بنظريات المؤامرة هم مشابهون إلى حد كبير لصانعيها وناسجيها، وصانعو هذه النظريات وأولئك المصدقون بها، المروّجون لها، هم من ذلك الصنف، الذى لا يملك الحد الأدنى من الاستعداد للبحث الجاد عن الحقائق الموضوعية التى تندرج بالضرورة فى سياق علمى له مناهجه المطردة، والمؤكدة بقوة الإجماع المؤسساتى، وبقوة النتائج الحيوية الموثوقة فى مدى زمنى طويل.