سألنى مذيع تليفزيوني شهير بإحدى المحطات التليفزيونية الأمريكية عن القطعة الأثرية التي أعتبرها أجمل قطعة فنية عثر عليها حتى الآن؟ والقطعة التى أعتبرها لا تقارن بأى عمل فنى آخر؟ وبلا تردد قلت القناع الذهبي للملك توت عنخ آمون".. أما عن سبب كتابة هذا المقال فهو أن المعلق التليفزيونى الإيطالي الشهير ميلا انجلا جاء إلى مصر وألقى على أذنى نفس السؤال وقلت له قابلني في المساء بالمتحف المصرى وهناك وقفنا أمام هذا القناع الفريد الذي يعتبر أروع قطعة فنية بل وأجمل عمل فنى ضمن الأثاث الجنائزى للملك "توت".. وكلما أقف أمام هذا القناع أحس بالذهول يملئ عقلى ويشل تفكيرى حيث وصل إتقان الفنان المصرى القديم إلى درجة الإبداع المتقن وهى درجة يستحيل تخيل الوصول إليها خاصة إذا ما وضعنا فى الاعتبار عامل الزمن أو القدم ومدى دقة وبراعة الفنان المصرى القديم فى التعامل مع الذهب وتطعيمه بالأحجار النصف كريمة وبهذه الدرجة الفنية العالية .. كنت أتحدث إلى مرافقى وعينى معلقة على القناع وعندما التفت وجدت أنجلا واقفاً مذهولاً أيضاً وهو يتأمل القناع ويقول : رأيته" فى العديد من الصور ولم أتصور أنه بهذا الجمال والروعة .. ولم يتحدث بعد ذلك ولكنه طلب منى فجأة أن أحكى له قصة الكشف عن هذا القناع.
ونعود إلى لحظة اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون فى نوفمبر عام 1922 وبعد ثلاث سنوات من العمل داخل المقبرة قام هيوارد كارتر المكتشف بفتح التابوت عام 1925 ووجد أن المومياء داخل ثلاثة توابيت ذهبية وعندما وصل إلى المومياء وجد أن هذا القناع الرائع يغطى وجه الملك بالإضافة إلى 150 قطعة ذهبية داخل وخارج المومياء عبارة عن تمائم وحلى.. وحاول كارتر نزع القناع ولم يتمكن رغم أنه وضع المومياء تحت الشمس لفترة طويلة إلا أن المومياء ظلت ملتصقة بالقناع وصندوق التابوت الداخلى لأن الفراعنة غطوا المومياء بمادة صمغية غريبة لا نعرف حتى الآن لماذا تم ذلك بمومياء الملك "توت" فقط ولم يحدث ذلك مع مومياء أخرى.. وقام هيوارد كارتر بإحضار آلات حادة مثل السكاكين وبعد تعريضها للنار قام بنزع القناع وعرض المومياء لتلف .شديد هنا كان المذيع الإيطالي ينصت إلى طالباً المزيد وبدأت بالفعل بوصف القناع الذي يمثل رأس الملك "توت" مرتدياً غطاء الرأس الملكي المعروف باسم "النمس" المزخرف بخطوط عرضية من الذهب واللازورد وكذلك اللحية المعقوفة والتي نفذت بشكل رائع ومذهل من الذهب وعجائن الزجاج. وفوق رأس الملك نجد كلاً من رمزى قطرى مصر الشمالي والجنوبي، الإلهتان "وادجت" و "نخبت" وكلاهما من الذهب الخالص. وعلى الصدر يوجد قلادة واسعة مكونة من 12 صف من القطع الصغيرة المغطاة بالعديد من الأحجار النصف كريمة وطرفيها مشكل على هيئة الصقر. أما العينين فيبدوا وكأنهما عينين حقيقتين على الرغم من أنهما من الكوارتز الأبيض وسواد العين من حجر الأوبسديان الأسود والعيون والحواجب محددة باللازورد. أما عن سر هذا القناع فإنه كلما نظرت إلى عينى الملك أشعر وكأني أنظر إلى حضارة عاشت آلاف السنين وشعب ملئ الأرض سعياً وبناء وأحس وكأننى أسمعهم وهم يعملون....
مند عدة اشهر جاء الي مصر مذيعة يابانية عمرها 13 سنه ونقدم برنامج اسبوعي بالتليفزيون الياباني و جاءت الي مصر وطلبت آن تقابليني وتشاهد معى قناع الملك توت عنخ امون وقد شاهدت الانبهار الموجود على وجهها حتى أنه ظلت واقفة امام القناع نصف ساعة لا تتكلم ... هذا هو سحر القناع الذهبي.