لابد أن نحتفل ونهنئ ونبارك بعضنا البعض ونفرح بما حققناه في مثل هذه الأيام منذ 11 عاما. فما حققناه كان زلزالا سياسيا غير مسبوق وحدثا تاريخيا مهولا جاء على عكس ما تم التخطيط له لمصر و للمنطقة العربية برمتها أو ما تبقى منها من دول وجيوش وطنية.
الملايين التي خرجت في الشوارع أربكت حسابات كل من كانت له مآرب خبيثة ومخططات شيطانية لإتمام نظرية " الفوضى الخلاقة" التي جرفت في طريقها دول وجيوش وطنية كبرى في سوريا والعراق واليمن وليبيا ثم السودان وأغرقتها في مستنقع الفوضى والدمار والخراب الفوضى ومازالت تعاني منها حتى الآن...وكانت الجائزة الكبرى في هذا المخطط الشيطاني هي مصر وأمنها واستقراراها وجيشها الوطني.
جاء طوفان الغضب والثورة في 30 يونيو لما لا يشتهى كل الحالمين والطامعين والواهمين وهم كثر وسقطت وتحطمت الأوهام على جدار ثورة الشعب وارادته التي ساندها الجيش الباسل. لم تنجح حيلة " حصان طروادة " الاخواني الذي استولى في غفلة من الزمن على حكم مصر بالوعيد والتهديد بالحرق والتدمير وأردوا أن يكون " المطية" التي يعتلوها لإغراق مصر في براثن الفوضى والضياع وتنفيذ مخططات التقسيم والتهجير والتوطين فوق الأراضي المصرية والاجهاز على القضية الفلسطينية والقضاء على الجيش المصري واستبداله بمليشيات مرتزقة فوق الأراضي المصرية لتصبح مصر ملجأ موطن لكافة التنظيمات الإرهابية وفريسة لكل طامع في أراضيها.
30 يونيو لم تكن مجرد ثورة مصرية لتصحيح المسار وإنقاذ الهوية الوطنية والحضارية والحافظ على الدولة الوطنية المصرية من أحضان التيارات الظلامية وعباءة جماعة الاخوان الإرهابية، وانما ثورة عربية وعالمية أنقذت النظام الإقليمي العربي- او ما تبقى منه- وخاصة دول الخليج من المخطط التأمري لإعادة تقسيم المنطقة والاستيلاء على مواردها وثرواتها لصالح مشروع واحد تسانده دول كبرى.
كان – ومازال- من دفع الثمن وتحمل تبعات ما قام به المصريون في الثلاثين من يونيو هو المنتظر. وأظن أنه ليس هناك عاقل من كان يتوقع أن ينسى كل غضب المتآمرين والطامعين والواهمين من أعداء الداخل والخارج " زلزال وصفعة 30 يونيو" ، وتداعياته وآثاره العنيفة عليهم. فقد انهار حلم الدولة الاخوانية التي حلموا بها أكثر من 80 عاما. وانهارت أوهام الخلافة الجديدة. وارتبكت حسبة إعادة تخطيط المنطقة من جديد وتعرقل حلم المشروع الصهيوني لكي يبقى المشروع الوحيد الباقي والمهيمن على المنطقة واستفاقت دول إقليمية من وهم وراثة الدور المصري في المنطقة.
فهل كان من المنطقي أن ينسى كل هؤلاء ما حدث في 30 يونيو وما بعدها. بالتأكيد كان لا بد من دفع ثمن الثورة واستعادة الدولة. فكانت البداية مع والإرهاب في سيناء ومناطق متفرقة من مصر حتى استطاع الجيش المصري من القضاء على الإرهاب في سيناء وبدء أضخم مشروع للتنمية الاقتصادية فيوق أرض الفيروز. معاقبة المصريين بقيادتها الوطنية استمرت- ومازالت مستمرة- بإشعال حدودها وجعلها تعيش وسط طوق من النار. أو كما قال الرئيس السيسي في خطابه اليوم في مناسبة ذكرى الثورة" فان مصر تنعم بالاستقرار في محيط إقليمي مضطرب" ولا يمكن استبعاد فرضية أن ما يحدث بفعل فاعل لحصار مصر وتصدير الأزمات والمشكلات الى داخلها.
فالأوضاع في ليبيا لم تستقر والسودان اشتعلت فيه نيران الفوضى والحرب الأهلية والعدوان الإسرائيلي على غزة والضغط على مصر لقبول التهجير القسري للشعب الفلسطيني مازال مستمرا ومحاولة اشعال جبهة لبنان مازال في الحسبان وما يحدث في مياه البحر المتوسط ليس خافيا على أحد ويخفي أسرارا لم يحن الوقت للكشف عنها وما يجري في جنوب البحر الأحمر وتأثيره على قناة السويس التي تمثل أحد أهم مصادر العملة الصعبة للاقتصاد المصري.
العقاب ودفع الثمن تدركه وتعرف أبعاده جيدا القيادة المصرية، فالحرب الاقتصادية وتصدير الأزمات الى مصر بالتأثير على أهم مصادرها للدخل القومي مثل السياحة وقناة السويس والغاز هو ما تحاول قوى الشر عمله للانتقام من مصر وشعبها على ما قاموا به في الثلاثين من يونيو. لن يتركوا مصر تحقق مشروعها وحلمها في بناء دولة وطنية قوية ونهضة تنموية كبرى
فثورة يونيو هي ثورة انقاذ وطن وإنجاز نهضته الوطنية الكبرى ومواجهه تحدياته الكبرى التي نعيشها الآن.
وليس مطلوبا من الشعب المصري في هذه المرحلة التاريخية الفارقة التي مازلنا نعيشها أن يعي كل ما يخطط له لتدميره أولا من الداخل باحباطه وإشاعة روح الياس واحداث فجوة من عدم الثقة بينه وبين قيادته ثم محاولة الضغط عليه من الخارج. علينا أن ندرك أن كل ذلك ليس جديدا على مصر وشعبها في مراحل تاريخي…