اتخذت مصر خلال السنوات القليلة الماضية خطوات حيوية جادة نحو تحقيق الأمن الغذائي والتنمية المستدامة، من خلال؛ تبني التقنيات الحديثة في الري والزراعة، وإطلاق المشاريع الكبرى لاستصلاح الأراضي، والسعي للاستغلال الأمثل للموارد المحدودة المتاحة؛ سعيًا في تحقيق إنجازات زراعية كبيرة تعود بالنفع على الأجيال الحالية والقادمة.
فجوة غذائية
وتواجه مشروعات الاستصلاح الزراعي –بوجه عام -تحديات جمة، أبرزها ندرة المياه والتي نعد التحدي الرئيس أمام الدولة المصرية، فتعاني من الدولة من ثبات حصة مورد المياه الرئيس –نهر النيل وهو مصدر عابر للحدود- والمقدر بنحو 55.5 مليار متر مكعب سنويًا، وفقا لاتفاقية تقسيم المياه عام 1959، هذا بخلاف تصاعد حجم المطلوب من الموارد المائية، نتيجة الزيادة المطردة للسكان، وهو الأمر نفسه الذي يخلق تحديات غير مسبوقة على الاحتياجات الغذائية، وخلق ضرورة ماسة لاستصلاح الأراضي الصحراوية، لتعويض الفجوة الغذائية المتزايدة.
وترجع أسباب الفجوة الغذائية لأسباب عدة بعضها ديموجرافية واقتصادية، أو بيئية وأخرى تكنولوجية. فقد أدى النمو المتسارع للسكان على مدى العقود الماضية إلى تزايد الطلب على الغذاء، بصورة يصعب على الإنتاج المحلي مواكبته، خاصة مع محدودية الأراضي الخصبة الصالحة للزراعة، بل تراجع مساحتها خلال فترات متفرقة من عمر الدولة المصرية نتيجة التوسع العمراني العشوائي الذي أدى إلى تحويل الأراضي الزراعية الخصبة إلى مناطق سكنية وصناعية، هذا بالإضافة إلى العوامل الطبيعية المؤثرة على خصوبة الأراضي الزراعية كالتصحر وتغير المناخ والتلوث بسبب الاستخدام المكثف للمواد الكيميائية الزراعية والممارسات الزراعية غير المستدامة، كالاعتماد على نظم الري التقليدية التي تستهلك كميات كبيرة من المياه، في ظل معاناة مصر من الفقر المائي، فقطاع الزراعة هو المستهلك الأكبر للمياه بنحو 76% عام 2019. ووصلت جملة المساحة المحصولية في مصر إلى 16.2 مليون فدان في عام 2019/2018 ً وفقا للبيانات الرسمية للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
ويُعد مشروع توشكى الزراعي مثالًا على الجهود الطموحة التي تبذلها مصر لتحقيق التنمية الزراعية والاستدامة البيئية وضمان الأمن الغذائي للمواطنين. من خلال استصلاح الصحراء وتحويلها إلى أراضٍ زراعية منتجة، حيث يسهم المشروع في تحقيق الأهداف الوطنية للأمن الغذائي والتنمية الاقتصادية، ويعد المشروع واحد ضمن أبرز المشاريع الزراعية الكبرى في مصر، والذي يهدف إلى تحويل الصحراء إلى أراضٍ زراعية منتجة، مساهمًا في تحقيق الأمن الغذائي وتعزيز الاقتصاد الوطني.
ونجحت الدولة في إعادة إحياء المشروع خلال السنوات القليلة الماضية من خلال إستكمال إنشاء البنية التحتية للمرحلتين الأولى والثانية للمشروع والتغلب علي كافة المعوقات، فتم استخدام ما لا يقل عن 8 آلاف طن من المفرقات للتغلب على الحائط الجرانيتي وإجراء أعمال التسوية وتم إنشاء عدد من الترع والطرق الرئيسية والفرعية، ومن أهم مشروعات البنية الأساسية التي تم تنفيذها أعمال الكهرباء لتغذية محطات الطلمبات وأجهزة الري المحوري، فضلا عن إنشاء محطتي رفع مياه عملاقة رئيسية تضم 22 مجموعة رفع بإجمالي طاقات 11 مليون و300 ألف متر مكعب/يوم، ويتم التشغيل باستخدام منظومة المراقبة والتحكم عن بعد سكادا، كما تم إنشاء عدد 132 محطة فرعية ومساعدة.