بعد تكليف الرئيس عبدالفتاح السيسى، للدكتور مصطفى مدبولى، بتشكيل الحكومة الجديدة، هناك توقعات ومؤشرات تم رسمها خلال الفترة الماضية خاصة بعد أن أقسم الرئيس اليمين الدستورية لفترة رئاسية جديدة، كانت هناك توقعات ونقاشات حول وجود تعديلات وزارية أو تغيير مرتقب للحكومة والمحافظين، لكن التحديات الخاصة بالحرب على غزة أخذت اهتماما وتركيزا من قبل الدولة، وطبيعى أن مصر دولة مؤسسات تدير ملفاتها بأشكال متوازية ومتقاطعة، وتتعامل مع كل الملفات فى وقت واحد.
وتقوم الحكومة الحالية بتسيير الأعمال لحين انتهاء رئيس مجلس الوزراء المكلف الدكتور مصطفى مدبولى، من تشكيل الحكومة الجديدة واعتمادها من رئيس الجمهورية وعرضها على مجلس النواب للحصول على ثقة الأغلبية حتى تتمكن من أداء عملها بعد حلف اليمين أمام رئيس الجمهورية.
حكومة الدكتور مصطفى مدبولى بدأت منذ عام 2018، خلال الفترة الانتخابية الثانية للرئيس السيسى، وأجرى تعديلات عدة على التشكيل الوزارى، آخرها فى 2022، وتولى مدبولى خلفا للدكتور شريف إسماعيل الذى ترأس الحكومة فى مرحلة شديدة الدقة، وأنجز الإصلاح الاقتصادى، بشكل محترف، ثم تولى الدكتور مدبولى الحكومة وأنجزت الحكومة إنشاء البنية الأساسية للطرق والنقل والمدن، ومراحل من التأمين الصحى الشامل، وواجهت تحديات صعبة تركزت فى فيروس كورونا لعامين، ثم الحرب الروسية الأوكرانية وانعكاساتها على الاقتصاد العالمى وأسعار الغذاء والطاقة، ما تطلب تعديلات فى برامج العمل، ومع هذا تم التحرك فى برامج حياة كريمة، وباقى المهام.
المرحلة القادمة تتطلب خطوات أخرى لعل أهمها السير باتجاه إتمام التأمين الصحى الشامل والتعليم والدعم، وتوطين الصناعة وتوسيع مشاركة القطاع الخاص فى الاقتصاد، مع توسيع الشفافية والمشاركة والحوار العام وإتاحة المعلومات بشفافية للمواطنين، خاصة فيما يتعلق بشرح أسباب وتفاصيل السياسات بجانب التعامل مع تحديات الأمن القومى والسياسة الخارجية.
ومع هذا فقد كانت توجيهات الرئيس للحكومة باستمرار الحوارات المجتمعية والحوار الوطنى، وأيضا التفاعل مع مطالب المواطنين، وفى كلمته أمام مجلس النواب بعد حلف اليمين حدد الرئيس فى كلمة موجزة برنامج العمل الذى يمثل خطوطا تعمل عليها الحكومة فى طريق بناء دولة ديمقراطية حديثة متقدمة فى العلوم والصناعة والعمران، والزراعة، والآداب والفنون، واعتبار أمن مصر وسلامة شعبها، أولوية وفوق كل اعتبار، وأن تماسك الكتلة الوطنية ووحدة الشعب هما الضامن للوصول إلى البناء وتحقيق المطالب والأحلام.
الرئيس السيسى أكد فى كلمته بعد التنصيب استكمال وتعميق الحوار الوطنى، وتنفيذ التوصيات التى يتم التوافق عليها على الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها فى إطار تعزيز دعائم المشاركة السياسية والديمقراطية، خاصة للشباب، واقتصاديا تبنى استراتيجيات تعظم من قدرات وموارد مصر الاقتصادية، وتعزز من صلابة ومرونة الاقتصاد فى مواجهة الأزمات مع تحقيق نمو اقتصادى قوى ومستدام ومتوازن، وتعزيز دور القطاع الخاص كشريك أساسى فى قيادة التنمية، والتركيز على قطاعات الزراعة، والصناعة، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والسياحة، وزيادة مساهمتها فى الناتج المحلى، وزيادة مساحة الرقعة الزراعية، وجذب المزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية، لتوفير ملايين من فرص العمل، وإعطاء الأولوية لبرامج التصنيع المحلى، لزيادة الصادرات ومتحصلات مصر من النقد الأجنبى.
كما جدد الرئيس التأكيد على تبنى إصلاح مؤسسى شامل يهدف إلى ضمان الانضباط المالى وتحقيق الحوكمة، وترشيد الإنفاق العام، وزيادة جودة التعليم والبرامج والمبادرات، الرامية إلى الارتقاء بالصحة واستكمال مراحل مشروع التأمين الصحى الشامل.
ونظن أن هذه الخطوط مهمة للحكومة الجديدة، بجانب الحرص على دعم شبكات الأمان الاجتماعى وزيادة نسبة الإنفاق على الحماية الاجتماعية وزيادة مخصصات برنامج الدعم النقدى «تكافل وكرامة» وإنجاز كامل لمراحل مبادرة «حياة كريمة»، بما يحقق إعادة بناء وتقديم كل الخدمات لأكثر من نصف المصريين فى الريف بقراه والعزب والتوابع، مع الاستمرار فى تنفيذ المخطط الاستراتيجى للتنمية العمرانية واستكمال إنشاء المدن الجديدة من الجيل الرابع وتطوير المناطق غير المخططة، واستكمال برنامج «سكن لكل المصريين»، الذى يستهدف الشباب والأسر محدودة الدخل، ويعالج قضية حيوية ترتبط بمستقبل المصريين وتعالج أى تفاوت فى أسعار المساكن لملايين المصريين.
كل هذا مع أهمية أن يكون الوزراء أكثر قدرة على التعامل بشفافية وتفاعل وتقبل لآراء ومطالب المواطنين، وتخفيض البيروقراطية وتوسيع التكنولوجيا وقواعد المعلومات.
ومن المهم كما وجه الرئيس مؤخرا أن تنفتح الحكومة على الإعلام والمواطنين وتشرح وتوضح كيفية إدارة السياسات الاقتصادية، بشكل يضع المواطن فى الصورة.
الرئيس دعا لحوار وطنى قبل عامين، يتضمن المصارحة والتفهم، لأن ما تحقق هو إنجاز للمصريين وأبنائهم، وعليهم الحوار حوله بناء على معرفة ورؤية، وهى ليست المرة الأولى التى يدعو فيها الرئيس لاطلاع المواطنين والشباب على ما يجرى فى ممرات تنمية تمتد بكل الاتجاهات.
وقد تداخل الحوار مع قضايا الأمن القومى ويقدم توصيات للتوازن بين ضرورات تفهم الأمن القومى والتفاعل مع المواطنين.