إن ما تمر به البلاد من أزمات، وما يحدق بها من تحديات، وما يحيط بها من تهديدات، وما يعاني منه المواطن من نصب حياة، يجعل المصريون أكثر تضافرًا وتماسكًا واصطفافًا خلف وطنهم لحماية أمنه، وبقائه مستقرًا وسط لهيب وعواصف الحروب والنزاعات، التي تزداد وطأتها يومًا تلو يوم، وتلك اللحمة التي يشاهدها العالم بأسره دلالتها قوة النسيج المصري الذي يقوى بقيم هذا المجتمع النبيل؛ حيث إن الولاء والانتماء وعشق تراب الوطن شعار أجياله المتعاقبة.
والناظر للمائدة المصرية يجد أنها تتناول هموم الوطن وتحرص بشكل مستدام على طرح الرؤى والأطروحات التي من شأنها تُسهم في حل القضايا وإن كانت شائكة، أو معقدة، أو تشكل معوقًا من معوقات التنمية في مجالاتها المختلفة، ونرى أن كافة وجهات النظر وما يتم تداوله على الساحة المصرية عبر وسائل التواصل، أو من خلال المنتديات المباشرة سواءً أكانت منظمة أم غير منظمة، تصب جميعها في بوتقة الصالح العام؛ فلا مزايدة حول الإجماع في حب الوطن.
لقد شاهد العالم قاطبة صورة اصطفاف الشعب خلف دولته وقيادته عندما يُهدد أمنه القومي؛ فدعم الوطن بات أمرًا قطعيًا من كافة فئات وأطياف المجتمع، وقد عايشنا منذ وقت قريب تعزيز ودعم الإجراءات التي تتخذها القيادة السياسية بشأن حماية الأمن القومي المصري بجهاته الأربعة، وما يتخذ من قرارات حيال الحفاظ على الحق الفلسطيني ودعم قضيته؛ حيث إن الوعي المصري أضحى عميقًا ومتجذرًا تجاه خطورة التفريط في قضية الأمة والتي أطلق عليها السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي أم القضايا.
وفقه الشعب المصري العظيم للملف الاقتصادي على المستويين المحلي والعالمي جعل الدولة وإدارتها ماضية في مسار النهضة واستكمال الإنجازات التي من شأنها تحقق الحياة الكريمة للمواطن، وتضمن مستقبل الأجيال القادمة، من خلال تنمية مستدامة بشتى ربوع الوطن، وفي سائر المجالات، وفي مقدمتها تعظيم وتوطين الصناعات بأنواعها المختلفة؛ فعليها يعول الأمن في دعم كافة القطاعات الخدمية التي تصب في المصلحة العامة.
وقد تغيرت الفلسفة القديمة في إدارة شئون الدول؛ فصارت الشراكة بين الحكومة والشعب في إطارها الصحيح؛ حيث تحمل المسئولية بشكل جماعي تجاه تحقيق غايات الدولة الكبرى؛ فصار المبدأ الرئيس قائم على الشفافية؛ فلا غرف مغلقة، ولا قرارات تؤخذ بليل؛ فالحوار الوطني شعار المرحلة، وما يرتئيه العقل الجمعي قابلًا للتنفيذ محل احترام واهتمام ومتابعة، ومن ثم يصنع ويتخذ القرار بعد دراسة تشاركية تلبي الاحتياجات وتراعي الصالح العام.
وأضحى ما يشغل الرأي العام محور اهتمام الدولة وقيادتها؛ ففلك المسيرة تجاه الحاضر والمستقبل تحت المظلة المصرية، ومن ثم أصبح الاهتمام الأول بتوفير الرعاية الأساسية لمستحقيها عبر آليات مبتكرة يتخللها الشراكة المجتمعية والدعم الرسمي الذي يضمن الحفاظ على كرامة المعيشة وفق مسئوليات كفلها الدستور، وترجمتها ممارسات قيادة الدولة وحكومتها، والأمثلة في هذا الشأن لا حصر لها؛ فهناك المسكن اللائق والطريق الآمن والخدمات الأساسية من صحية وتعليمية أضحت مناسبة.
إننا نحن المصريون نؤكد للعالم أجمع أن أمننا القومي نحميه ممن يحاولون خلق لهيب صراعات ونزاعات في المنطقة بأسرها، وأننا خلف قيادتنا السياسية ودعم موقفها المشرف حيال القضية الفلسطينية، وأنه لن يثنينا صعوبات اقتصادية، أو معيشية في سبيل نصرة بلادنا ونهضتها ورفعة شأنها وتثبيت أركان أمنها واستقرارها؛ فتلك نعم تسبق جميع ما يكابد الإنسان من أجله.
لن نقبل الضيم ولن نتقبل العوز لكائن من كان، وسنجتهد فيما يحقق غاياتنا المشروعة من تحقيق اكتفاء ذاتي، وسننهض ببلادنا ما حيينا؛ فهي تستحق ما نقدمه من أجل بقائها وحريتها ورقيها وتقدمها بين مصاف الدول، وندرك أن البناء له فاتورة مسبقة الدفع، وعلى قناعة بأن أصحاب الهوى والمأرب لا يرضيهم نهضة الدولة وازدهارها، ويبثون الأكاذيب والفتن - ليل نهار- عبر أبواقهم الممولة موظفين رسائل خبيثة تستهدف بوضوح إسقاط الدولة من خلال تفكيك نسيجها وإضعاف لحمتها.
مهما بلغت التهديدات والتحديات والمخاطر فنحن من خلف الدولة وقيادتها داعمون، ومرارًا وتكرارًا نقول إن الجبهة الداخلية المصرية متماسكة وستظل في حالة اصطفاف دائم، ولن تفتر عزيمتها، أو تضعف إرادتها تجاه استكمال مسيرة العزة والشموخ.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.
حفظ الله وطننا الغالي وقيادته السياسية الرشيدة أبدَ الدهر