السقوط السياسي والانهيار الأخلاقي يلاحق إسرائيل منذ السابع من أكتوبر وحتى الآن، فالفشل العسكري ليس هو العار وحده الذي يطارد دولة الكيان، لكن العار الثلاثي هو الذي يلاحقها ويطاردها بداية من ثورة الرأي العام العالمي في أوروبا وفي داخل الولايات المتحدة الأمريكية ضد عدوانها الوحشي على الشعب الفلسطيني في غزة، ثم قرارات الأمم المتحدة بالاعتراف بدولة فلسطين وقرارات مجلس الأمن التي أدانت الهمجية الصهيونية ولم تعارضها سوى الحليف الأكبر والراعي الرسمي والتاريخي لإسرائيل وهي الولايات المتحدة.
السقوط السياسي لإسرائيل عالميا تداعى مثل قطع الدومينو مع قيام عدة دول في أفريقيا وأمريكا اللاتينية بقطع العلاقات الدبلوماسية مع تل أبيب واعتراف دول أوروبية مهمة بدولة فلسطين ثم قرار المحكمة الجنائية الدولية بإدانة إسرائيل وإصدار مطالبات باعتقال بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء ووزير الدفاع جانيتس.
الخسائر والسقوط السياسي والأخلاقي استمر مع اعلان الأمم المتحدة وأمينها العام أنطونيو جوتيريش بادراج إسرائيل- أو بالأدق جيش الاحتلال الإسرائيلي- في ما يسمى دوليا بـ"قائمة العار" والمتعلقة بعدم احترام حقوق الأطفال وقتلهم في الحروب والنزاعات .
القرار الذي سيصدر تقريرا به يوم 18 يونيو الجاري يعني نزع قناع الأكاذيب الذي تمسكت به إسرائيل وارتداه جيشها طوال سنوات طويلة لترويج أوهام " الجيش الديمقراطي والدولة الديمقراطية" وإدراجه ضمن جيوش 66 دولة ومنظمة إرهابية مثل " داعش" والقاعدة " و"بوكو حرام"في قائمة العار الدولية التي تلاحق تلك المنظمات الإرهابية والجيوش المتهمة بقتل الأطفال وعدم احترام حقوقهم خلال الحروب والنزاعات.
والقائمة يرفقها الأمين العام للأمم المتحدة، ملحقةً مع تقريره حول الأطفال في مناطق النزاع، وتركز بشكل أساسي على المتورطين في انتهاكات ضد الأطفال بمناطق النزاع، بما يشمل قتلهم وتشويههم وتجنيدهم واستغلالهم جنسياً، وتصدر القائمة بشكل سنوي، بناء على طلب من مجلس الأمن الدولي، ويسري القرار لمدة 4 سنوات، و"قائمة العار" المقرر صدوره سيحتوي على أسماء جهات ودول وجيوش متهمة بارتكاب انتهاكات بحق أطفال في النزاعات، بما في ذلك قتلهم أو تشويههم أو تجنيدهم أو اختطافهم أو ارتكاب أعمال عنف جنسي بحقهم. والمفترض أن يدخل القرار حيّز التنفيذ رسمياً بحلول نهاية يونيو الجاري.
ودخول القرار حيز التنفيذ لا يعني أن هناك عقوبات مباشرة على الدول المدرجة، لكنه يأتي في سياق مهم للأحداث، حيث يأتي إدراج إسرائيل في «القائمة السوداء» مع إشارات وقرارات رمزية مهمة وغير مسبوقة بحق إسرائيل في الأسابيع الأخيرة، أبرزها قرار محكمة العدل الدولية، بعد رفع جنوب أفريقيا في 11 يناير الماضي دعوى قضائية على إسرائيل، بتهمة ارتكابها إبادة جماعية في غزة. وينسف قرار الادراج مزاعم نتنياهو بأن «الجيش الإسرائيلي هو الجيش الأكثر أخلاقية في العالم»...!" ويشكل دعما للقضايا التي رفعتها جنوب أفريقيا وإسبانيا في قضية الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين . وقد يشجع قرار " قائمة العار" دولا أخرى تتخذ إجراءات وتغير مسارها الدبلوماسي في التعامل مع إسرائيل، أو في فرض عقوبات رمزية، أو بعدم دعم إسرائيل على الصعيد الدولي.
فقائمة العار، تمثل أسوأ تصنيف ضمن التقارير التي تصدرها الأمم المتحدة، وإضافة إسرائيل لها يمثل اعترافا أمميا هاما للغاية حول بشاعة قتل إسرائيل للأطفال الفلسطينيين.
صدور القرارات والادانات المتوالية ضد الهمجية الإسرائيلية وحرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني بالتأكيد لن يؤدي الى منع إسرائيل والتوقف عن عدوانها طالما أن هناك طرف معين يقوم بحمايتها دون الامتثال للقانون الدولي والخضوع للمحاسبة، لكنه السقوط السياسي والأخلاقي الذي خدعت به إسرائيل الكثير من دول العالم ووضعت إسرائيل والولايات المتحدة في خانة العار. فقتل الأطفال والنساء في غزة يتم عبر الأسلحة والذخائر الأمريكية.
وعلى الرغم أن القرار يشمل أيضا حركتي «حماس» و«الجهاد الإسلامي»، إلا أن لاقى ترحيبا من الفصائل الفلسطينية واعتبرته خطوة في الاتّجاه الصحيح نحو إنهاء ثقافة ازدواجية المعايير والإفلات من العقاب، فإسرائيل أفلتت من العقاب والمحاسبة على جرائمها ضدّ الأطفال الفلسطينيين لعقود طويلة، ما جعلها تتمادى في استهداف أطفالنا وإلحاق الضرر بهم- كما جاء على لسان مندوب فلسطين في الأمم المتحدة-
عموما لا ننتظر أن تمتثل إسرائيل لأية قرارات لكن النتائج السياسية والدبلوماسية والأخلاقية وسقوط المزاعم والأكاذيب الإسرائيلية طوال 50 عاما هي الأهم على الأقل في المرحلة الحالية والى حين يأتي يوما يحتفل فيه الشعب الفلسطيني بدولته الكاملة وهو اليوم الذي تنتقل فيه إسرائيل من مصيدة العار الى مصيدة المحاكمة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة