منذ إعلان حركة المحافظين ونوابهم هناك بالفعل حركة نشطة لبعض المحافظين فى جولات بالمحافظات، والمدن والأحياء، وضبط بعض المخالفات والمتابعة للرقابة على الأسواق، وكل هذا يشير إلى رغبة لدى المحافظين فى إظهار النشاط والجدارة بمناصبهم الجديدة، لكن العبرة غالبا فى الاستمرارية وفى مدى قدرة المحافظين على إدارة شؤون محافظاتهم من خلال نظام إدارى وتوزيع أدوار وتشغيل رؤساء الأحياء والمدن والقرى بما يساهم فى إزالة العراقيل وتلبية مطالب المواطنين، وقد جرت العادة أن يبدأ بعض المحافظين عملهم بجولات ونشاط بهدف التصوير، ومع الوقت يدخل العمل فى إطار الاعتياد، بينما يستمر بعض المحافظين فى العمل طوال فترة توليهم مناصبهم، خاصة هؤلاء الذين يعملون من خلال فريق وليس بشكل فردى، والفريق يعنى رؤساء المدن أو الأحياء والقرى، ونواب المحافظين، مع وجود آلية ونظام للعمل.
ويعقد رئيس الوزراء اليوم أول اجتماع مع مجلس المحافظين بكامل تشكيله، وهى سنة مستمرة حيث ينعقد مجلس المحافظين بشكل دورى، لتحديد المهام العاجلة لدى المحافظين وخطوط العمل فى المرحلة القادمة.
تعتبر حركة المحافظين الأخيرة هى الأكبر، لأنها شملت 21 محافظا جديدا، يمثلون أغلب محافظات مصر، بالإضافة إلى 32 نائبا ونائبة للمحافظين فى تجربة ثبت نجاحها مع المحافظين والوزراء، وفى خلق صفوف ثانية وثالثة للمهام المحلية، بحيث يحصل الشباب النواب على فرصة لجمع خبرات والتعلم والاحتكاك مع المواطنين للتعامل بشكل عملي مع قضايا المحليات، وهي أفضل طريقة لإنتاج كوادر من شباب متعلمين جيدا، وتم تدريبهم على الإدارة والعمل العام بشكل حديث، ومنهم أكاديميون معيدون أو مدرسون بالجامعات، أو مهندسون ومحامون وأطباء من خريجى البرنامج الرئاسى للتدريب، وهى تجربة تتبلور نتائجها لتمثل روافد للإدارة، من فئات وخبرات جديدة.
وبعض النواب الذين تم تعيينهم سابقا أصبحوا محافظين، خاصة منهم من نجحوا فى مزج ما تعلموه من البرنامج الرئاسى، مع خبرات المحليات، وهى منطقة معقدة وتعانى من تراكمات عقود من الإهمال والترهل، ونحن نعرف أن حل نصف مشكلات مصر فى المحليات، وربما أكثر من النصف بكثير، ولا يفترض أن يظل الأداء الإدارى الحكومى عموما، والمحلى على وجه الخصوص، متأخرا، بينما نتحدث عن تطوير إدارى يتعامل بسرعة وكفاءة مع مشكلات المحليات التى تمثل أهم وأكثر مطالب الجمهور.
ثم إن حل مشكلات المحليات يرفع كثيرا من الأعباء عن الحكومة والبرلمان، فأغلب هموم ومشكلات الناس فى المحافظات والمدن والقرى تصل إلى العاصمة، لأنها لا تجد حلا فى مكانها بالرغم من أن أغلب مشكلات الناس تتعلق بطلبات علاج أو نقل أو خدمات أو تراخيص، وهى من صميم عمل المحليات، التي تعانى من ترهل وجمود وأحيانا فساد يعطل كل شىء، خاصة مع استمرار غياب المجالس الشعبية المحلية وهناك أمل أن يتم تنفيذ توصيات الحوار الوطنى فيما يتعلق بهذه النقطة، بما يسهل تولى مجلس محلية إدارة الأمور فى المدن والأحياء والقرى.
وفى حال الانتهاء من قانون الحكم المحلى الجديد، وإجراء انتخابات المجالس الشعبية المحلية، حتى يمكن أن تكتمل الصورة، لكن يظل الأمر مرتبطا بشكل كبير بأداء المحافظ ورئيس الحى والمدينة والقرية، يتفاوت الأداء بين رئيس حى يعمل، وآخر لا يعمل ويترك الفوضى من حوله، ومشكلات المحليات النظافة والتنظيم والإشغالات واحتلال الطرق بجانب المرور والتراخيص بجانب تركيز العمل فى الشوارع الرئيسية وإهمال الشوارع الجانبية، بسبب غياب رؤساء الأحياء، والفساد والمخالفات الظاهرة، وأكثر من مرة وجه الرئيس السيسى الحكومة والمحافظين إلى تطبيق القانون ورفع المخالفات والإشغالات وإزالتها واستعادة حق الدولة.
وهى أهداف تتطلب وجود طريقة جديدة في الإدارة تعتمد على التواصل وتوظيف التكنولوجيا، وأن تكون الجولات الميدانية للمحافظين ونوابهم ورؤساء المدن، بهدف معالجة المشكلات المزمنة، وبالطبع فإن جزءا من هذه المهام يتعلق بدور وزارة التنمية المحلية والحكومة والتشريعات التى تنهى التشابكات وتسهل تطوير العمل الإدارى.