الكذب ليس حالة استثنائية داخل جماعة الإخوان المسلمين، وليست مرتبطِة بتاريخ التنظيم الحديث ولا ممارسته السياسية، ولكنه مرتبط بمراحل نشأة التنظيم وبمؤسسة الأول حسن البنا قبل مائة عام.
حسن البنا كان مُخادعًا ولم يكن صريحًا في طرح أفكاره ولا في ممارساته السياسية، والأدل على ذلك أنه رفض إطلاع أتباعه وأنصارة عن نوايا التنظيم في مراحل النشأة الأولى.
وكان ذلك واضحًا في رسالة المؤتمر الخامس في العام 1938 والتي كانت صادمة لكثير من الأتباع والأنصار، كما أنها كانت كاشفة عن حقيقة التنظيم وحقيقة مؤسسة المراوغ، حيث حول مسار الجماعة بصورة كاملة.
قرر حسن البنا في المؤتمر الخامس أنّ يُدخل تنظيمة ابن العشر سنوات غمار السياسة، كما قرر في نفس هذا المؤتمر استخدام العنف، فأنشأ جناحًا عسكريًا للجماعة أًطلق عليه وقتها النظام الخامس، ويبدو الكذب هنا واضحًا في أنه لم يُعلن نيته العمل السياسي ولا ممارسة العنف حتى أطمئن لانضمام عدد كبير من النّاس للجماعة الدعوية التي أنشأها في هذا التوقيت.
حسن البنا كان كذوبًا في الإعلان عن أهدافه وأهداف تنظيمه والتي أجلها حتى يطمئن لانضمام أكبر عدد لتنظيمه الوليد، ولم يكشف عنها إلا بعد مرور 10 سنوات كاملة من نشأة التنظيم، وهنا نقله إلى مربع العمل السياسي والعنف معًا وبصورة مفاجأة.
وهنا تحولت الجماعة من كونها دعوية إلى جماعة سياسية وعنيفه، وبالتالي تورط الأنصار والأتباع والحواريين الذين أعلنوا مبايعتهم للتنظيم في هذا التوقيت، واعتقد أنّ المؤسس الأول كان ينوي منذ اللحظة الأولى لنشأة التنظيم ممارسة العمل السياسي العنيف ولكنه كذب على أنصاره حتى ورطهم!
ورث مرشدو الإخوان الكذب من المؤسس الأول حسن البنا حنى باتت عقيدة عند التنظيم، بل بات بمثابة الهواء الذي تتنفسه الجماعة حتى امتلأت رآتيه بهذا الكذب البواح.
يُبرر الإخوان الكذب في السياسة بدعوى أنّ الجماعة مضطهدة ولا يمكن الكشف عن كل أهدافها ونواياها، وهذا يعود بصورة كبيرة لما أرساه حسن البنا في بدايات النشأة كما أشرنا سابقًا.
وهذا كان واضحًا من شعارات الجماعة التي رفعوها من قبل في الانتخابات مثل، مشاركة لا مغالبة، فكانت مشاركة الإخوان مغالبه في حقيقة الأمر، كما أنهم كانوا يُصرحون بعدم المشاركة في بعض الانتخابات وفي المرحلة الأخيرة يُعلنون المشاركة بما نسميه كذب اللحظة الأخيرة.
وقد كان ذلك واضحًا في الانتخابات الرئاسية بالعام 2012، حيث أدعت الجماعة عدم مشاركتها في هذه الانتخابات وأنها لن تتقدم بمرشح لها، ثم أعلنت هذه المشاركة في اللحظة الأخيرة حتى ثار المصريون على التنظيم وعلى حكمهم في العام 2013.
خطورة الإخوان في كذب التنظيم، حيث لا يتمتع بأي شفافية، كما لا يمكن أنّ تقرأه بسهولة، حيث لا يتعامل وفق أدوات العمل السياسي، التي تستلزم الوضوح والعمل في العلن.
ولذلك تجد الإخوان يُمارس السياسة ولكن من خندق العمل السري للتنظيمات، وهنا خلط التنظيم بين العمل السياسي والدعوي وما ينبغي أنّ تكون عليه الجماعة، وهنا تأصلت عقيدة الكذب عند التنظيم.
يرسم التنظيم صورة خيالية لما يُريد أنّ تكون عليه مصر، وهذا نوع جديد من الكذب، صحيح يرتبط بالبنية التنظيمية للجماعة، حيث تكذب على أتباعها أو المنتمين لها، ولكنه يؤكد ويُعزز في نفس الوقت مفهوم الكذب الذي بات شعارًا للتنظيم لا يمكن أنّ يُفارقة.
بعد العام 2011 نجح المصريون في الكشف عن كذب التنظيم على عدة مستويات، ومن هنا كانت ثورة 30 يونيو عام 2013، ولعل الكذب البواح الذي مارسته الجماعة هو أحد الأسباب التي عجلت بفكرة الثورة، فبات الشعب المصري أكثر إدراكًا للتنظيم ولمخططاته وللكذب الذي يُمارسه على كافة المستويات.
للإخوان خطابين، خطاب علني شعبوي يقولون فيه بخلاف الخطاب الداخلي، وهذا ما يؤكد كذب الإخوان وادعاءاتهم، وربما ظهر ذلك بصورة واضحة من خلال الاعتداء على الكاتدرائية المرقسية بالعباسية في العام 2012، فقامت الجماعة بإصدار بيانين أحدهما باللغة العربية لمخاطبة الداخل وكان هدفه احتواء ما حدث وتطيب الخاطر، والأخر باللغة الانجليزية لمخاطبة الخارج كان فيه تحريضًا ضد الإخوة المصريين الأقباط وتحميلهم مسؤولية ما حدث!
الإخوان أشبه بالحيّة التي لها أكثر من لون، فهم يتلونون وفق المواقف والأهداف، عقيدتهم أقرب للتقية، وهنا الكذب عندهم له تصورات شرعيّة إذا كان الغرض منه حماية التنظيم أو الكذب على الأعداء، وهم يعتقدون أنّ كل النّاس أعداء لهم.
باحث في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي..
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة