شهدت الفترة الأخيرة بعض الأحداث السلبية بسبب بعض التجاوزات المهنية في المجال الرياضي وآثر الإعلام الرياضي في صياغتها وإبرازها إما سلبا أو إيجابا.
ويعد الإعلام الرياضي أحد المجالات الاتصالية والإعلامية الفاعلة التي باتت تشكل حضوراً وواقعاً هاماً له جمهوره وأنشطته وأدواته ووسائله الإعلامية العامة والمتخصصة، كما أسهم الإعلام الرياضي خلال تاريخه الطويل بإيجابية في مسيرة الأداء الاتصالي والعمل الإعلامي نتيجة تطوره وتحولاته المتنوعة على مستوى المضامين والتقنيات والوسائل.
وتعتبر المواثيق الإعلامية بمثابة الضوابط الأخلاقية والأحكام الذاتية التي تعمل على حفز الجهود الإعلامية نحو الأداء المهني الراقي الذي يحرص على احترام المنظومات الاجتماعية، ويسعى إلى تحقيق الإيجابية الإعلامية واحترام الحيادية والمصداقية والنزاهة المرجوة وهو ما يدعونا إلى أن نخصص هذا المقال نحو الدعوة إلى تفعيل ميثاق شرف للإعلام الرياضي .
فالملاحظ أن المجتمع المصري يمر كل فترة وأخرى بأزمة مماثلة مرجعها عدم الالتزام بالقيم المهنية في أداء بعض العاملين في الإعلام الرياضي من جهة وبعض اللاعبين من جهة أخرى.
والمشكلة أن هذه الأزمة تتكرر كل فترة وأخرى وتسبب انشغالا وارتباكا لدى الرأى العام المصرى، وقد تتصاعد أحيانا إلى درجات العنف والتعصب مما يمس معه التماسك والسلام المجتمعي.
وهو ما يثير من جديد أهمية تطبيق ميثاق شرف ملزم للإعلام الرياضي، وأقول ملزم لأن بعض الهيئات والجهات قد تبنت منذ فترة إطلاق مثل هذا الميثاق ولكن بقي الميثاق شرفيا ساكنا مثاليا يواجه وحيدا انتهاكات وتجاوزات إعلامية مهنية وتعامل معه البعض علي أنه نوعا من المثالية والرفاهية يصعب تطبيقها في الواقع .
ولكن آن الأوان إلى تغيير هذه النظرة العابرة إلى ضرورة وجود وتطبيق ميثاق شرف للإعلام الرياضي ، يكون ملزما ومحددا بمدونة سلوك تنفيذية تحت إطار لائحة قانونية عادلة تحدد المسئوليات وتضع العقوبات والجزاءات لكل من يخطئ ، فمن آمن العقوبة أساء الأدب كما نعلم جميعا .
ومثل هذا الميثاق الشرفي المأمول للإعلام الرياضي من اليسير صياغة بنوده وأهدافه لأنها ستكون مستمدة من الدستور المصري والقانون المصري وقوانين الإعلام المصري القوية والعادلة والمهنية ومصر لديها خبرة كبيرة في هذا المجال.
وأهم ما يجب أن يرتكز عليه ميثاق الشرف للإعلام الرياضي عدد من المعايير من أهمها: التعامل وفقا لأعلى درجة ممكنة من الشفافية، والأمانة، وبذل أقصى جهد ممكن لتقديم الحقيقة كاملة، وتصحيح الأخطاء وعدم نشر معلومات غير مؤكدة أو مضللة أو مشوهة أو تستهدف أغراضا دعائية بما في ذلك الصور والمقالات والتعليقات، كما يجب التمييز بوضوح بين الحقيقة والتعليق أو بين الرأى والخبر الرياضي.
عدم تقديم الكتابات والتقارير والأخبار الصحفية والبرامج الإذاعية والتليفزيونية والصور التى تقود إلى إثارة الجماهير، وتفشي العنف داخل وخارج المرافق الرياضية وتهدد الأمن القومي للبلاد مع عدم تقديم مرتكبي العنف كأبطال والابتعاد كلياً عن أساليب التشهير والتجريح والإهانة والسب والقذف والاتهام بغير دليل في التغطيات الرياضية وتجريم الكذب والخداع والمبالغة والافتراء والمغالطات والتحريف أو الاختلاق.
وعدم استخدام لغة غير معبرة عن الواقع، أو تحمل دلالات تشجع على الكراهية، أو الاستهزاء، أو الإساءة لأي رياضي.
وكذلك تشجيع ونشر ثقافة الاعتذار بأن يتعهد الإعلامي الرياضي بتصحيح وتعديل ما قام بنشره إذا ما ثبت إنه خاطئ أو غير دقيق او مضر بالرياضيين أفرادا أو أندية أو اتحادات، على أن يجري هذا التصحيح في الوقت المناسب وبالطريقة نفسها التي نشر أو أذيع فيها الخبر الأصلي.
فضلا عن ضرور احترام المنافسة النزيهة بين العاملين في الوسط الإعلامي بمختلف وسائله دون تجريح أو إسقاط أو تخوين أو إساءة، وعدم استخدام المنابر الإعلامية لتصفية الحسابات سواء مع زملاء المهنة أو غيرهم وعرض وجهات نظر متنوعة في تناول الأحداث والقضايا الرياضية بأسلوب يحقق مبدأ الرأي والرأي الآخر، مع عدم صياغة الأخبار بأسلوب قد يدل على الانحياز لأي طرف. وتحري الدقة بوضع المعلومات والصور في سياقها وتسلسلها الزمني والموضوعي مع مراعاة أن يكون عنوان الخبر معبرا بدقة عن محتواه وضرورة ذكر مكان الحدث وتاريخه.
وحظر نشر كل ما تتعارض مادته مع قيم الرياضة السامية وآدابه المجتمع العامة وعدم المساس أو الانتقاص من أي شخص بسبب العرق أو اللون أو الدين أو الجنس، وحصر النقد في اوجه النشاط الرياضي فقط. وحظر استغلال المهنة الاعلامية الرياضية في قبول أو الاستفادة من تبرعات أو إعانات أو مزايا خاصة من جهات أجنبية أو محلية بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، قصد التربح غير المشروع من وراء عمله الاعلامي وعدم التهاون في معاقبة كل من مس كرامة الاعلامي أو اعتدى عليه بسبب ممارسة عمله وفقا للقوانين المعمول بها، واعتبار الاعتداء عليه هو عدوان على كل منتسبي المهنة كما أنه لا يجوز تهديد الإعلامي، أو ابتزازه بأي طريقة في سبيل نشر ما يتعارض مع ضميره المهني، أو لتحقيق مآرب خاصة بأي شخص أو جهة وإفساح المجال أمام جميع الإعلاميين للمشاركة بفعالية في تغطية الاحداث الرياضية داخليا وخارجياً.
بالإضافة إلى ضرورة تضافر جهود الجميع من أجل نشر ثقافة الروح الرياضية التي تعتمد على قيم التسامح، والمنافسة الشريفة.
وهي كلها قيم أخلاقية مهمة تعتمد علي ذات الفلسفة التي ينبغي نشرها في المجتمع المصري الآن، وهو أن الانتصار للأخلاقيات ليس رفاهية ولا يوتوبيا المدينة الفاضلة وإنما هو الطريق الأسرع والأنجز نحو الإصلاح والتقدم والصورة الإيجابية التي نسعي لصناعتها جميعا للجمهورية الحديدة بالعمل والإتقان والإخلاص للوطن الغالي.. ودائما وأبداً تحيا مصر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة