استيقظ العالم على جائحة إلكترونية غزت عدد كبير من الدول، وعلى رأسها الولايات المتحدة وأوروبا، بسبب عطل تقنى لشركة مايكروسوفت - عملاق البرمجيات الأمريكية- مما تسبب فى توقف حركة المطارات والموانئ والأنظمة الصحية وأسواق المال وقطاع النفط والغاز ووسائل الإعلام.
ليكون السؤال الكبير ، ماذا حدث وما تداعيات ذلك مستقبلا؟
بداية، شركة مايكروسوفت أكدت فى بيان رسمى لها، إن السبب الأولي يبدو أنه تغيير في التكوين في جزء من أحمال عمل Azure" الذي تسبب في انقطاع بين موارد التخزين والحوسبة مما أدى إلى فشل في الاتصال أثر على خدمات Microsoft 365 التي تعتمد على هذه الاتصالات.
صحيح، أن تبرير الشركة ليس مقنعا للكثير، خاصة أن الكل يعلم أن شركة كراود سترايك هي من أكبر شركات الأمن السيبراني في العالم والمسؤولة عن تزويد آلاف الشركات بجميع أنحاء العالم ببرامج للدفاع ضد الفيروسات والهجمات الإلكترونية، لكن فى نفس الوقت يرى كثير من المتخصصين، أن امتداد الخلل الفني للعديد من دول العالم دليل على أنه ليس هجوما سيبرانيا.
لكن المؤكد أن الخسائر كبيرة، والأضرار جسيمة، فقد فقدت شركة Microsoft ، ما يقرب من 60 مليار دولار من قيمتها السوقية بعد هبوط السهم بنسبة 2% في تداولات ما بعد الإغلاق نتيجة العطل التقني الذي اجتاح عدة شركات حول العالم، وفقا لـ CNBC، خلاف أن هناك من يرى أن ما حدث هدفه تعطيل موسم السفر، خاصة أن هناك موسما سياحيا، وبالتالى التأثير هدفه تجارى واقتصادي وليس سياسيا.
وبعيدا عن ما حدث، فقد أجمع المتخصصون أنه يجب على الشركات والأفراد على حدٍ سواء اتخاذ خطوات وقائية لحماية أنفسهم من مثل هذه الأعطال، مثل: ️استخدام برامج النسخ الاحتياطي بانتظام، و️تطبيق خطط الطوارئ في حال حدوث انقطاع في الخدمات، والبحث عن بدائل في حالة حدوث أعطال مستقبلية، وأن المستفيد الحقيقى حتى الآن هم الشركات المنافسة مثل، "زوم" (Zoom)، و"جوجل" (Google)، و"فيسبوك" (Facebook)، و"سيسكو" (Cisco) وغيرها من الشركات..
لذا، فالدرس الكبير المستفاد من هذه الأزمة، هو التوجه نحو الاعتماد على برامج تقنية وطنية والاستعاضة عن الأنظمة الأجنبية وهو ما فعلته روسيا عندما تم فرض عقوبات عليها وإخراجها من هذه الأنظمة جراء حربها مع أوكرانيا، ما دفعها للاعتماد على أنظمة روسية مما جعلها الآن فى أمن تام، ستفعل الدول فى المستقبل مثلما فعلت روسيا.
ونهاية .. نثمن ما فعلته الحكومة المصرية، بأنه فور الأزمة العالمية خرج رئيس مجلس الوزراء، وأكد أنه لا تأثير للمطارات المصرية ولا حركة الملاحة، وأن ليس لدينا مشكلة، وتم تشكيل خلية أزمة لمتابعة تطورات الموقف، ما يعكس رؤية الدولة الاستشرافية فى الاعتماد على أن يكون لديها بدائل، وأن تشكيل خلية أزمة للمتابعة يعكس حرص الحكومة أنها على قدر الحدث، وحرصها على إدارة الأزمات قبل وقوعها، لأن النجاح الحقيقى هو توقع الأزمة والعمل على حلها قبل وقوعها..