نظمت اليوم مكتبة الإسكندرية، ندوة بعنوان "التغيرات المناخية وتحديات الموارد المائية فى مصر" وذلك ضمن فعاليات البرنامج الثقافى لمعرض مكتبة الإسكندرية الدولى للكتاب فى نسخته التاسعة عشر، بمشاركة الدكتور محمد عبد الرازق رئيس الإدارة المركزية للسياحة والمصايف بالإسكندرية، والدكتورة سوزان الغرباوى نائب رئيس المعهد القومى لعلوم البحار، وقدمها الدكتورة هدى الساعاتى عضو مجلس نقابة الصحفيين بالإسكندرية.
وقالت الدكتورة هدى الساعاتى، أن التغيرات المناخية باتت تحديا كبيرا على أجندة الحكومات الدولية، ولم يعد الحديث عنها نوعا من الرفاهية، لأنها أحد العوامل المؤثرة على ارتفاع درجات الحرارة بشكل غير مسبوق وكذلك الاضطرابات الجوية التى تشهد كثافة فى الأمطار.
وأشارت الساعاتى، إلى أن الدولة المصرية تقوم بجهود رائدة لتخفيف حدة المخاطرة المتعلقة بالتغيرات المناخية، ومنها الاستراتيجية الوطنية لتغيرات المناخ 2030، إلى جانب بعض المشروعات المتعلقة بحماية الشواطئ من النحر مثل التى تجرى حاليا فى الإسكندرية خاصة بعد تعرض المدينة الساحلية لتقلبات مناخية صعبة خلال السنوات الأخيرة وظهور تكهنات بأن المدينة قد تكون معرضة للغرق فى المستقبل.
بدوره تحدث الدكتور محمد عبد الرازق، عن تأثير التغيرات المناخية على شواطئ محافظة الإسكندرية، لافتا إلى أن التقديرات العالمية الدولية التى كانت ترصد التغيرات خلال الحقبة الزمنية الأخيرة أفادت بأن الحياة البحرية هى أكثر ما تتأثر بتغير المناخ نتيجة الاحتباس الحرارى.
وأشار إلى تقرير التقييم الصادر عن الفريق الحكومى الدولى المعنى بتغير المناخ، الذى قدم أدلة قوية على أن الاحترار العالمى على مدى القرن الماضى يرجع بالدرجة الأولى إلى الأنشطة البشرية مثل حرق الوقود الأحفورى، وإزالة الغابات، وذلك أدى إلى انصهار كميات كبيرة من الجبال الجليدية ورفع منسوب المياه فى البحار.
وأشار إلى أن سجلات درجات الحرارة من عام 1850 أفادت بأن الكرة الأرضية ارتفعت درجة حرارتها بمقدار 0.8 درجة مئوية فى المتوسط، كما أشارت التركيزات العالمية لغاز ثانى أكسيد الكربون إلى ارتفاع من 280 جزءا فى المليون فى المتوسط بمنتصف القرن التاسع عشر عند بداية الثورة الصناعية، إلى 388 جزءا فى المليون فى بداية القرن الحادى والعشرين، ومن المتوقع أن يستمر الاتجاه نحو الاحترار العالمى بارتفاع متوسط درجة الحرارة بمقدار 2.5 إلى 4.7 درجة مئوية فى عام 2100 بالمقارنة بمستويات عصر ما قبل الصناعة.
وأوضح أن تلك المتغيرات تنبئ بارتفاع منسوب سطح البحر بمقدار 0.18 إلى 0.79 من المتر، لافتا إلى أن ذلك قد يؤدى إلى حدوث خلل بيئى وتأثير مؤكد على الحياة البحرية، حيث أنه كلما زادت نسب المياه عن معدلاتها الطبيعية، تأثرت نسب ثانى أكسيد الكربون والاكسجين وأثرت على الحياة البحرية.
ولفت إلى وجود تصرفات سلبية من الإنسان أثرت على البيئة البحرية مثل الصيد الجائر وإزالة الشعب المرجانية، مبينا أن الجهات المعنية المصرية أصدرت قوانين صارمة وعقوبات قوية على الأشخاص الذين يتم ضبطهم، لاسيما أنه وفقا للدراسات التى أجريت فإنه خلال 50 عاما من الآن قد يحدث تدهور كبير فى حالة الشعاب المرجانية الموجودة بالمناطق التى تعانى من مشكلات بيئية بسبب الإنسان، وأوضح أن مصر بدأت إنشاء محميات طبيعية يمنع فيها الصيد الجائر أو أى تصرفات سلبية لحماية الحياة البحرية.
وتطرق إلى تأثر مدينة الإسكندرية بالتغيرات المناخية عندما تعرضت قبل إلى موجات من التقلبات الجوية وخروج أمواج البحر للطريق وانهيار أجزاء من الكورنيش، وتدخلت الدولة سريعا وبدأت الهيئة المصرية لحماية الشواطئ فى إجراءات حماية شواطئ الإسكندرية من التآكل والنحر وارتفاع منسوب سطح البحر من خلال مد ألسنة للحماية البحرية.
من جانبها قدمت الدكتورة سوزان الغرباوى، شرحًا تفصيليًا عن التغيرات المناخية وآثارها على البيئة، قائلة إنه يعتبر تغيرًا مؤثرًا وطويل المدى فى معدل درجات الحرارة وأنماط الطقس، وهو ما يشهده العالم حاليًا من خلال تغير أنماط الفصول على غير المعتاد.
وأشارت إلى أن العالم وصل لتلك المرحلة من التغيرات المناخية نتيجة بعض العوامل منها ما يسمى بتغير مفعول الدفيئة، وهى ظاهرة يحبس فيها الغلاف الجوى بعضا من طاقة الشمس لتدفئة الكرة الأرضية، بينما تساهم انبعاثات ثانى أكسيد الكربون فى مضاعفة هذه الظاهرة أثناء حرق الوقود بالمصانع وغيرها، إضافة إلى إزالة الغابات بشكل واسع.
وأوضحت أن الغلاف الجوى بدأ يرتفع درجات حرارته بشكل كبير وتسبب فيما يعرف بالاحتباس الحرارى التى شكلت ما يشبه بالصوبة الزجاجية التى حالت دون خروج الحرارة الزائدة من الغلاف الجوى، ونتج عنها حرائق غابات وعواصف وفيضانات وأعاصير وغيرها.
وتابعت أن درجة الحرارة ارتفعت خلال 100 سنة الماضية حوالى 0.7 درجة مئوية، فيما يعتقد أن مستوى سطح البحر ارتفع بين 10 و15 سنتيمترا، لافتة إلى أنه رغم أن مصر ليست من الدول المتسببة فى التغيرات المناخية إلا أنها من الدول التى تأثرت بعواقبها، خاصة بعد ارتفاع منسوب سطح البحر قرب دلتا النيل ما يعرض المساحات الزراعية للخطر، وكذلك تأثر المياه الجوفية وتمليح التربة.
ولفتت إلى أنه نتيجة لارتفاع مستوى سطح البحر بسبب التغير المناخى، سيؤدى ذلك إلى زيادة نسبة الملوحة وتصبح أكثر امتدادًا فى المناطق الساحلية، مبينة أن المعهد القومى لعلوم البحار والمصايد أجرى دراسات يمكنها توقع نسب الأراضى المفقودة فى حالة ارتفاع البحر لمنسوب معين ووضع السيناريوهات التى يمكن أن تحدث للتعامل معها وتلافى حدوثها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة