مخاوف أمنية وتحديات على كافة الأصعدة تواجه العاصمة الفرنسية باريس، بالتزامن مع استضافتها دورة الألعاب الأوليمبية الصيفية 2024، استوجبت المزيد من التدابير الأمنية والإجراءات الاحترازية، حيث أشارت صحيفة "لو فيجارو" الفرنسية الضوء على هذه التحديات وكيفية التعامل معها.
وتنشر الدولة الفرنسية وسائل أمنية استثنائية بمشاركة عشرات الآلاف من قوات الأمن والجيش التزاماً بمنع هجوم محتمل بطائرات من دون طيار، مع إغلاق المجال الجوي لمسافة تصل إلى 150 كيلومتراً حول باريس، وذلك من أجل ضمان أمن حفل افتتاح دورة الألعاب الأولمبية الصيفية على نهر السين.
ولم يحدث من قبل أن حشد هذا العدد الكبير من قوات الشرطة الفرنسية ومتعددة الجنسيات كما سيحصل غد الجمعة لتأمين عرض الوفود المشاركة في دورة الألعاب الأولمبية، الذي سيقام على نهر السين والذي يمثل بداية الأسبوعين الأولمبيين.
وسيضاف إلى أفراد الشرطة والدرك نحو ألفي عنصر أمن خاص وألف شرطي من البلديات التابعة لمدينة باريس، وستقوم فرقة قوامها 10 آلاف جندي بضمان دعم هذه الترسانة الأمنية.
ومن المقرر أن يصبح محيط الحماية من الإرهاب الذي دخل حيز التنفيذ منذ الـ18 من يوليو الجاري أكثر صرامة خلال الـ26 من الشهر الجاري.
وأوضحت مفوضية الشرطة أنه "اعتباراً من الساعة الواحدة ظهراً، لن يسمح بحركة مرور السيارات باستثناء قوات الأمن والإسعاف والطوارئ".
واعتباراً من الساعة الثالثة والنصف مساء ، وقبل أربع ساعات من بدء الحفل، سيتمكن المتفرجون الذين يحملون تذكرة من الوصول إلى أحد المواقع الـ15 وقوفاً أو إلى مقاعدهم في المدرجات .
وسيتعين عليهم أولاً الخضوع للمراقبة الأولية إذ سيتم التأكد من تذاكرهم من قبل الشرطة أو الدرك، ثم مراقبة من خلال التفتيش وتفتيش الحقائب.
وعلى المنصات العالية ستنشأ "مساحة أمان" بين الحواجز في كل موقع لمنع حركة الجماهير أو السماح بإخلاء المتفرجين، وبخاصة في حال الإغماء.
كما أعلنت السلطات أن الغلاف الجوي حول العاصمة وعلى مسافة 150 كيلومتراً سيعد "منطقة محظورة موقتاً" أمام الحركة الجوية اعتباراً من الساعة السادسة والنصف مساء إلى منتصف الليل ، ونتيجة لذلك ستتوقف الحركة الجوية في مطاري باريس شارل ديغول وأورلي، وكذلك في مطار بوفيه.
وإذا رفضت الطائرة التعريف عن نفسها وإعطاء معلوماتها القانونية فسترسل مروحية أو طائرة مقاتلة للتفاوض، وإذا رفضت الطائرة الامتثال فيمكن إطلاق طلقة تحذيرية أو حتى إسقاط الطائرة وهو ما لم يحدث أبداً سابقاً.
كما ستقوم القوات الجوية بالتنسيق بخصوص المواجهة ضد الطائرات من دون طيار والتي حددها وزير الداخلية منذ عام 2022 باعتبارها أحد التهديدات الرئيسة للحفل.
كما سيشارك ما يقارب 100 من غواصي إزالة الألغام خلال حفل الافتتاح وسيكونون على استعداد للتدخل في حال اكتشاف عبوة ناسفة، خلال العرض النهري.
وفي أعلى النهر قامت عناصر من مفوضية الشرطة والأمن المدني والجيش بتفتيش هياكل نحو 300 قارب بينها 85 قارباً لنقل الرياضيين، والأرصفة للتأكد من عدم وجود قنابل أو ألغام هناك.
وفحصت الأجزاء الداخلية للقوارب بعناية من قبل فرق الكلاب المتخصصة في الكشف عن المواد المتفجرة.
كما تعتزم فرنسا نشر المئات من الشرطيين لتأمين الوفد الاسرائيلى، حيث نقلت صحيفة "لو باريزيان" عن وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان القول: "أصبحت منظومة حماية الوفد الإسرائيلي بما يشمل الفريق الأولمبي والحكام وأعضاء اللجنة الأولمبية الإسرائيلية جاهزة.
كما سيساهم جهاز الأمن العام الإسرائيلي (شاباك) في تأمين المباراة التي سيحضرها دارمانان والرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوج.
وقال مسؤول إسرائيلي إن موازنة إسرائيل المخصصة لحماية رياضييها ووفدها بأكمله في باريس 2024 ارتفعت بصورة كبيرة، مقارنة بدورة الألعاب الأولمبية في طوكيو 2020.
كما يمثل القطاع السياحي أحد أهم القطاعات المتأثرة بتنظيم الألعاب الأولمبية، إذ رصد تقرير "لو فيجارو" حالة من الترقب والقلق تسود هذا القطاع، فمن جهة، هناك توقعات بتدفق أكثر من 11 مليون سائح إلى شوارع باريس حتى 11 أغسطس، ما يبشر بانتعاش كبير للقطاع.
إلا أن الصحيفة نقلت أيضًا عن بعض أصحاب الفنادق والمطاعم مخاوفهم من تأثير الإجراءات الأمنية المشددة على أعمالهم.
وذكرت صحيفة ليكيب الفرنسية أن بعض الرياضيين اشتكوا من كمية الطعام المقدمة في القرية الأوليمبية واعتبروها غير كافية، منوهة بأنه تم تقنين البيض في وجبة الإفطار.
من جانبها، أكدت مجموعة "سوديكسو لايف" - المسؤولة عن تقديم الوجبات على مدار الساعة بالقرية الأولمبية - أنها تأخذ تعليقات الرياضيين على محمل الجد، لافتة إلى أنها تعمل بنشاط لتكييف إمداداتها مع زيادة عدد المطاعم في القرية، وكذلك مع الاستهلاك الفعلي الذي لوحظ خلال الأيام الأولى.
وأوضحت أن العديد من المأكولات مثل: البيض والمشويات عليها إقبال كبير وبالتالى تمت زيادة كمياتها من أجل تلبية احتياجات الرياضيين.
من ناحية أخرى، قال وزير الداخلية الفرنسي، إن الأجهزة الأمنية في البلاد رفضت أكثر من 4 آلاف طلب للحصول على اعتماد لأولمبياد باريس 2024 بسبب مخاوف تتعلق بالتجسس والهجمات السيبرانية.
وقال جيرالد دارمانان إن السلطات الفرنسية قامت حتى الآن بفحص ما يقارب مليون طلب اعتماد للألعاب التي ستنطلق يوم 26 يوليو الحالي، وإنها رفضت 4340 طلباً، بعضها بسبب صلات بجماعات إسلامية متشددة، أو للاشتباه في كونهم جواسيس أجانب.
وجرى رفض ما يقرب من 100 طلب بسبب مخاوف التجسس أو مخاوف من كونهم عملاء يحاولون الحصول على اعتماد باستخدام مهنة مختلفة.
وقال دارمانان لصحيفة «جورنال دو ديمانش» الأسبوعية: "ربما لن يكونوا هنا لتنفيذ هجمات، لكن بالإضافة إلى الاستخبارات والتجسس التقليدي، هناك إمكانية الوصول إلى نقاط الدخول إلى شبكات الكمبيوتر لتنفيذ هجوم سيبرانى".
وأضاف أنهم تقدموا بطلبات للعمل صحافيين أو موظفين تقنيين، وأن بلدانهم الأصلية هي روسيا وبيلاروسيا من بين دول أخرى لم يذكرها.
وسُمح للصحافيين الروس بالحصول على اعتماد لتغطية الألعاب، ووصلوا بالفعل إلى العاصمة الفرنسية.
وستنشر باريس 45 ألف فرد أمن لضمان سلامة الألعاب، وحفل الافتتاح الفريد من نوعه الذي سيقام على طول نهر السين، حيث ستطفو قوارب تحمل الرياضيين أمام مئات آلاف المتفرجين.
وخفض المنظمون العدد المبدئي للمتفرجين في حفل الافتتاح من 600 ألف إلى نحو 300 ألف شخص.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة