الأمل هو أغلى وأقيم نعمة يهبها المولى عز وجل للإنسان، ولا يُمكن لإنسان طبيعي أن يعيش بدون الأمل، فهو الشيء الذي يُهون معه مُنغصات الحياة، ويُساعد على تدارك عثراتها، ولكن هل نُدرك أن هناك أشخاص لا تعيش إلا بالأمل؟ فهم لا يعترفون بأي شيء آخر سواه، فهم دائمو الانتظار لما هو آتٍ، لدرجة أنهم يُصابون بحالة إحباط واكتئاب عندما يُخيم الضباب على أحلامهم للحظات، فهم دائمًا ما يبحثون عن مَنْ يبث بداخلهم فكرة أن ما تصبو إليه أفكارهم وطموحاتهم لازال موجودًا، فهم يستمدون رغبتهم فى الحياة من الكلمات المُتفائلة، أي أنهم في انتظار بارقة أمل تُعينهم على استمرار الحياة والقدرة على تحمل آلامها، فلا يجدون ضالتهم في أي شيء آخر، فهؤلاء لا تستهويهم المادة أو النجاح أو أي شيء مادي ملموس، فهم دائمًا في حالة انتظار لما تتهافت عليه نفوسهم. لذا نجدهم لا يستمتعون بالأشياء من حولهم، ولا يتعايشون مع ما تعرضه عليهم الحياة من مُقومات، فهم لا يقتنعون إلا بضالتهم، ولا يشعرون إلا بأحلامهم.
وبالرغم من أن الأمل هو نبض الحياة، إلا أنه يتحول بالنسبة لهؤلاء إلى سلاح ذو حدين، لأنهم لا يتخيلون فكرة تغيير مُخططهم، ولا يتقبلون نظرية البدائل، وإذا حدث، وحاول أحد الأشخاص تجريدهم من أملهم، سرعان ما يُخيم عليهم الظلام، وتموت الفرحة في قلوبهم، ويتسرب اليأس إلى أفكارهم، إلا أنهم ما يلبثون حتى يبحثوا عمَّن يُعيد إليهم أملهم من جديد، لسبب بسيط للغاية، أن الأمل هو قوت يومهم، فهم يعيشون به، لذا لا يستطيعون بعادًا عنه، فهم يتلمسونه في كل الأشياء من حولهم، ويختلقونه إذا لم يجدونه، فهو بُؤرة حياتهم.
والحقيقة أنه على الرغم من صُعوبة حياة هؤلاء الأشخاص، لأن الإنسان لا يجب أن يعيش بعُنصر واحد فقط في الحياة، لأنه بهذه الطريقة يُضيق على نفسه الخناق، إلا أننا لابد أن نُقر بأنهم أصابوا كبد الحقيقة، بل وعرفوا من أين تُؤكل الكتف، فلقد تمسكوا بأهم أداة حياتية، وأغلى نعمة إنسانية، وأكبر هبة إلهية، لأن الأمل هو المُحرك لكل شيء، وهو الدافع للإرادة، وهو الذي بدونه لا يكون هناك معنى أو قيمة للحياة، فلا حياة بدون أمل.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة