يعد قانون التصالح في بعض مخالفات البناء وتقنين أوضاعها من التشريعات الاستثنائية المهمة التي حرصت الدولة من خلال القيادة السياسية متمثلة في الرئيس عبد الفتاح السيسي، والحكومة والبرلمان على إصدارها لتحقيق الصالح العام للمواطن أولا، وهناك متابعة دائمة من القيادة السياسية لتطبيق القانون على أرض الواقع والتأكيد على ضرورة التيسير على المواطنين وتذليل أي معوقات تواجههم خاصة في ظل وجود ملايين الطلبات من المواطنين تحتاج إلى تقنين أوضاعها من خلال التصالح.
وجميعنا يعلم أن قانون التصالح في مخالفات البناء مر بمراحل عديدة وعقبات وواجه صعوبات ومعوقات في التطبيق على أرض الواقع منذ أن صدر أول قانون في عام 2019، ثم تم تعديله في 2020، ولكن استمرت المعوقات تارة بسبب البيروقراطية الإدارية والروتين وقلة عدد اللجان الفنية لفحص الطلبات والبت فيها والمعاينات وغيرها من الإجراءات، وتارة أخرى لوجود معوقات بسبب بعض نصوص القانون ومواد اللائحة التنفيذية الخاصة به.
واستمرت الجهود الكبيرة المبذولة من الحكومة والبرلمان بتوجيهات من القيادة السياسية لحل ومعالجة إشكاليات قانون التصالح وبعد مناقشات ومداولات موسعة ومستفيضة لشهور طويلة صدر قانون جديد للتصالح في مخالفات البناء رقم 187 لسنة 2023، والحقيقة هو قانون جيد وأفضل كثيراً من سابقه، وتضمن مزايا وتيسيرات عديدة، وتبقى العبرة بالتطبيق على أرض الواقع وتذليل المعوقات التي تواجه التطبيق والتيسير على المواطنين سواء في تقديم الطلبات وسرعة فحصها والبت فيها وسرعة إنهاء الطلبات المعلقة منذ القانون السابق حرصا على استقرار أوضاع المواطنين، وكذلك فيما يتعلق بالتسعير للمتر عند التصالح بأن يتم مراعاة البعد الاجتماعي للمواطنين البسطاء.
وتابعت على مدار الأيام الماضية بعض الاجتماعات والجولات واللقاءات التي تعقدها الدكتورة منال عوض، وزيرة التنمية المحلية في الحكومة الجديدة بعد حلف اليمين وحصولها على ثقة البرلمان، وآخرها لقاء مع محافظ الجيزة، للوقوف على ما تم إنجازه بملف تطبيق قانون التصالح في مخالفات البناء ودفع وتيرة العمل وتذليل أية معوقات، وتقديم أوجه الدعم والتيسير على المواطنين، واستعراض مستجدات الموقف التنفيذي لطلبات التصالح، واستفسار وزيرة التنمية المحلية عن أي معوقات أو متطلبات لدعم جهود التيسير على المواطنين فيما يخص ملف التصالح على مخالفات البناء وجهود تسهيل الإجراءات.
فوضع هذا الملف المهم والملح على الأولويات في وزارة التنمية المحلية أمر مهم ومبشر لإنهاء هذا الملف وإنجازه، حيث تأكيد الوزيرة على أن ملف التصالح على مخالفات البناء من أهم الملفات التي توليها القيادة السياسية والحكومة أهمية خلال تلك الفترة خاصة بعد بدء العمل بالقانون الجديد في جميع محافظات الجمهورية، والتأكيد على ضرورة تضافر الجهود بالمحافظات للعمل على تذليل أي عقبات وتسريع العمل والانتهاء من فحص الطلبات وذلك لتحقيق أعلى معدلات الإنجاز تيسيرًا على المواطنين، فضلاً عن التوجيه بضرورة التواجد الميداني لرؤساء الأحياء والمراكز والمدن والمراكز التكنولوجية بين المواطنين المترددين على المراكز على مدار اليوم لمساعدتهم والتعرف على أي مشكلات أو معوقات تواجههم وسرعة حلها والرد عليها وبصفة خاصة المواطنين الراغبين في تقديم طلبات التصالح على مخالفات البناء لسرعة الانتهاء من هذا الملف المهم الذي توليه الدولة أهمية قصوى خلال الفترة الحالية.
وفي هذا الصدد، أتمنى أن يستوعب كل مسئول في جميع المحافظات هذه التوجيهات والعمل على سرعة التنفيذ وتسريع وتيرة العمل لإنجاز طلبات التصالح، بداية من المحافظ ومروراً بالقيادات التنفيذية في المستويات الأدنى ورؤساء المراكز والمدن والقرى حتى أصغر موظف، كما أتمنى تنفيذ ما أعلنته الوزيرة بأنه سيتم إجراء تقييم دوري لأداء رؤساء الأحياء والمراكز والمدن والقيادات التنفيذية ومديري المراكز التكنولوجية بالمحافظات لما تم تحقيقه من نسب إنجاز في ملف التصالح على مخالفات البناء وإثابة المتميزين وتصعيدهم في المناصب القيادية بالمحليات خلال الفترة المقبلة، وأهمية تقديم كل أوجه الدعم والإمكانيات اللازمة لتسريع معدلات الأداء بملف التصالح على مخالفات البناء، والمتابعة اليومية لهذا الملف والعمل على تبسيط الإجراءات على المواطنين المترددين على المركز والراغبين في التصالح بما يحقق الصالح العام للدولة والمواطن.
وهناك توجيهات واضحة وصريحة من رئيس الجمهورية وتكليفات من رئيس الوزراء للمحافظين بالمتابعة المستمرة لملف التصالح على مخالفات البناء والعمل على تذليل أي معوقات تواجه المواطنين وتبسيط الإجراءات وتوعية المواطنين حول استكمال الملفات الخاصة بالتصالح خاصة في ظل التيسيرات التي يقدمها القانون الجديد والعمل على تقديم مختلف أوجه الدعم والتيسير عليهم، لذلك لا يجب السماح بتكرار أي معوقات تواجه تطبيق هذا القانون على أرض الواقع كما حدث في القانون السابق، ولابد أن تكون هناك متابعة يومية لهذا الملف ونسب الإنجاز فيه.
فإنهاء ملف التصالح على مخالفات البناء سيحقق الصالح العام للدولة والمواطن، من حيث استقرار أوضاع المواطنين الجادين الراغبين في التصالح وفقا للقانون، ومن حيث أن حصيلة تطبيق التصالح ستكون مليارات الجنيهات ستساهم في زيادة الإيرادات في الخزانة العامة للدولة في ظروف صعبة تحتاج فيها الدولة إلى تعظيم مواردها.
وهناك معايير وضوابط واضحة ومحددة بشكل دقيق للتصالح يجب الالتزام بها، والالتزام بالنسبة المقررة والواردة بالقانون، مع مراعاة التفاوت بين المناطق والأماكن من حيث نوعية الخدمات وتوافرها والمستوى العمراني والحضاري والمقومات التي تختلف من موقع لآخر، مع الأخذ فى الاعتبار تحقيق التوازن بين تحصيل مستحقات الدولة من ناحية والتيسير على المواطنين من ناحية أخرى، كما أن المبالغ التى سيتم تحصيلها من المواطنين في التصالح علي مخالفات البناء ستعود بالنفع على مواطنى المحافظات مرة أخري، في مشروعات التنمية والخدمات وتطوير الطرق والإسكان الاجتماعي والصرف الصحى وتحسين مياه الشرب، وكل ذلك حافز مهم لتذليل أي معوقات تواجه إنجاز طلبات التصالح وسرعة البت فيها.
كما أنه يجب القيام بحملات توعوية للمواطنين ونشر كافة مميزات القانون على الصفحات الرسمية للمحافظات والأحياء والمراكز، وفي وسائل الإعلام المختلفة، ويجب معالجة أي إشكاليات تتعلق بإصدار خرائط الأحوزة العمرانية فى المحافظات وتحديد الكتل المبنية القريبة من الأحوزة العمرانية، ويجب تلافي أي معوقات ظهرت مع تطبيق القانون القديم للتصالح في مخالفات البناء، والرقابة المشددة على تطبيق القانون الجديد وسرعة التفاعل مع أي شكاوى تقدم من المواطن في هذا الملف وحلها في ضوء أحكام القانون، والعمل على تنفيذ توجيهات القيادة السياسية بالتيسير على المواطنين.