تحولت الثانوية العامة من مرحلة دراسية يجتازها أي طالب لأخرى أكثر تأهيلا وتطوراً في مساره العلمى.. إلى فوبيا، وخوف وصخرة ضخمة تقف عقبة أمام أحلام أي طالب في الثانوية العامة.. البداية لم تكن من الأبناء لكن من تعليق كل آمال وأحلام الأباء على كاهل أبنائهم، وتحفيزهم بشكل زائد.. أدى للنقيض والخوف من شبح اسمه الثانوية العامة.
فكلا الوالدين يحلموا أن يتخرج الابن بدرجة عالية وكبيرة، ويصبح من الأوائل، ليدخل الكلية العالية التي قد يختارها الأهل، في أغلب الأحيان، دون النظر لما يريده الابن أو بعيد عن ميوله الشخصية.
فعند الأم والأب هدف وحلم أن يصعد الابن لأحدى كليات القمة، مثل الالتحاق بكلية الطب مثلاً أو ما يساويها من كليات عالية، تحقيقاً لرغب دفينة لدى أحدى الوالدين في كلية لم يستطيعا الوصول إليها.
وقد تنظر بعض الأمهات لأبناء أخواتها وتريد أن يصبح أبنها أو بنتها أفضل ويأخذ درجة أعلى منهم، فهو الأفضل وعليه أن يصبح كذلك طوال الوقت، دون النظر لما يحبه الأبن وما هي رغبته التي يطمح أن يحصل عليها.
قد يحب طالب الثانوية العامة الرسم وبل يبدع فيه بشكل كبير ومميز، ويتفوق على أقرانه، مما يؤهله لكلية التربية الفنية، وقد يحب طالب أخر الرياضة والحركة ويتطلع لدخول كلية الشرطة أو التربية الرياضية، وطالب ثالث يحب الأدب والشعر والكتابة، ويكون من ضمن طموحه أن يدخل كلية أدبية، فلكل طالب هوايات وميول، وعلى الأهل أن ينظروا بعين الاعتبار لتلك الهوايات التي يحبها الابن.
و يعانى الطالب طوال السنة مع مادة لا يحبها على سبيل المثال كالفيزياء لأن ميوله أدبية، ولهذا لا يحب المواد العلمية، ولكن الأهل تضغط على الابن بشكل مستمر ليتابع داسته بحماس ناسياً نفسه ورغبته التي يميل لها، وأن ينسى حياته، وينظر للطموح الذى لدى الأهل، ليصبح كما يرون هم، طبيب أو مهندس أو ضابط.
وقد يحصل الطالب على درجة صغيرة، لا تصل للكليات الكبيرة، وقد يحصل في بعض الأحيان على درجة النجاح، ولكن يوجد أمر هام، فهذه ليست نهاية الدنيا، لا يزال لدى الطالب ما يحققه من نجاح وطموح في الكلية التي سينتسب لها، فأن الحقيقة أن الطموح والحلم يبدأ من بعد الجامعة وليس قبلها من الكلية.
فكم من طالب كلية طب ترك كليته لحلم التمثيل الذى طالما راوده أو العمل الذى يرغبه، وآخر ترك كلية الهندسة لحبه للرسم وهكذا، بالعكس فأن دخول الطالب للكلية التي يحبها سيجعل منه شخص متفوق، ويحقق درجات عالية، وقد يصبح معيد فيها يوماً ما، بدلاً من دخوله الطب ويصبح طبيب فاشل، لا يفقه شيء، بل وقد يستغل الناس فهو لا يرى الطب مهنة عظيمة فقد تعذب بها من خلال تحقيق حلم أهله لا حلمه هو.
على الأهل ألا تضغط على الطالب عند الدراسة، فأن الظروف من حوله كفيلة تجعله يدخل في حالة من القلق والتشتت، ولكن ضغط الأهل أمر أخر فقد يكون ضغط عاطفي، لا يستطع الابن رفضه أو حتى التحدث بحرية عن حلمه أمامهم، وهو يرى الرفض في حديثهم طوال الوقت.
وحرصاً على سلامة الطالب، على الأهل أن تترك الطالب يدرس كما يحب ويختار الكلية التي يريدها، حتى يحقق النجاح، لأن الكلية التي يدرس بها الطالب بشغف سيكون قادر على التميز بها، ويستطيع بعدها أن يعمل بها بحماس وحرية.
فبعض المهن لا تحتاج لمجموع كبير، مثل لعبة كرة القدم التي تعتمد في النهاية على المهارة البدنية وسرعة البديهة، ليصبح بطل مشهور مثل العالمي محمد صلاح الذى كان يسعى طوال الوقت ساعياً خلف حلمه.
وكثير من مشاهير العالم في كل المجالات، أمر التعليم والدراسة والشهادة لم توقف حلمهم، بل بالعكس، لأن من لديه هدف وحلم سيمشى خلفه حتى يحققه في النهاية، والثانوية العامة خطوة صغيرة في طريق علم، وحياة طويلة.
وفى نهاية المطاف، لن يسأله الطالب ما هي درجته في الثانوية العامة أو مجموعه، أو ما هو تقديره في الكلية التي تخرج منها، ولكن ما يهم الناس هو ما الذى يقوم به من عمل ناجح ومتميز عن بقية زملائه.
فأن شبح الثانوية العامة هو أمر غريب وغير مبرر، فأنها شهادة كغيرها من الشهادات، ستمر بحلوها ومرها ولن يتذكر الطالب بعدها أي شيء سوى ثمار تعبه فقط.
وكتير من الشبان لا يعملون بالشهادة التي حصلوا عليها، بل يبحثون عن مجالات شتى في الحياة، يحصلون على التقدير المادي والمعنوي، ولا عيب في البحث عن عمل بالشهادة ولكن هذا أمر سيتم تحديده فيما بعد وليس وقت الثانوية العامة، فهذا أمر مبكر جداً على الخوف من المستقبل.
كم من شخص حصل على تقدير قليل وأكمل في كلية وحصل على الماجيستير والدكتوراه، وكم من طالب يحب الرسم أجتهد وتعلم حتى فتح المعرض الخاص به، فالشخص الناجح لا ينتظر أي عقبات بل يبحث عن الفرص من حوله دون كسل.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة