اغتيالات تُنذر بمزيد من الاضطرابات فى الشرق الأوسط.. استهداف لبنان وتهديد «أردوغان» وقتل «هنية» بإيران تفتح النيران على تل أبيب.. وليبيا والسودان على صفيح ساخن.
أحداث مُتلاحقة يشهدها الشرق الأوسط، تُحيط بمصر من جميع الجهات، لا تُنذر بالخير؛ فجميعها تتجه إلى مزيد من الخلافات والاستفزازات والاشتباكات المتبادلة، والتى تقضى على آمال الشعوب فى السلام والاستقرار فى المنطقة والعودة إلى أجواء ما قبل 7 أكتوبر 2023.
منذ ذلك التاريخ الذى اشتعلت فيه أحداث غزة، والأجواء مُشتعلة من حولنا، ربما تهدأ قليلًا فى ظل محاولات دولية وعربية أثبتت مصر فيها حضورًا وثُقلًا كبيرًا، فيما تُعاود الاضطرابات فى التصاعد نتيجة تصرفات وخطوات يعكُف عليها الاحتلال الإسرائيلى، من شأنها إشعال المنطقة ككل. وإن كان هناك حديث دائر خلال الأسابيع الماضية حول مفاوضات بين حماس وإسرائيل، لوقف الحرب والتصعيد من أجل الأبرياء ممن يتعرضون يوميًا لتبعات كارثة إنسانية أشبه بحرب الإبادة الكاملة؛ فالآن وبعد تورط إسرائيل فى اغتيال رئيس حماس، إسماعيل هنية، أثناء تواجده فى إيران، فالأمر بات أصعب من ذى قبل.
لقد باتت تصرفات إسرائيل أكثر استفزازًا من ذى قبل، فهى تقوم بمناوشات متتالية، أصبحت بوتيرة أسرع مما قبل، وفى كل مرة تحاول بعدها نفى تورطها أو قصدها عما آلت إليه الأمور. وخلال الأشهر الأخيرة نرى التهديدات والتحذيرات بينها والمرشد الأعلى الإيرانى، على خامنئى، بين الحين والآخر، والذى يحرص فى جميع خطاباته وتصريحاته على الإشادة بعملية «طوفان الأقصى»، والتأكيد على رؤيته بأنها مُهمة فى مسيرة القضية الفلسطينية، وبعد اغتيال «هنية» أكد أن إيران ستأخذ بثأر ضيفها الذى تم قتله على أراضيها.
ولعل هذا الحادث يأتى بعد ساعات من أداء الرئيس الإيرانى الجديد، مسعود بيزشكيان، اليمين الدستورية خلفًا للراحل إبراهيم رئيسى، الذى لقى حتفه فى مايو الماضى فى حادث تحطم مروحية، وبصحبته وزير الخارجية الإيرانى الراحل، حسين أمير عبداللهيان، ذلك الحادث الذى ما زالت الكثير من الملابسات حوله رغم صدور بيانات رسمية تُفسر أسباب وقوعه. وأيضًا بعد أيام من حادث مجدل شمس، الذى وقع إثره 12 قتيلاً من الأطفال وعدد من المصابين، وقد تبادل حوله الاتهامات كل من إسرائيل وحزب الله، فكل منهما ينفى مسؤوليته عن هذا الحادث الأليم.
وفى سياق التهديدات المتبادلة التى من شأنها توسيع دائرة الصراع فى المنطقة، صرح الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، الأحد الماضى، بأن بلاده لديها القدرة على التدخل فى إسرائيل، مثلما فعلت فى ليبيا وقرة باغ، ليرُد عليه وزير الخارجية الإسرائيلى، يسرائيل كاتس، قائلًا إنه يسير على خطى الرئيس العراقى الراحل صدام حسين؛ مُذكرًا إياه بمصيره، كما طالب «الناتو» بطرد تركيا من عضويته.
ومن الشرق إلى الجنوب نرى الأوضاع المتأزمة فى السودان، والتى يعيش شعبها مأساة إنسانية لا تقل عما يحدث فى غزة، فالقتال بالسودان دائر بين قوات الدعم السريع، والجيش السودانى، على مدار أكثر من عام ونصف العام، والآن نرى فارق ساعات قليلة بين عملية اغتيال «هنية»، ونجاة رئيس مجلس السيادة السودانى، والقائد العام للقوات المسلحة، الفريق عبدالفتاح البرهان، من محاولة اغتيال، فيما نجحت المضادات الأرضية للجيش السودانى فى التصدى للمسيرتين المعاديتين التى استهدفتا «البرهان» أثناء الاحتفال بتخريج دفعات من الكليات العسكرية السودانية، بقاعدة جبيت العسكرية بولاية البحر الأحمر.. ولا تُعد هذه المرة الأولى فى سلسلة محاولات اغتيال «البرهان» على مدار الأعوام الأخيرة.
ولا ننسى ليبيا، على حدودنا الغربية والتى تشهد أزمة مستمرة، منذ أحداث ثورات الربيع العربى، حيث الانقسام السياسى، وتدخلات القوة الدولية على أراضيها، فيما جاء الدور المصرى بارزًا فى مواصلة محاولات تعزيز مسار الحل السياسى على المستوى الليبى الداخلى، ومساعدة الأطراف الليبية على التوافق.
بالفعل الجبهات جميعها مُشتعلة، فيما تلتزم الدولة المصرية بأقصى مراحل ضبط النفس رغم كثير من المحاولات الاستفزازية، خاصة فى ظل تحديات داخلية واقتصادية فرضتها علينا التغيرات العالمية التى يشهدها العالم منذ جائحة كورونا فى عام 2020.
وتبقى مصر صوت العقل والحكمة وسط منطقة أصبحت سريعة الاشتعال، ترفع شعار بـ«السلام وحده نحيا»، فبدون السلام والتعايش واحترام الآخر يخسر الجميع بالمنطقة دون أن يُستثنى أحد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة