شهدت السنوات الأخيرة تحولات هائلة في استخدام التكنولوجيا والإنترنت، وأصبح الأطفال اليوم أكثر عرضة للمخاطر الرقمية وتعد الحملة الإعلامية التي أطلقها موقع وجريدة اليوم السابع خطوة هامة في الاتجاه الصحيح، لحماية الأطفال من الاستغلال والانتهاك لكنها يجب أن تكون جزءًا من جهد أكبر يستهدف تعزيز الوعي بمخاطر الإنترنت، وتوفير الأدوات اللازمة فالأطفال هم مستقبلنا، وحمايتهم اليوم تعني بناء مجتمع قوي وآمن في الغد.
أصبحت المنصات الرقمية اليوم ساحة مفتوحة لنقل المعلومات المضللة، خطاب الكراهية، ونظريات المؤامرة، وكلها أمور ذات تأثير ضار على الأطفال والشباب لكن الجانب الأكثر إثارة للقلق هو الاستغلال والانتهاك الجنسي عبر الإنترنت، حيث أصبحت التقنيات الحديثة تتيح لمرتكبي الجرائم الجنسية للأطفال الاتصال بسهولة مع ضحاياهم المحتملين، ومشاركة الصور الفاضحة، وتشجيع الآخرين على ارتكاب الجرائم وتشير الإحصاءات إلى أن 80% من الأطفال في 25 دولة أبدوا شعورهم بالخطر من احتمال التعرض للاعتداء الجنسي أو الاستغلال عبر الإنترنت وهذا الرقم المقلق يكشف حجم التحديات التي تواجه الأطفال في العالم الرقمي.
تؤكد الأرقام الصادرة عن الأمم المتحدة أن الشباب اليوم هم القوة الدافعة للاتصال الإلكتروني العالمي ، ففي عام 2023، بلغ استخدام منصات التواصل عبر الإنترنت بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عاما نسبة 79%، مقارنة بنسبة 65% لبقية سكان العالم ومن هنا يتضح أن الإنترنت أصبح جزءًا لا يتجزأ من حياة الشباب والأطفال، مما يضاعف المسؤولية على الجميع لحمايتهم من المخاطر المتزايدة.
ومن الأمور المثيرة للقلق أيضًا هو أن الأطفال يقضون وقتًا أطول على الإنترنت أكثر من أي وقت مضى ووفقًا للتقارير، يتصل طفل جديد بالإنترنت لأول مرة كل نصف ثانية، مما يعزز الحاجة إلى اتخاذ تدابير فعالة لحماية الأطفال من المخاطر الرقمية وفي ضوء هذه التحولات، حذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) من المخاطر المحتملة التي يمكن أن يتعرض لها الأطفال عبر الإنترنت، مثل التنمر الإلكتروني، التعرض لخطاب الكراهية، والمحتوى العنيف بالإضافة إلى ذلك، فإن الأطفال عرضة للاستقطاب من قبل الجماعات المتطرفة والإرهابية التي تستغل البيئة الرقمية لنشر أفكارها الضارة.
في مصر، أولت القيادة السياسية، بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، اهتمامًا خاصًا بحماية الأطفال، حيث أكد الرئيس مرارًا وتكرارًا على ضرورة الاستثمار في بناء الإنسان من النواحي الصحية، الاجتماعية، والثقافية وتتجلى هذه الجهود في المبادرات المتعددة التي تهدف إلى حماية الأطفال من المحتوى الضار على الإنترنت، حماية الأطفال من مخاطر الإنترنت ليست مسؤولية الحكومة وحدها، بل هي مسؤولية جماعية تتطلب تعاون جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك الأسرة، المدرسة، ووسائل الإعلام فالأسر يجب أن تكون على دراية بما يتعرض له أطفالها عبر الإنترنت، وأن تتخذ التدابير اللازمة لتوجيههم وحمايتهم كما يجب على المدارس أن تلعب دورًا توعويًا في تعليم الطلاب كيفية التعامل مع المخاطر الرقمية.
إن حماية الأطفال من مخاطر الإنترنت تتطلب استجابة شاملة ومتكاملة تجمع بين التشريعات الصارمة، التوعية المجتمعية، والتقنيات الحديثة ونعيش في عالم تتزايد فيه التحديات الرقمية يومًا بعد يوم، مما يتطلب منّا جميعًا التحرك السريع والفعال لضمان أن يكون المستقبل الرقمي آمنًا ومفيدًا لأجيالنا القادمة.