محافظات مصر ليست فقيرة ولا تعانى من نقص فى الموارد. كل قرية وكل مدينة فى كافة المحافظات لديها من الموارد ما يكفى لسد احتياجاتها وتحقيق مطالب أهاليها فى الحياة الكريمة.
ما نحتاجه فقط – وهذه رسالة إلى الوزيرة الدكتورة منال عوض وزيرة التنمية المحلية- هو استراتيجية ودراسة شاملة لحصر كافة موارد مصر المهملة فى المحافظات وتوظيفها واستغلالها وتضخيم العائد منها لتحقيق أهداف عديدة، أولها توفير فرص العمل لمئات أو آلاف من أبناء المحافظة للحد من الهجرة الداخلية، ثانيا، استغلال هذه الموارد فى تنمية ميزانية أو صندوق كل مدينة ومحافظة للإنفاق على احتياجاتها من مشروعات وخدمات تعتمد فيها على الحكومة المركزية وهو ما يقودنا إلى ثالث الأهداف وهو توفير عشرات المليارات من الجنيهات يتم تخصيصها من ميزانية الدولة لبرامج التنمية المحلية فى محافظات مصر.
فالعام المالى الجاري( 24-2025) يبلغ إجمالى الاستثمارات أو ما يسمى بالمخصصات الاستثمارية للمحافظات فى مصر حوالى 31,8 مليار جنيه للإنفاق على برامج التنمية الاقتصادية المحلية، والتنمية الحضرية والريفية وقطاع النقل والموصلات والبيئة والخدمات المحلية والمجتمعية والإدارة المحلية والدعم الفنى.
من المنطقى فى الوقت الحالى أن يتم حصة مالية كبيرة للتنمية المحلية لتحقيق عدالة التنمية بين كافة أقاليم ومحافظات مصر فى اطار التنمية المتوازنة وفقا لخطة مصر 2030 لتحقيق التنمية الريفية والحضرية المتكاملة والمستدامة وتقليص الفجوات التنموية بينهما.
هذا كلام مقبول ومنطقى، لكن لا يدعو إلى استمرارية هذا النهج فقط فى التنمية المستدامة وتحسين مستوى المعيشة والارتقاء بمستوى الدخل للأفراد دون استراتيجية واضحة ومحددة تشمل، دراسة خريطة كل محافظة اقتصاديا واجتماعيا وسكانيا وثقافيا، وتحديد إمكانات المحافظة ومواردها واحتياجاتها، بالاستعانة بالكوادر المؤهلة والكفاءات العلمية والمتخصصين وأصحاب الخبرات من أبناء كل محافظة من الجامعات والمؤسسات ومن المثقفين والمبدعين أيضا.
اقتراحى لمعالى الدكتورة منال عوض وزيرة التنمية المحلية وبعد الانتهاء من تعيين رؤساء المدن والقرى الجدد الدعوة لتشكيل لجان مصغرة من أبناء كل مدينة لتحديد مواردها والوقوف على مشاكلها واحتياجاتها ووضع الحلول العملية لها، ثم تشكيل لجنة عامة من أبناء المحافظة لدراسة كافة المقترحات والأفكار ووضع آليات التنفيذ بالاستعانة بالجهات التنفيذية فى مؤسسات الدولة.
لدينا كفاءات وأصحاب خبرات وكوادر عملية فى كل محافظة قادرة على العمل ولديها استعداد للمشاركة فى أية أفكار ومشروعات وطنية للنهوض بالوطن وفى انتظار الدعوة.
فى رأيى البسيط، أن تطبيق مثل هذه الاقتراحات بعد دراستها سيؤدى إلى وضع خارطة اقتصادية لكافة مدن ومحافظات مصر وتحديد الموارد غير المستغلة لديها ثم تحديد احتياجاتها، وبالتالى يدفع إلى جذب رجال الأعمال والمستثمرين من أبناء المحافظة ومن خارج مصر لدعم الإنتاج وإقامة مشروعات للتشغيل ودعم فكرة المنافسة والعمل المجتمعى التطوعى، وتحفيز شباب المحافظة على المشاركة فى العمل التطوعى والمجتمعى.
دعم مثل هذه الاقتراحات يأتى من خلال ثقافة المنافسة بين المدن والمحافظات من خلال التفعيل الحقيقى لـ"جائزة مصر للتميز الحكومي" التى تم إطلاقها منذ حوالى 4 سنوات لتحقيق استراتيجية التنمية الشاملة – رؤية مصر 2030- بتكوين جهاز إدارى كفء وفعال يطبق مفاهيم الحوكمة، ويساهم بدوره فى تحقيق التنمية ويستجيب لطلبات المواطنين للعبور بمصر إلى مصاف الدول المتقدمة. والهدف أيضا من الجائزة هو تحفيز روح التنافس والتميز على مستوى الموظفين من جهة، وعلى مستوى المؤسسات الحكومية من جهة أخرى.
وتغيير فلسفة العمل الحكومى ونشر ثقافة الجودة والتميز على مستوى الجهاز الإدارى للدولة وتعزيز روح الابتكار والإبداع والمكافأة على التميز فى المجتمع المصرى، إلقاء الضوء على النماذج الناجحة للمؤسسات والأفراد فى القطاع الحكومى، وبناء نموذج مؤسسى جديد يطبق مفاهيم الحوكمة والاستدامة فى الجهاز الإدارى للدولة.
السيرة العملية للدكتورة منال عوض وزيرة التنمية المحلية تمنحنا الأمل فى إحداث التغيير الشامل فى الإدارة المحلية للدولة، فالنجاح فى بناء قاعدة حكومية من سفح الجهاز الإدارى للدولة وهو المحليات سينتج عنه بناء مؤسسى متكامل وناجح يحقق ما يصبو إليه المواطن وما تستهدفه الدولة فى التنمية المستدامة.