هناك تساؤل دائم عن مصير الثقافة والفنون والغناء والموسيقى فى عصر الذكاء الاصطناعى، وهل يمكن أن تكون هذه الفنون قابلة للاختراع، التساؤل فى الواقع مطروح فى كل لحظة وأصبح يفرض نفسه فى كل منتدى، الخوف من الذكاء الاصطناعى أصبح واقعا، هل سوف ينهى الوظائف، ويقوم بأدوار كانت محتكرة للبشر حتى الآن؟
البعض يقول إن الذكاء الاصطناعى يمكن أن يحل مكان البشر فى مهن مختلفة، فى الإعلام، يكتب الأخبار وينشر الصور وينوع فى المحتوى، ويقوم بمهام عدد من المحررين، وبالتالى فقد يكون بالفعل مهددا لعدد من المهن التقليدية، مثلما كان الكمبيوتر نفسه والحاسب أحد عناصر توفير وإنهاء بعض المهن فى الصحافة والنشر والطباعة، وحرق المراحل.
كالعادة هناك تصورات بعضها متشائم، والآخر لديه بعض الأمل، الفريق الأول يرى أن تطور الذكاء الاصطناعى يمكن بالفعل أن يطيح بالبشر فى كل شىء، ومع الوقت وتطور الأجيال يمكنه أن يحل مكان البشر فى البرامج وتأليف القصص أو الأفلام، بينما الفريق الثانى يرى أن الإبداع سيظل هو الفاصل، وأن الذكاء الاصطناعى حتى الآن يُنتج من إعادة طبخ ما هو موجود على شبكة الإنترنت، وبالتالى فهو يعيد إنتاج ما هو موجود مع تباديل وتوافيق تنتج أنواعا من الأفكار، ويمكن من خلال الذكاء الاصطناعى الكشف عما هو من إنتاج الذكاء الاصطناعى، وهذه النقطة بالذات يستند إليها المتفائلون، الذين يرون أن البشر سيبقى دورهم قائما ومهما، فقط بالفعل سوف تختفى مهن لتحل مكانها روبوتات، وأن هذه الروبوتات يمكنها تنفيذ مهام صعبة فى عمليات البناء والمعمار، وأن الروبوت يمكنه تنفيذ مهام بسرعة ودقة، وهدوء ومن دون هدر أو أخطاء، بجانب عمليات الإصلاح المنزلى وغيره.
فى عالم اليوم أصبحت الثقافة والفنون بمشتملاتها فى أهمية متطلبات الحياة، وأن هناك خلال السنوات الماضية عمليات تتم، تتعلق ببناء أو تزييف الوعى، وتتم بأشكال منهجية ، تتجاوز التلاعب فى الأفكار والمحتوى الثقافى، بشكل يعيد تشكيل الوعى بأنواعه، وأن هناك زمنا طويلا يقضيه البشر الآن فى كل العالم على شبكات الإنترنت، ومواقع التواصل، بل وهناك مليارات يتم إنفاقها لإنتاج محتوى ثقافى أو فنى، ويكفى نظرة على حجم ما ينفقه الأفراد على الإنترنت والمنصات وما يتلقونه من بث مباشر وغير مباشر، لنعرف مدى تأثير هذا البث على الوعى، واستعراض حجم ما يتم ضخه وتداوله من معلومات وأفكار وتسالى وترفيه، وتبثه الشاشات كل لحظة لنعرف أن الأمر صناعة مستمرة تسهم فى صياغة العقول والقلوب بشكل معقد، ولم يعد إنتاج الثقافة حكرًا على جهة واحدة، لكن هناك منصات متعددة منتشرة فى كل مكان تصنع عالمًا افتراضيًا وطبيعيًا متداخلًا.
الثقافة والفنون فى هذا العصر سلع يمكن تسويقها وتدر عوائد، وهناك إنتاج ضخم اليوم للسينما والدراما يجتاح العالم، من خلال منصات استفادت ووظفت التطور التقنى والرقمى بشكل مضاعف، لدرجة أن منصة مثل نتفليكس نجحت فى منافسة شركات عريقة فى صناعة السينما والدراما.
ولا يكفى أن تمتلك أى دولة تراثًا فنيًا كبيرًا، لكنها تحتاج إلى أدوات تسويق وتوزيع هذا التراث، ليصل بسهولة إلى جمهور تثبت التجربة أنه متعطش إلى المنتج الجيد، هناك انتعاش لمهرجانات السينما والمسرح والغناء والأنشطة الترفيهية، والعروض المباشرة، التى لا تزال قادرة على جذب الجمهور وصياغة أمزجته.
وللعام الثانى يواصل مهرجان العلمين نشاطه فى تقديم أنشطة متنوعة فنية، غناء ومسرح، وأنشطة رياضية، ومسابقات، بجانب مهرجانات مهمة مثل مهرجان القلعة الذى يقدم كبار المطربين والمنشدين بأجيالهم، وتسهم الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، فى توسيع مجالات الإبداع الفنى، والدرامى، ويأتى مهرجان العلمين الجديدة للعام الثانى كأكبر حدث ترفيهى، ويقدم تجربة جديدة تمزج الحفلات الموسيقية، بالأنشطة الرياضية والترفيهية، لتكون شاهدة على اكتمال العلمين الجديدة كإحدى أفضل الوجهات فى العالم، بعد أن كانت مجرد صحراء مزدحمة بالألغام منذ الحرب العالمية الثانية، وتحولت إلى وجهة جذب سياحية، توفر آلاف من فرص العمل والعوائد، وتمثل مع الوقت أحد عناصر التوسع، وبعد أن كانت السياحة حتى فترة مركزة فى الشرق وسيناء، أصبح القوس الغربى ممرا من ممرات التنمية التى تنمو عليها المدن والمشروعات، التى تمثل مسارات للتنمية، تنتظر فرصا فى الأنشطة المتنوعة، ضمن ممرات التنمية، فى زمن المنافسة والمنصات.
مقال أكرم القصاص فى عدد اليوم السابع
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة