فى روايات نجيب محفوظ، على تنوع عوالمها وامتداد مسيرة إبداعها واختلاف تواريخ صدورها، تلوح مجموعة من المفردات المتكررة، التي لها طابع مكاني وزمني معا. تتردد هذه المفردات فى عوالم هذه الروايات، مقترنة بدلالات خاصة، وكأنها تمثل جزءا من "لغة" بحدّ ذاتها، قارة فى عالم محفوظ الروائى، وإن اختلف تجسيدها وتوظيفها من رواية لأخرى.
هناك مجموعة من المفردات تنتظمها دلالة الوقوع داخل "البيت"، أو التعبير عن الصلة بينه وبين ما هو خارجه.
"المشربية"، و"النافذة"، و"الشرفة"، و"الدهليز"، و"السلم"، و"السطح"، و"العتبة" ... كلها تنتمي بشكل أو بآخر لمكونات البيت، وأغلبها يرتبط بما يصل البيت بخارجه، أو بما يفتح عالم هذا البيت على حدود قريبة منه. ـ ويمكن أن تلتحق بهذه المفردات، بقدر من التجاوز، مفردة "الصورة الثابتة" التي لها حضور كبير داخل البيت، ولها حضور أيضا في "البنسيون" وفي "المقهى" باعتبارهما أشبه ببيتين. وإذا كانت هذه المجموعة من المفردات تبدو كأنها تعبيرات عن "أماكن" فحسب، فإنها فى تجسيداتها الروائية تلوح مشبعة بأزمنة عدة.
وهناك مجموعة من المفردات تقع جميعا خارج حدود البيت، وقد تتناءى تدريجيا عن نطاقه، ومن ثم تتباعد شيئا فشيئا عن دلالاته: "الزقاق"، و"الحارة"، و"المقهى"، و"الميدان"، و"الحي" .. كلها مفردات تتردد بكثرة لافتة فى روايات نجيب محفوظ. وتجسيد هذه المفردات ينهض على التقاطات تجعل صياغاتها تتحرك بين حضور دلالات "التعارف والتقارب" بين الشخصيات، من ناحية، ودلالات "عدم التعارف والتقارب" بينها، من ناحية أخرى.
وهناك مجموعة من المفردات تتماسّ وتجارب موصولة بـ"العالم الروحى" لبعض الشخصيات، مرتبطة بأسئلة كبرى مراودة، تتعالى على تغيرات الأزمنة والأماكن، هى جزء من التعبير عن قضايا روحية كانت ولا تزال من معالم الوجود الإنسانى بوجه عام. فى هذه الوجهة نجد مفردات من مثل: "التكية"، و"الساحة"، و"القبو"، و"الخلاء"، و "المقبرة"، و"الحديقة"؛ كلها تتردد فى أغلب روايات نجيب محفوظ، وأكثرها ينفتح دلاليا على أسئلة الحياة والموت، والفردوس والجحيم، والخلق، وأصل العالم وماوراء حدوده المعروفة .. إلخ.
وقد توقفنا بالتفصيل عند أبعاد هذه المفردات في روايات محفوظ، (في فصل بكتاب عنوانه "في غياب الحديقة")، ونشير هنا إلى بعض ملامح مفردة واحدة من بين هذه المفردات، هي مفردة "الصورة الثابتة" التي تطلّ علينا ونطلّ عليها في عدد من روايات محفوظ، مرتبطة بأزمنة وبأماكن بعينها، وطبعا بشخصيات بعينها.
**
مرسومة باليد فى (أولاد حارتنا)، أو ملتقطة بالكاميرا فى روايات أخرى، تقتنص الصورة الثابتة لحظة بعينها من لحظات الزمن، مشهدا بذاته من مشاهد المكان، وتخلّد تلك اللحظة أو ذلك المشهد لتجعل استعادتهما ممكنة، لدى الشخصيات التى تشاهد تلك الصورة، فى أزمنة تالية وأماكن قد تكون متعددة.
ومثل هذه الصورة إذ تأتى بما تأتى به، من زمنها ومكانها إلى أزمنة وأماكن استعادتها، تمنح فى الرواية، لشخصياتها، كما تمنحنا نحن إذ ننظر إليها وإلى تلك الشخصيات، إمكانا لتأمل المسافة أو المسافات، القصيرة أو الشاسعة، بين أزمنة وأماكن متنوعة، قد تغيَّر خلالها الزمن وتغيّر المكان، كما تغيّر العالم كله: من تلك الملامح الحاضرة الماثلة داخل الصورة، فى ذلك المشهد الثابت المستعاد (الذى آل غالبا إلى غياب، وأحيانا إلى موت، أو غياب يستوي والموت) إلى تلك القسمات الحاضرة، القائمة فى سياق الاستعادة نفسه، لتلك الصورة ولعالمها، فى آن.
*
في رواية (أولاد حارتنا) يشير الراوى إلى مجموعة من الصور، مرسومة أو "خيالية" ـ بتعبير الراوى ـ معلقة على الجدران. فى القهوة، فوق أريكة الشاعر، واحدة من هذه الصور، هى "صورة ملونة لأدهم فى رقاده الأخير وهو يتطلع إلى الجبلاوى الواقف بباب الكوخ".
يقتنص المشهد، داخل الصورة، لحظة زمنية ومكانية فاصلة فى علاقة ممتدة جمعت بين "أدهم" وأبيه "الجبلاوى"، سواء فى حياتهما المشتركة داخل البيت الكبير أو فى حياة أدهم وقد انفصل ـ ظاهريا ـ عن أبيه، فيما بعد "خروجه/طرده" من البيت. يستخدم الراوى الفعل "يتطلع"، مسندا إلى أدهم، اختزالا لتجربة حنين طويلة، حافلة بالتفاصيل، مرّ بها أدهم خلال الزمن الذي عاشه بعيدا عن البيت الكبير، وظل خلاله "يتطلع" ـ يحلم ويرنو، معا ـ إلى هذا البيت وإلى حديقته وإلى صاحبه، كما ظلت تخايل عينيه وروحه ذكريات جميلة بقيت راسخة، من وعن البيت وحديقته وصاحبه.
*
وفى بيت "جواد" الشاعر يشاهد "رفاعة" صورة أخرى؛ "مرسومة بالزيت على الجدار كالصور التى تزين جدران المقاهى، وتمثل رجلا هائلا تبدو إلى جانبه ربوع الحارة ضئيلة كلعب الأطفال" .. وهذا الرجل هو الجبلاوى.
من زمنه ومكانه يحدق رفاعة فى الصورة، ويتأمل مغزاها. المنحى "الخيالى"، فى الصورة، يتخذ مستوى "تعبيريا" ـ بالمصطلح التشكيلى الذائع المتعارف. ثمة إعادة صياغة للنسب والمقاييس المعتادة بما يتوافق وتصوّر مبدع الصورة وربما تصورات بعض مَن يراها. ومع إعادة الصياغة هذه، تلوح ربوع الحارة "ضئيلة كلعب الأطفال"، ويبدو الجبلاوى بجانبها "رجلا هائلا".
*
فى نقطة متأخرة من الزمن الطويل الذي تقطعه وقائع الرواية، سوف نعود إلى مكان العرض الأول نفسه، فى القهوة فوق أريكة الشاعر، لنرى هذه المرة أكثر من صورة: صورة من أسفل "لعجاج ممتطيا جواده، وفوقها صورة للناظر قدرى بشاربه الفخيم وعباءته الأنيقة، ثم فوقهما صورة لجثة رفاعة بين يدي الجبلاوى وهو يرفعها من الحفرة ليأخذها إلى بيته". الصور جميعا، بتراتب وترتيب مقصودين، تبث (خلال لحظات ومشاهد يتم تثبيت ملامحها بما يجعلها تناوئ كل تغير) مغزى عميقا متواريا لقصة الهيمنة ومسيرتها، وأيضا لمعنى العدالة (فى غيابها القائم عبر الزمن الطويل، وفى حضورها المتخيَّل عبر الزمنين: المستعاد السابق والمأمول القادم).
فى الصورة العليا جثة رفاعة؛ أى أننا هنا فى زمن ما بعد وفاته، وعلينا التسليم بأنه، حتى هو، قد مات. تلك حقيقة يجب التسليم بها، تأكدت وتؤكدها حكاية رفاعة التى رواها "الشاعر" كثيرا ولا يزال يرويها. ما لم تؤكده الحكاية، وتسعى الصورة هنا إلى تأكيده، هو أن الأب الجبلاوى لم يترك رفاعة بعد موته (والرواية نفسها، بل حكاية رفاعة نفسها، تومئ إلى "ترك" رفاعة لقتلته، بحسّ فجيعة واضح، مهمَلا منسيا فى حفرة بالخلاء الموحش) بل انتشله الأب من حيث هو ملقى؛ رفع جثته "بين يديه" "ليأخذها إلى بيته"، أى إلى المكان الأرفع درجات من الخلاء ومن الحارة جميعا.
مع موت رفاعة الذي تقرّه الحكاية وتؤكده الصورة الأولى، وغياب الجبلاوى الذي سوف يستمر داخل البيت الكبير، هناك "إشارات" أخرى تحتويها الصورة الثانية والصورة الثالثة. لقد توارت من الصورتين تمثيلات الطيبة والمقدرة والعدل والخير، ليحتل مكانها تمثيلان للثروة والسطوة، الناظر والفتوة، أي مَن آل إليه أو من استولى واستحوذ على "الوقف"، ثم مَن يعدّ اليد الطولى الباطشة له. المالك الجديد ومن يمثل قوته، معا، فى الصورتين، مرسومان بالهيئة التى يراد "تثبيتها" لهما في الذاكرة التي "آفتها النسيان"؛ في لحظة محددة لهما بزمن وبمكان محددين، وهي لحظة "يجب" أن تتصل وتمتد، فى مخيلة أهل الحارة، لدى كل من يشاهد الصورتين، في كل زمن آخر: الناظر "بشاربه الفخيم وعباءته الأنيقة"، وعجاج "ممتطيا جواده".
*
فى (قصر الشوق)، من فوق جدار ببيت المرحوم "السيد محمد رضوان" الذي ذهب إليه ياسين ليخطب ابنته "مريم"، تتراءى إحدى الصور أمام عيني "ياسين" المهتم بالحياة التى تتدفق وتنبض فى لحم ودم وليس بالمناظر داخل الصور.. وتبدو قسمات المرحوم السيد رضوان فى حالة حراك بين ملامحها التي تطلّ من زمن آخر، وبين استمرار هذه الملامح فى حياة راهنة قائمة. يجلس على كنبة فيواجه الصورة: "وهو يتفحص المكان بعناية حتى ثبتت عيناه على وجه السيد محمد رضوان الذي بدا [في الصورة] وكأنه يبادله النظر بعينى مريم".
*
فى رواية (الطريق) وقفة أمام الصورة الفوتوغرافية التى يحصل عليها "صابر" من أمه "بسيمة عمران" قبيل موتها، وبعد أن أخبرته بحقيقة مفاجئة: أن له أبا حيّا كان زوجها. تقوم هذه الصورة بوظائف متعددة لصابر ولعالم لرواية كله. الصورة، من ناحية، برهان على أن ذلك الزواج القديم القصير (وصابر ثمرة له) قد تحقق بالفعل، والصورة، من ناحية ثانية، عون لصابر فى التعرف على ملامح أبيه يمكن أن تساعده في العثور عليه، والصورة من ناحية ثالثة تذكرة ماثلة، راسخة، بأن ذلك الأب لم يكن محض وهم، وبأن فى استعادته ما يمكن أن يعين صابر على ما يجاوز به مشكلات وضعه الصعب بعد وفاة أمه التي كانت مصدر دخله. والصورة، كذلك، يمكن تقديمها لذلك الأب، فى حال اللقاء به، كدليل على أن هذا الشاب الذي لا يعلم عنه شيئا هو ابنه، يرى فيها نفسه فيراه. ثم إن الصورة، فى عالم الرواية، بمثابة شارة على السعي إلى استعادة ذلك الأصل البعيد الذي شهدته لحظة من الزمن والمكان بعينها، وهو أصل يمثل أمل العثور عليه والوصول إليه "طريق البحث" الذي سوف يتأسس عليه عالم الرواية كله.
بعينى صابر نرى: "الصورة التى جمعت بين والديه منذ ثلاثين عاما تماما". اللحظة التى تم تجسيدها، هنا، هى لحظة واحدة من لحظات عدة شهدتها العلاقة التى كان صابر علامة عليها ونتاجا لها، والتي انفصمت قبل حوالي ثلاثين عاما. صابر ابن العلاقة التي تؤكدها الصورة وتقوم بترسيخها في مواجهة أى نسيان يمكن أن ينتاب الذاكرة. لقد غاب الآن، فى حاضر رؤية الصورة من زمن آخر ومن مكان آخر، زمن الصورة ومكانها، وغاب الطرفان الماثلان فيها؛ أحدهما غاب بالموت (الأم بسيمة) والآخر غاب بحضور غامض يستوي والغياب (الأب سيد الرحيمي). الصورة تدافع هذا الغياب وتناهضه. إن "وجه الأب" الذي "لا يمكن أن ينسى" تعبير يقفز فوق ثلاثين عاما قد انقضت، ويتحرك فيما بين الزمن الغافى الساكن فى الصورة وزمن صابر المتدفق الراهن، وزمن قادم محتمل سيتأبى ويستعصي خلاله وجه هذا الأب على النسيان. بهذا المعنى، الصورة تغدو مفردة مجاوزة للأزمنة والأماكن، وإن لم يتحول مشهدها الجامد الثابت، أو على الأقل لم يتحول مشهد الأب الثابت فيها، إلى حركة نابضة حية، أى أن الصورة تقاوم وتدافع الغياب ولكنها لا تنفى حدوثه الماثل بالفعل. هى محض "أمل" سوف يستمر في الرواية حتى اليأس الأخير.. سيظل الأب ثابتا وقريبا وواضح الملامح، داخل الصورة.. وسيظل الأب خارج الصورة، رغم كل محاولات البحث عنه، غامضا وبعيدا، ومراوغا، ومحال الحضور.
*
وفى رواية (ميرامار) تدخل الصورة الثابتة، بأزمنتها وأماكنها القديمة، طرفا فى تكوين تلك الرؤية القائمة على التعدد في هذه الرواية التي تنبني على تعدد الرواة، وتحتفي بتناول الواقعة الواحدة من زوايا متباينة أو متعارضة مرتبطة بشخصيات الرواية المختلفة. يتحدث "عامر وجدي" عن صورة معلقة لـ"ماريانا" مع زوجها الأول، الضابط الانجليزى الذى قتل فى ثورة 1919: "وجدتنى وحيدا بعد ذهابها أنظر إلى عينى زوجها الأول وينظر إلىّ. ترى من قتلك وبأى سلاح؟ وكم من جيلنا قتلت قبل أن تقتل؟"، كما يتحدث عامر وجدي أيضا عن صورة أخرى لماريانا: "ما أجمل هذه الصورة النابضة بالشباب. وقد وضعت على المقعد ركبة الساق اليمنى وأراحت الأخرى على الأرض، واستدار وجهها ليواجه الكاميرا باسما معتزا بملاحته وقد انحسر ديكولتيه الفستان الكلاسيكى الفضفاض عن قاعدة العنق الطويل ونحر منبسط كالمرمر".
هذه الصورة الأخيرة نفسها سوف يتم التوقف عندها من وجهة نظر أخرى، ترى فيها شيئا مختلفا. يقول "حسنى علام": "جعلت أنظر إلى الصور كمقدمة لمعرفة أصحابها. من هذا الضابط الانجليزى؟ ومن الحسناء المتكئة على ظهر الكرسى؟ جميلة ومثيرة. ولكنها قديمة. موضة الفستان تقطع بأنها كانت معاصرة للعذراء".
*
وفى رواية (المرايا) يشير الراوى إلى "بدر الزيادى" ويختزل بسرعة سيرته وأهم المعالم فى الصلة التى جمعتهما معا. وهذه السيرة القصيرة للزيادى، وإن كانت ممتلئة بالحياة، تنتهي مبكرا بموته شهيدا عندما اقتحمت المدرسة التى جمعتهما، هو والراوى، كونستبلات الإنجليز، في زمن المظاهرات والإضرابات.
ينتمي المشهد فى الصورة، بالطبع، إلى زمن سابق على زمن استشهاد بدر الزيادي، ويختزل هذا المشهد شخصية بدر وعالمه كله فى لحظة "مجده الحقيقى" ـ بتعبير الراوى ـ الذي يتمثل فى أنه كان "يتألق فى فناء المدرسة"، "امتيازه الحق الذي [كان يناله] بكل جدارة واحترام فى كرة القدم"، إذ "عرف بقدرته الخارقة فى المحاورة والمداورة والسيطرة على الكرة.. إلخ". لقد انتهت حياة بدر وتلاشى من ثم شغفه بها، وأفل مجده الحقيقى الحي، ولكن لا زالت ـ بكلمات الراوى ـ "الصورة التذكارية لفريق كرة القدم تجمعنا وهو يتوسط الفريق، الكرة بين قدميه، يطالع الكاميرا بنظرة مرحة مترعة بالثقة بالنفس" ..
*
وفى رواية (الباقى من الزمن ساعة) نحن أمام الصورة التذكارية التى تعود إليها "سنية المهدى" مرات عدة؛ "كلما نبض قلبها بالحنين"، أى كلما تاقت إلى الزمن الأول والأماكن الأولى والعالم الجميل الذي انقضى، بعد أن آل عالمها الحاضر إلى ما آل إليه من تدهور ووحشة وموات مجازى وفعلى: "صورة الرحلة التذكارية (...) نسيت أشياء وأشياء ولكنها لم تنس عام 1936 تاريخ الصورة، ففى ذلك التاريخ كتب الخلود للحظة زمانية من تاريخ أسرتها.. إلخ". ها هنا لا يستعاد الزمن الأول فحسب، بل يسترد ويبتعث ما كان فيه من رونق وبهاء.. ُتسترجع أيام ومشاهد ما قبل غياب من غاب، وما قبل تدهور صحة من تدهورت صحتها. تدافع الصورة وتاريخها الزمن الذي لا يتوقف أبدا عن الحركة والسير (ولنلاحظ عنوان الرواية نفسه)، إذ يمضي بمن وبما يمضي بهم وبه من أحباء وأقرباء وعوالم جميلة. لا تنسى سنية المهدى تاريخ الصورة وإن باتت، فى حاضرها، تنسى "أشياء وأشياء". سوف تعود سنية إلى هذه الصورة مرات ومرات، ستزورها بين آن وآن، لترنو إلى ملامح وجهها النضرة التي شاخت، وتحدق فى ملامح الأقربين الأحياء الذين شاخت ملامحهم النضرة أيضا.. وستجد سنية المهدي نفسها أمام مسافة كبيرة بين ما يجلل الصورة من "عذوبة شاملة (...) لم يظهر فيها أثر للزمن"، من جهة، بينما "الزمن لم يتوقف لحظة واحدة خارج الصورة"، من جهة أخرى.
**
هي لحظات محددة اقتنصتها وثبّتتها الصور التي تتراءى في عدد من روايات نجيب محفوظ... ولكنها لحظات مشرعة على أزمنة وأماكن وشخصيات وتجارب وحيوات لا حدّ لتعددها، ولا حدّ لرحابتها وحركتها وتدفقها.