فى أسوأ اندلاع للاضطرابات المدنية منذ أكثر من عقد، تشهد المملكة المتحدة موجة من الاشتباكات العنيفة وصلت إلى اعتقال العشرات ومهاجمة قوات الشرطة واستهداف مساجد ومبانى إسلامية فى مدن مختلفة وسط احتجاجات لجماعات من اليمين المتطرف معادية للهجرة وجماعات حقوقية مناهضة للعنصرية.
فما سبب هذه الاضطرابات
بدأت القصة يوم الاثنين الماضى بعد مقتل ثلاث فتيات صغيرات في حادث طعن وحشى فى ستديو رقص يعلم رقصات المغنية الأمريكية الشهيرة تايلور سويفت في ساوثبورت، ميرسيسايد. وقبل الإعلان عن مرتكب الهجوم وهو أكسل روداكوبانا، 17 عامًا، الذي ولد في كارديف وعاش بالقرب من ساوثبورت، انتشرت ادعاءات كاذبة عبر الإنترنت بأن المشتبه به يُدعى علي الشكاتي ، طالب لجوء مسلم وصل إلى المملكة المتحدة بالقارب في عام 2023، وهو ما تم نفيه.
احتجاجات فى مدن متفرقة
ورغم النفى، بدأت جماعات اليمين المتطرف فى احتجاجات عنيفة فى مدن مختلفة فى جميع أرجاء المملكة المتحدة، وتعرض ضباط الشرطة للإصابات ووقعت أعمال عنف وتخريب لمتاجر ومساجد ومبانى إسلامية.
وحذر الوزراء البريطانيون من أن مثيري الشغب "سيدفعون الثمن" بعد موجة الاشتباكات العنيفة وسط تحذيرات من وقوع المزيد من العنف فى الأيام المقبلة.
وقالت وزيرة الداخلية إيفيت كوبر إن الشرطة ستحصل على الدعم الكامل من الحكومة لاتخاذ أقوى إجراء ممكن. وقالت: "العنف الإجرامي والاضطرابات ليس لهما مكان في شوارع بريطانيا".
واعتبرت صحيفة "الجارديان" البريطانية أن الاشتباكات الواسعة النطاق تشكل أول تحد كبير لحكومة كير ستارمر الجديدة، التي تواجه مطالب بإدخال سلطات الطوارئ لوقف المزيد من العنف واستدعاء البرلمان.
وأوضحت صحيفة "الجارديان" إن الاشتباكات والتبادلات المتوترة بين المحتجين المناهضين للإسلام والمتظاهرين المناهضين للعنصرية فى بلفاست شهدت إلقاء الطوب على ضباط الشرطة فى ستوك أون ترينت وإلقاء الألعاب النارية، كما تم تحطيم نوافذ فندق تم استخدامه لإيواء المهاجرين في هال، حيث أصيب ثلاثة من ضباط الشرطة وألقي القبض على أربعة أشخاص. وأظهرت لقطات فيديو لاحقة على وسائل التواصل الاجتماعي متاجر تحترق.
كما أصيب العديد من الضباط خلال "اضطرابات خطيرة" في وسط مدينة ليفربول، حيث تم إلقاء الطوب والزجاجات والشعلة النارية واحتاج ضابطان إلى العلاج في المستشفى وتم اعتقال ستة أشخاص. وقالت شرطة منطقة مانشستر الكبرى إنه تم إصدار إشعار بتفريق المتظاهرين في وسط المدينة. واندلعت اشتباكات عندما واجهت مجموعات متعارضة بعضها البعض في ساحة السوق القديمة في نوتنجهام حيث تم إلقاء الزجاجات وغيرها من الأشياء من الجانبين.
انتشار للإسلاموفوبيا
ومن جانبها، اعتبرت صحيفة "الاندبندنت" البريطانية إن اضطرابات اليمين المتطرف فى المملكة المتحدة مدفوعة بمشاعر معادية للإسلام متجذرة بين بعض قطاعات السكان.
وقد أثار اليمين المتطرف إدانة من أعضاء البرلمان من مختلف الأطياف السياسية بعد الاضطرابات في لندن ومانشستر وساوثبورت وهارتلبول وسندرلاند على مدار الأسبوع الماضي، والتي شهدت العديد منها استهداف المساجد وغيرها من المباني الدينية الإسلامية.
وحذرت مؤسسة Runnymede Trust البحثية للمساواة العرقية والحقوق المدنية من أن "العنصرية العنيفة كانت تغلي منذ فترة طويلة تحت سطح" المجتمع.
وقال متحدث باسم المؤسسة: "ما يحدث هو النتيجة المباشرة لسنوات من العنصرية الطبيعية وكراهية الإسلام، التي مكنها الساسة ووسائل الإعلام البريطانية".
ووفقًا لبيانات وزارة الداخلية، كان هناك ارتفاع في الحوادث والخطابات المعادية للإسلام في السنوات الأخيرة. ، فضلا عن أن جرائم الكراهية الدينية في أعلى مستوياتها على الإطلاق والمسلمون هم المجموعة الدينية الأكثر استهدافًا.
كانت هناك زيادة بنسبة 9% في جرائم الكراهية الدينية في العام المنتهي في مارس 2023 - واستهدفت 2 من كل 5 من هذه الجرائم المسلمين.
ومع ذلك، تُتهم السلطات بعدم فعل أي شيء لمعالجة هذا الارتفاع؛ فقد ظهر مؤخرًا أن مجموعة العمل المعنية بمكافحة الكراهية ضد المسلمين التابعة للحكومة المحافظة السابقة كانت "متوقفة مؤقتًا" لأكثر من أربع سنوات، من عام 2020 حتى خسارة الحزب في الانتخابات العامة، على الرغم من الوعود المتكررة من المسئولين وزيادة جرائم الكراهية.
وقالت الصحيفة إن استراتيجية حكومة حزب العمال الجديدة لمعالجة الإسلاموفوبيا لا تزال غير واضحة، وقد تعرض السير كير ستارمر لانتقادات لفشله في التعامل بشكل كافٍ مع المجتمعات المسلمة في أعقاب الاضطرابات.
ومؤخرًا، كشفت صحيفة الإندبندنت أن مجموعة سياسية إسلامية "غمرتها" الإساءات العنصرية والتهديدات العنيفة خلال الانتخابات العامة، مما أدى إلى تقديم تقرير إلى الشرطة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة