مما لاشك أن القيمة تحمى المجتمع من الغرق في بحر التفاهات والموبقات، فلك أن تتخيل - مثلا - إن لم يراك ابنك أعظم أب فى الدنيا، وهيبتك أمام عينيه دائما، فسيراك - قطعا - مجرد شئ أو رقم في حياته أو محفظة نقود لا أكثر، فلا معانٍ للأبوة الحقيقية لديه، حيث الحب والطاعة والفداء والإكرام والإحسان، وإنما علاقته بك لا تخرج عن المصلحة والحاجة والاستفادة، فلا يضيره البُعد ولا الجفاء، وتقربه المادة وتحكمه الأنانية ويسيطر عليه التبجح، ويختفى من حياته الحياء.
وما أسوأ من حياة بلا حياء، نقول هذا فى ظل انتشار ظواهر سببها غياب الحياء من حياتنا، كعقوق الوالدين، وانتشار التبجح بين الأبناء والآباء، وتزايد الأنانية والتكبر والتعالى والتلفظ بما لا يليق، وما نراه في الأفراح والبحث عن الترند، وما نراه في الشوارع من تبجح وتلفظ بألفاظ نائية حتى في موضع الضحك واللعب والجد.
فالحياء – يا سادة - قيمة لا تقدر بثمن، فهو للنساء فِطرة وللرجال فضيلة، ولا يسكن إلا النفس المُرهفة، فما أعظمه من قيمة، وإذا غاب كانت السطحية وسيطر الشك وانتشر العنف والبلطجة والإدمان في الشوارع والبيوت والمدارس، وامتهن كل جميل في حياتنا، وأزيلت الهالة المقدسة حول كيانات ومفاهيم هي محل تقدير وتقديس لنا.
وغياب الحياء يسمح لظهور نجوم مؤقتة زائفة لم تستطع مهما كان بريقها ملء الفراغات، وبغيابه أيضا تحدث تحولات اجتماعية كبيرة تتبدل فيها الأمزجة والمواقف والانطباعات.
نهاية، نستطيع القول، إن الحياء للنساء فطرة تكسو روحها جمالا وأخلاقا ودلالا، وللرجال فضيلة ودليل مروءة وشهامة، وإذا حُرم أحد من الحياء، فإنه بكل قبيح يتحدث، ويرى التبجح انتصارا ومَقدرة، فعلينا بالحياء لتستقيم حياتنا..