عادل السنهورى

9 سنوات على افتتاح قناة السويس الجديدة

الأربعاء، 07 أغسطس 2024 12:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

مرت 9 سنوات على ذكرى افتتاح قناة السويس الجديدة والتي جرت وقائعه في مثل هذا اليوم في 6 أغسطس من عام 2015 .هذا المشروع القومي الحيوي الذى دشنه الرئيس عبد الفتاح السيسى يوم 5 اغسطس 2014 ولم يستغرق إنشاؤه سوى عام واحد بسواعد وعزيمة وهمة العمال والمهندسين والفنيين المصريين، وكان بمثابة الحلم الذي طال انتظاره لحركة التجارة العالمية التي تمر عبر قناة السويس.

ومثلما كان يوم تأميم القناة في يوليو 56 لحظة تاريخية استثنائية في تاريخ مصر  بعودة قناة السويس إلى السيادة المصرية، كان حفر قناة السويس الجديدة بطول 74 كيلومتر مربع هو مشهد وطني وتاريخي بامتياز و أيام مجيدة لا تنسى من الذاكرة الوطنية، جسده الشعب المصري لتلبية نداء الوطن والقائد.
كان المشهد من خلال الحشد والزخم الشعبى والإقبال غير المسبوق على شراء شهادات استثمار قناة السويس لتمويل المشروع الذى تكلف 60 مليار جنيه، رائعا ومدهشا ومحيرا للعالم ووسائل إعلامه التي وصفت المشهد بأنه غير مسبوق في ظل أوضاع صعبة للغاية تشهدها مصر في تلك اللحظة .
المشهد لم يصدقه كثيرون في الداخل والخارج.. فأوضاع البلاد الأمنية والاقتصادية والسياسية لم تكن على ما يرام، والضغوط الدولية على مصر بعد ثورة 30 يونيو مستمرة وعلاقاتنا الدولية ليست في أفضل حالتها.
المشهد بين يوليو 56 وأغسطس 2015  الفيصل فيه هو الرهان على المعدن الصلب الأصيل للمصريين وصمودهم واصطفافهم الوطني خلف قيادتهم وعدم خذلانها والتخلي عنها. فقناة السويس قضية وطنية خاصة في الضمير الجمعي للشعب المصري الذي ضحى من أجلها بالغالي والنفيس من أرواحه وأمواله.
طوابير الملايين من المصريين للاكتتاب في شهادات قناة السويس أذهلت العالم وكانت بمثابة الصفعة لكل المتشككين في قدرة مصر على جمع مبلغ انشاء المشروع.وتم جمع الأموال فى أسبوعين فقط وتحقق على الأرض ما كان يتغنى به المصريون قبلها بنحو 59 عاما " من أموالنا..بايد عمالنا".
خروج المصريين للاكتتاب كان بمثابة رسالة مدهشة ومبهرة للعالم بأن مصر لن تسقطها دعاوى الغدر والخيانة، ولن تركع أمام جيش الظلام والإرهاب.. وأن مشهد 56 قد عاد بأبهى صوره الجديدة مرة أخرى. داس المصريون بأحذيتهم على كل من هاجموا المشروع بكل أدوات الكذب والشائعات، لنشر مشاعر الإحباط وفقدان الثقة لدى طوائف الشعب المصري وبسخرية بائسة.
الشعب المصري وهو يحتفل اليوم بالذكرى التاسعة لافتتاح القناة الجديدة لا ينسى تلك الأيام ولا ينسى حالة الاصطفاف الوطني خلف مشروع قومي لدعم الاقتصاد المصري ووأد أية مشروعات ومخططات أخرى لسحب البساط من الممر الملاحي الأهم لحركة التجارة العالمية. ولا ينسى السواعد الفتية والقوية لحولي 44 ألف مواطن مصري التي قامت بالحفر، بمصاحبة 4500 معدة، و84 شركة.
ساهمت القناة الجديدة في زيادة إيرادات قناة السويس، فقد حققت حتى العام المالي 2022/ 23ايرادات بلغت 9.4 مليارات دولار ، أي ما يقرب من 2.3٪ من الناتج المحلي الإجمالي لمصر، مقارنة بـ 5.2 مليار دولار عام 2015 ، وأدى افتتاح القناة إلى خفض زمن العبور إلى 11 ساعة فقط، بدلًا من 22 ساعة.
كان الهدف الأكبر من وراء القرار الشجاع هو إنقاذ قناة السويس كممر ملاحي عالمي استراتيجي من محاولات إنهاء دورها، وتقليل أهميتها الاستراتيجية، مع الأحاديث المتواترة هنا وهناك عن مشروعات نقل وقنوات ملاحية بديلة في المنطقة وخارجها لطي صفحة قناة السويس.وإنقاذ القناة الجديدة أنقذت أهم إنجاز وطني مصري في الـ150 عاما الأخيرة في تاريخ مصر، وهو قناة السويس.
لم يقتصر المشروع فقط على حفر القناة وانما شمل عمليات التحديث والتطوير للممر التاريخي القديم من الشمال إلى الجنوب، ودعم هيئة قناة السويس بكل أدوات وآليات التوسعة والإنقاذ والإرشاد، وكان ذلك بمثابة شهادة دولية  لرؤية مصر الاستراتيجية، وبالأهمية الدولية للقناة والدور الذي تلعبه لحركة التجارة الملاحية الدولية والتي تستحوذ منها على 14%.
ساهمت القناة الجديدة في تعزيز الاقتصاد المصري خاصة مع اتجاه الدولة إلى عملية تحسين البنية التحتية المحيطة بقناة السويس الجديدة، بما في ذلك إنشاء مناطق اقتصادية خاصة وموانئ جديدة، والمساهمة في زيادة حركة التجارة وتسهيل حركة البضائع العابرة للحدود، و زيادة القدرة الاستيعابية للقناة لتكون 97 سفينة قياسية عام 2023 بدلًا من 46 سفينة عام 2014.
حفر القناة الجديدة صاحبه الإعلان عن مشروع قومي آخر هو محور تنمية قناة السويس، وإنشاء المنطقة الاقتصادية للقناة لجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية وتعزيز قطاعات عديدة مثل النقل واللوجستيات والتصنيع، ما جعلها محور للتجارة واللوجستيات بسبب موقعها الاستراتيجي، وقد أتاح ذلك لمصر فرصا لتوسيع دورها في سلاسل التوريد العالمية وزيادة حجم تجارتها. علاوة على إنشاء العديد من الصناعات المختلفة خاصة مع تقديم هذه المناطق حوافز وتسهيلات لجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية، في قطاعات التصنيع والطاقة واللوجستيات ما أدى إلى زيادة الأنشطة الصناعية وخلق فرص العمل، زيادة فرص العمل لأبناء مدن القناة وسيناء والمحافظات المجاورة مع خلق مجتمعات عمرانية جديدة.
ونتيجة لذلك وعلى الرغم من الأوضاع الأمنية بالمنطقة وخاصة جنوب البحر الأحمر، حققت الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس أعلى إيرادات في تاريخها خلال العام المالي 2023 - 2024 بلغت 8.25 مليار جنيه، بزيادة 36 % عن العام المالي السابق، والموافقة على 98 مشروعًا بإجمالي استثمارات 2.23 مليار دولار.
هناك تحديات بالطبع تواجهها قناة السويس الآن بعد أن تجاوزت أزمات جائحة كورونا وأزمة الحرب الروسية الأوكرانية، فما يدور في جنوب البحر الأحمر أدى الى انخفاض ايرادات القناة وانخفاض في حركة المرور وحركة التجارة العالمية متأثرة بالأزمة الجديدة . وكما ذكر تقرير  مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد)، في فبراير الماضي فإن المسافات الأطول الناجمة عن تغيير المسار من قناة السويس إلى رأس الرجاء الصالح تعني زيادة بنسبة 70% في انبعاثات الغازات الدفيئة لرحلة ذهابا وإيابا من سنغافورة إلى شمال أوروبا.
المصريون لديهم الثقة في أن تتجاوز قناة السويس التحديات الحالية مثلما تجاوزت أزماتها السابقة في 56 وما بعد 67 وحتى الآن وتعود لتحقق الأرقام القياسية من جديد ليس لصالح مصر فقط وإنما لخدمة حركة التجارة العالمية والاقتصاد العالمي.

 







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة