كما نعلم أن الكلمة الطيبة نوع من أنواع الصدقات التي وجب على الإنسان الحرص على إخراجها في كل يوم يكتب له الله فيه أن يحيا من جديد، ليمتن لله على نعمه التي لاتعد ولا تحصي.
وتلك الصدقات التي نتحدث عنها لا تقتصر عل فئة القادرين من الناس لصالح غير القادرين، وإنما الصدقات للجميع من استطاع مادياً ومن لم يستطع، إذ أن هذه الصدقة قد تكفيها وتفيض كلمة طيبة من شخص لآخر.
فهذه الكلمة قد تطيب بها نفس بها من الحزن والألم والانكسار ما تشفيه كلمة.
إذ أن هذه الكلمة التي قد تجبر بها خاطر شخص، وترفع من حالته المعنوية، و تهدئ بها جراح نفسه لن تكلفك الكثير ولن يضيرك منحها والإغداق بها على من حولك، ولن تنتقص منك شيئاً إن أكثرت منها لوجه الله و دون مقابل.
فقد استوقفني بالآونة الأخيرة تحديداً بمجتمعات العالم الافتراضي المسمى بالسوشيال ميديا حالة عامة من التربص والتنمر والتطاول على الآخر، دون منطق ودون تمييز أو احترام لشيخ كبير أو رمز مجتمعي، قد اعتاد احترامه الناس، سواء كان فنانا أو رياضيا أو شيخا من الدعاة أو حتى عالم من العلماء، في حالة غير مسبوقة من إساءة الأدب والتبجح والرغبة في الهجوم من أجل الهجوم، وكأن نفوس الناس قد اكتظت بأدرانها لدرجة الرغبة الملحة في التخلص من بعضها، ورمي الآخرين بها لا لسبب سوى الأذي النفسي بدافع الحقد المعلن، ودون أدنى رغبة ولو بسيطه في إخفائه.
وكأن الناس قد نصبت أنفسها أوصياء على الناس، وتحول أكثرهم إلى نقاد ومنتقدين لهذا وذاك، بكلمات لاذعة مؤذية، قد تتسبب للبعض بإحباط أو حزن أو انكسار أو فقدان للثقة بالنفس وغيرها من مسببات الأذى والألم النفسي، ما يخالف شريعة كل الأديان السماوية وغير السماوية وأبسط قواعد الانسانية التي اتفقت جميعها على أن الدين المعاملة، أيا كان هذا الدين، وأن الكلمة الطيبة صدقة وجبر الخواطر من أهم أسباب الفوز بالجنة.
ولا أخفيكم سراً، فقد دفعني لكتابة هذه الموضوع الذي يجول بخاطري منذ زمن بعيد، تلك الكلمات الطيبة التي تحمل سيل من رسائل المحبة الصادقة التي تلقيتها من الأهل والأصدقاء والمحيطين لتهنئتي بعيد مولدي، بتوقيت كنت فيه أحوج ما أكون لهذه الكلمات، والتي أزاحت عن صدري قدرا لا بأس به من الهموم، وبدلت ما بنفسي من حال إلى أسعد منه، جراء تلك المحبة التي غمرتني وفاضت والتي لا تضاهيها كنوز الأرض.
نهاية:
عزيزي الانسان..
أنت لا تعلم ما يخبئ كل منا بنفسه من ظروف وهموم ومتاعب، وما قد تخفيه ابتسامة على الوجه وصورة هنا ولقاء هناك قد يكون بغرض الترويح عن نفس مثقلة بالأعباء، تتلهف بشدة لكلمة قد تخفف عنها بعض أحمالها.
فليتصدق بعضنا على بعض بهذه الكلمة التي لن تكلفه الكثير، وليكثر منها هنا وهناك، لينشر لغة أخرى للمحبة والسلام في مقابل تلك التي ترددت أصداؤها الشريرة لتصيبنا بغصة قد ضاقت بها أنفسنا.