عادل السنهورى

الفن والسياسة.. كتلة الحوار على مسرح جلال الشرقاوي

الإثنين، 02 سبتمبر 2024 06:48 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

ليس غريبا أو جديدا أن يدعوك حزب أو كتلة سياسية لحضور عرض مسرحي من إنتاجه يحاول من خلاله وعلى لسان أبطال العرض إيصال أفكار سياسية معينة ومناقشة قضايا مجتمعية يراها ضرورية وملحة وبالتالي يعمل على تحفيز الرأي العام للتفاعل معها.

منذ أسبوعين تقريبا تلقيت دعوة كريمة من المهندس باسل عادل رئيس مجلس أمناء "كتلة الحوار" لحضور عرض مسرحي بعنوان "عنبر العقلاء" على مسرح جلال الشرقاوي الذي بقى لفترة طويلة المسرح المرادف للعروض المسرحية السياسية.. العرض المسرحي من بطولة الفنانين رضا حامد وغادة إبراهيم ومحمود عامر وعبد السلام الدهشان ورحاب الغراوي ومحمد عابدين وأيمن إسماعيل وسعيد المختار ومحمد شلش وعبير مكاوي وخالد محروس تأليف وأشعار أيمن حافظ وألحان وتوزيع وليد خلف وإخراج محمد الخولي.

ناقش العرض قضايا وطنية وقومية مثل أهمية وجود قانون المحليات والانتخابات المحلية للمجتمع لمعالجة ظواهر البيروقراطية الإدارية والفساد الإداري في اطار استعراضي وكوميدي.

و"كتلة الحوار" هي أول أول كيان سياسي يتم تدشينه والاعلان عنه من فعاليات الحوار الوطني في مايو من العام الماضي بمشاركة عدد من السياسيين والباحثين، وأساتذة علوم سياسية وإدارة أعمال بالجامعات، ليكون عنوانا لتحالف بين مجموعة من لبنات  الشعب المصري، ليبرالية الهوى، مصرية الثقافة والهوية، تآلف مصري شعبوي نخبوي مستقل، من مثقفين وأكاديميين وتكنوقراط وسياسيين يجمعهم حب الوطن وإرادة النجاة من الواقع الضيق لأفاق رحبة من الحرية والرفاهة والعدالة تحت مظلة القانون وشرعية الدستور، التي تؤسس لقوة الشرعية الشعبية. وضم مجلس الأمناء شخصيات مثل الراحل الدكتور هاني الناظر الرئيس السابق للمركز القومي للبحوث، والدكتورة شيرين الشواربي أستاذ الاقتصاد والعميد السابق لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة والدكتورة غادة موسى أستاذ مساعد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة والنائبة السابقة مارجريت عازر والإعلامية سوزان حرفي.

التجربة تدعو للاهتمام وتحفز الأحزاب السياسية على الاستفادة من أدوات الفن لخدمة أهداف سياسية ووطنية وقومية. فالتجربة ليست جديدة واحياءها واستعادتها مسألة حيوية في العمل السياسي.. واستعادة دور المسر في السياسة والسياسة في المسرح.

فالمسرح والفن عموما كان لصيقا ومجاورا للسياسة ومتداخلا معها في قضايا كثيرة داخلية وخارجية سواء المسرح العالمي أو المسرح المصري.. في فترات النهضة حقق المسرح طفرات وقفزات في التحفيز والتحريض والتنوير وتشخيص مشاكل المجتمع وقضاياه الكبرى واقتراح الحلول لها.

وفي فترات آخرى أيقنت السياسة أهمية المسرح والفن في ترسيخ أركانها ورسم صورة ذهنية إيجابية عن أبطالها، فكان الغناء والمسرح أدوات غاية الأهمية في طريق السياسة لنشر القيم الجديدة.

عموما المسرح ما كان دائما مؤشرا على الحيوية السياسية والشعور الوطني والقومي بصورة عامة ، فكلما زادت الجرعة السياسية والحزبية في المجتمع تفاعل معها المسرح وأشكال الفنون الأخرى معها والعكس ربما يبدو صحيحا أيضا. وربما يكون داعما ومساهما في التدريب على النظام واحترام القانون واحترام الآخر، ومشاركا في معالجة المشاكل الاجتماعية والاخلاقية وحتى السياسية التي يعيشها الناس.

تاريخيا ارتبط المسرح بالسياسة والحرب والسلطة منذ العصر الإغريقي وصولا الى العصور الوسطى ومسرحيات وليام شكسبير مثل ماكبث، عطيل، هاملت، يوليوس قيصر التي ارتبطت مباشرة بالسياسة فيما يمكن اعتباره وتسميته بالمسرح السياسي.

وفي عالمنا العرب وجد المسرح العربي والمصري تحديدا نفسه في قلب السياسة ومحيطها في التحفيز والنقد وطرح سؤال المحاسبة والتقدم الاجتماعي والتنوير. فلم يغب المسرح عن الأحداث الكبرى التي مرت بها مصر منذ ثورة يوليو 52 ومناقشة مسألة النهضة والتنوير الاجتماعي وصولا الى نكسة 67 والبداية الصادمة للمسرح وطرحه للسؤال الكبير عقب الهزيمة :" من نحن، إلى أين، كيف؟" لتجاوز ما حدث بصورة جديدة ومغايرة لإعادة اكتشاف الواقع والتحريض والتحفيز على تغييره. وربما كانت تلك الفترة من 67 وحتى حرب أكتوبر 73 هي مرحلة تعميق، وتوثيق وإغناء علاقة التجربة المسرحية بالواقع وبالأحداث السياسية، حتى ما بعد الحرب وبداية سياسة الانفتاح الاقتصادي.

نعود إلى تجربة "كتلة الحوار" الجديدة في توظيف المسرح لصالح قضيا سياسية ومجتمعية ونشر الوعي العام بالفن، فالتجربة المسرحية للأحزاب ارتبطت مع نشأت التجربة الحزبية في مصر بأحزاب اليسار وفي مقدمتها " حزب التجمع" الذي كان في السبعينات مع المنابر ثم الأحزاب مرادفا لتداخل السياسة بالفن والمسرح خاصة وترسيخ صورة أن اليسار هو موطن الفن بأشكاله المتعددة. و تناول الكثيرون من النقاد والمسرحيين علاقة المسرح بالسياسة، فالمسرح لا يستطيع أن يدير ظهره للأحداث السياسي القائمة في المجتمع. وهذا ما ذهب إليه الناقد رفيق الصبان في قوله: "إن المسرح أداة سياسية بالدرجة الأولى ولا يكمن أن يجد مسوغا لوجوده إذا ابتعد عن معالجة القضايا السياسية والاقتصادية النابعة من العصر وهذا ما يزكيه الفنان والمخرج الراحل سعد أردش بقوله: "في المسرح الملتزم يختار رجل المسرح موقفه من المجتمع، ويلتزم به وهو بطبيعة الحال موقف واضح في جانب الجماهير".







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة