الحملات التى انطلقت من زوايا ومنصات مجهولة حول الوضع الصحى فى أسوان كانت تكرارا لحملات سابقة تستغل حدثا صغيرا لتحوله إلى كارثة، فقد ظهرت بالفعل حالات قىء وإسهال، فى بعض المستشفيات وهى حالات تتكرر فى كل الأوقات ويتم التعامل معها من خلال أجهزة وزارة الصحة، ومعروف أن نظام الصحة الوقائية فى مصر يعمل على مدى عقود بكفاءة، لكن ما جرى هو أن كثيرا من اللجان والمنصات تحركت وأشاعت وجود الكوليرا، بل وظهرت فيديوهات مجهولة تزعم تلوث نهر النيل ووجود كوليرا من السودان، بالرغم من أن النيل لا علاقة له بنقل العدوى.
والحقيقة أن أهالى أسوان أنفسهم أول من انتبه إلى خطر اتساع دوائر الشائعات التى يمكن أن تؤثر على موسم سياحى يبدأ الآن، وحسنا فعل أهالينا فى أسوان بوعيهم وخرج عشرات من أهالى أسوان يؤكدون زيف الشائعات وأن الحالات التى ظهرت تم التعامل معها، أهالى أسوان انتبهوا إلى أن هناك حملة خبيثة لخلط الأوراق وإشاعة الرعب لتخويف السائحين القادمين، وخرجوا فى فيديوهات من مناطق مختلفة ليؤكدوا سلامة المياه، والأمر لا يحتمل الإنكار فى حالة ظهور أمراض أو أوبئة، هناك إنذار مبكر فى كل مكان، والأمر لا يحتمل التهوين أو التهويل.
وهذه ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة التى نكشف فيها عن حالة تعمد لإثارة الفزع، وهو إفزاع يضر بالاقتصاد والسياحة، بل إنه يضر مباشرة بمصالح أهالى أسوان والأقصر الذين ينتظرون موسما سياحيا يبدأ مع الخريف ويمتد حتى نهاية الشتاء، وبالتالى فإن الحملات والتريندات وفيديوهات قديمة أو فى مناسبات وأماكن مختلفة تشير إلى وجود تخطيط ما لدى منصات وجهات اعتادت أن تمارس نفس الطريقة وتنتظر نتائج مختلفة، تستغل حالات مرضية لمضاعفة القلق وإشاعة الارتباك، وهى نماذج لهذه الأخبار المزيفة تؤكد أن الأمر يتجاوز الخوف على مصالح الناس، إلى مضاعفة إحساسهم بمزيد من الخوف، وهو ما أكده وزير الصحة فى زيارته لأسوان، وعقد مؤتمرا صحفيا أعلن فيه كل التفاصيل بالأرقام، وهو ما حدث بالفعل أن الحالات التى توفيت لا علاقة لها بحالات القىء والإسهال، وأن هناك 168 حالة احتاجت العلاج من نزلات معوية، وأن أجهزة الرصد فى وزارة الصحة أفادت بوجود 8 حالات تعانى من نزلات معوية فى مستشفى دراو، و22 حالة فى منطقة أبو الريش، وأن إجمالى الحالات التى ترددت على المستشفيات تعانى من نزلات معوية منذ ظهور هذه الحالات فى أسوان حوالى 480 حالة، والتردد بمعنى أنه ذهب إلى المستشفيات والطوارئ لرصد الشكاوى وتناول العلاج وهذه كانت أعراض بسيطة.
الوزير أكد بالفعل أن الدولة لا تخفى أى شىء فى تعاملها مع الحالات المرضية فى أسوان، وأن الأمر تجرى متابعته بشكل دائم.
والحقيقة أن الشائعات بالفعل تجاوزت كل المنطق، لكنها كالعادة وفى سياق مواقع التواصل وجدت من يعيد النشر والشير من دون أن يعرف أو ربما يعرف أن ما يتم هو إضرار وإفزاع للناس، وخطر يهدد «أكل عيش الناس» فى أسوان، خاصة أن الشائعات تعلقت بنهر النيل، وهو أمر يتنافى مع المنطق ويضاعف من خوف الناس، بينما الأمر يخضع لتفاصيل وضوابط وأن المياه لا تحمل العدوى، ثم إن مياه الشرب لها نظام والمحطات تستخدم مراحل للتنقية والتطهير.
الشاهد أن الأمر لا يجب التعامل معه بتهوين أو تهويل، وبالتالى فالتحرك السريع مهم، وأيضا وعى أهالى أسوان كان مهما فى مواجهة حملة من حملات هدفها الإفزاع وليس مصلحة الناس.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة