فجأة ..ازدحمت وسائل ومواقع التواصل الاجتماعى خلال الأيام الماضية بالأحاديث المكتوبة والمسموعة والمرئية عن انتشار مرض غريب فى أسوان وتدخل كل من هب ودب بالفيديوهات وبالرسائل لإبداء رأيه فيما يجرى. فجأة أيضا أصبح الشغل الشاغل لجنرالات ومناضلى الفيس بوك والتيك توك وباقى المنصات المريبة ما يدور فى أسوان والمرض الغريب وعشرات الإصابات فى المستشفيات..!
توارت واختفت أخبار غزة وجنوب لبنان وبيروت ولم تتصدر أحاديث ولغو رواد السوشيال ميديا وتصدرت أسوان واجهة الصفحات والاهتمام. وتدفقت عشرات الشائعات والأكاذيب ورأى الخبثاء والكارهين وأصحاب القلوب المريضة فيما يحدث فرصة لبث الذعر ونشر الشائعات والتهويل وتصوير الأمر بأنه "كارثة صحية" تحصد أرواح الناس، وتخويف الناس من شرب مياه من الحنفية أو استعمالها. شياطين السوشيال ميديا وجدوها فرصة لإقامة سرادق حتى يشبعوا "لطم" فيه.
المواقع والقنوات الفضائية إياها التى كانت قبل أيام قليلة تزرف الدمع وتشق الجيوب وتتشح بالسواد على ما يجرى ضد شعبنا الفلسطينى واللبنانى فى غزة والضفة الغربية والجنوب وبيروت، هاصت فى الهيصة طالما الأمر يتعلق بمصر حتى لو كانت حادثة عابرها وطارئة. فالصغير فى مصر كبير وضخم لدى هؤلاء من أهل الشر والكراهية لمصر وأهلها.. أو كما يقول المثل الشعبي" قطة مصر جمل" فى عيونهم بالطبع.
وكما هو معروف فقد اعتاد المصريون على هذه " العادة الكريهة" من التهويل والتضخيم فى كل حدث طارئ سواء كان صغيرا أو كبيرا يتعلق بمصر حتى يظن الناس أن "أمرا جللا" و"مصيبة كبرى" تجرى فى المحروسة ومليون "طظ" فى حرب الإبادة والتجويع والحصار فى غزة والتدمير والاعتداءات المتكررة من العدو الصهيونى على فلسطين ولبنان..!
عموما وبنظرة متجردة فهياج جنرالات ومعارضى السوشيال ميديا والفضائيات والمنصات اياها لأهل الشماتة والحقد والكراهية مع بالأحداث – خاصة السيئة منها فى مصر- أمر طبيعى ومنتظر ومتوقع، لكن الأمر المهم هو كيفية التعامل والرد على هؤلاء بعرض الحقائق والتعامل بشفافية ووضوح وبشكل سريع على الرأى العام حتى لا يصبح فريسة لسيل الشائعات والأكاذيب والأحاديث المغرضة.
هنا لابد من الإشادة بالزيارة التى قام بها وزير الصحة الدكتور خالد عبد الغفار يوم الإثنين إلى أسوان واجراء جولة بالمستشفيات وعقد اجتماعات عاجلة مع كافة المسئولين هناك وتشكيل فريق إدارة الأزمة من الجهات المعنية من المحافظة ووزارة الإسكان وهيئة الشرب والصرف الصحى والصحة لعرض الحقائق كاملة.. فالبداية كانت فى 11 سبتمبر مع تردد حالات مصابة بأعراض قيء وإسهال على مستشفيات المحافظة، غالبيتها لأفراد من قرية أبو الريش، وبعض القرى القريبة منها بمركز دراو وليس فى كل مناطق محافظة أسوان وأصدر رئيس شركة مياه الشرب والصرف الصحي، ومدير عام الصحة بأسوان يوم 16 سبتمبر بيانا مشتركا بإن الحالات المصابة بنزلات معوية لا تتعدى 28 حالة بجميع مستشفيات المحافظة، وأنها ناتجة عن "فيروسات الأمراض الموسمية لفصل الصيف أو تناول أطعمة ملوثة".
الجهات المعنية بالقاهرة وأسوان تحركت على الفور والتوجه إلى محطات مياه الشرب لسحب عينات من المياه، والقيام بإجراء التحاليل الكيميائية لها بالمعامل المختصة وتم آخذ عينات من مياه الشرب، وأكدت أنها مطابقة للمواصفات.
حسب بيانات وزارة الصحة فقد بلغ عدد الحالات المصابة بالنزلات المعوية حتى يوم الاثنين 128 حالة وأفادت منظمة الصحة العالمية بإن أكثر من 80 فى المئة من حالات النزلات المعوية لا تحتاج إلى دخول المستشفيات وتتلقى العلاج من المنزل.
التحركات الحكومية لم تتوقف للوصول الى الحقيقة دون تهوين أو تهويل وانما بعرض كافة المعلومات والبيانات بشفافية ووضوح وهذا هو المطلوب فى مثل هذه المواقف والأحداث. فالتعامل والتفاعل الحكومى السريع والعاجل يئد أية شائعات وأكاذيب لا يمنح الفرصة لأبواق أهل الشر ويزيد من درجة الوعى وتحصينه. فالتأخير غير مقبول ومن الأهمية أن نتعلم من كل ظرف أو حدث طارئ بتشكيل فريق إدارة أزمة سريع يخاطب وسائل الإعلام والرأى العام فى الحال فى صورة غرفة عمليات إعلامية تضم ممثل عن الجهات المعنية تجيب عن كافة الأسئلة والاستفسارات من وسائل الاعلام المحلية والعربية والدولية بما يتوافر من المعلومات وترد على الشائعات والأكاذيب وتقود دفة الخطاب الإعلامى بعيدا عن زفة وهيصة مواقع ووسائل التواصل الاجتماعي.
الهدف من كل هذه الضجة هى أسوان المقصد السياحى المصرى الأهم خاصة مع اقتراب فصل الشتاء وهو ما يجعلنا نفكر فى ما وراء هذه الضجة وحملات الأكاذيب والشائعات.