ذكر مرصد الأزهر في مقال له نشرته وحدة رصد اللغة التركية في إطار سلسلة مقالات بعنوان: ما يعول عليه تنظيم داعش مستقبلًا"؛ يرصد من خلاله محاولات سعي تنظيم داعش لإنشاء خلافة تمكينية وفقًا لخطابه مرة أخرى أم سيستمر في خلافته الافتراضية المزعومة؟ حيث يسلط الضوء خلال هذا المقال على الولايات البعيدة باعبتارها احد مرتكزات داعش نحو التوسع.
وتابع المرصد أنه على الرغم من أن الفكر المتطرف يتشابه بين التنظيمات جميعًا، إلا أن صيغة ذلك الفكر وآليات العمل به تختلف من تنظيم إلى آخر، وقد بدي ذلك جليًّا لدى داعش على وجه الخصوص؛ إذ يستند التنظيم إلى جملة من المنطلقات الفكرية المتطرفة، التي أسهمت بدورها في رسم صورة الخلافة المزعومة، وحولت داعش من مجموعة مسلحة إلى تنظيم يتبع إستراتيجيات منتقاة تقوم على خطط تتطور بما يتواكب مع الأوضاع التي يمر بها، فضلًا عن الحواضن الشعبية التي تكفلها له المحركات الإعلامية والدعائية التي تستغل الأحداث الساخنة مثل حرب غزة، وكذلك المناطق التي تعج بالفتن الطائفية.
حيث اعتاد تنظيم داعش الإرهابي على التكيف مع الخسائر والتفكك التنظيمي الذي يتعرض له نتيجة الملاحقات الأمنية واستهداف قياداته والخسائر الكبيرة التى يتعرض لها، وفى الوقت ذاته حافظ التنظيم على إستراتيجية الجغرافية المتلاصقة عن طريق وجوده فى المناطق القريبة بين الدول، مثل الحدود الأفغانية الباكستانية، أو الحدود السورية العراقية. وترتكز هذه الرؤية الجغرافية على إمكانية أن تصبح حدود تلك الدول جسورًا يعبر من خلالها مقاتلو التنظيم إلى أوروبا ودول وسط آسيا وروسيا، ما ينذر بكارثة حقيقية بالنظر إلى ما أشرنا إليه من دعوات داعش للأخذ بالثأر من تلك البلاد.
ويتابع المرصد أنه من الملاحظ أنه كلما قويت فروع داعش –لا سيما التي تتمكن من تنفيذ هجمات إرهابية قوية- اشتد التنظيم في المركز، ما يشير إلى وجود صلات وثيقة بين مركز التنظيم وفروعه بحكم وجود علاقات تكاملية ودعم متبادل، بخلاف ما كان متوقعًا من تنافسها على من تؤول إليه مقاليد الأمور في التنظيم. حيث يرسم المشهد صورة تحذيرية مفادها أن قوة داعش في ولاياته البعيدة تعضد قوته في معاقله الرئيسة، ويستغلها التنظيم إعلاميًّا بقوة، وإن نظرة واحدة إلى أي بوقٍ إعلامي من أبواق التنظيم تؤكد هذه الصورة؛ وهو ما يجب رصده والانتباه له مع الوضع في الاعتبار ضرورة أن توضع مكافحة داعش في إطارها الكلي. حيث يستغل داعش الأزمات العالمية والصراعات الدولية بجعلها معطيات أساسية في المعادلة الدولية، ليكون اسمه حاضرًا في المشهد الإعلامي، وليحظى بمزيد من القوة والأموال والمجندين، مستغلًا الفراغات الأمنية في بعض المناطق التي تشهد صراعات مستمرة. والهدف من هذه الولايات هو أن تصبح مراكز لانطلاق العمليات الإرهابية، وقواعد لتجنيد المقاتلين، ومصادر لتمويل الأنشطة الإرهابية في ظل التغيرات الجيوسياسية المتسارعة، والنزاعات المسلحة، والظروف الاقتصادية الصعبة التي تعانيها بعض الدول مما يتطلب تضافر جهود المجتمع الدولي، وتبني إستراتيجيات شاملة في القلب منها تجفيف منابع التطرف.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة