أكدت كل التقارير الطبية أن نحو 90% من الأمراض التى ابتلى بها المصريون من فشل كلوى وكبدى وسرطانات وأمراض القلب وغيرها يعود فى المقام الأول إلى الغذاء الفاسد والملوث ومنتهى الصلاحية وغير الصحى والمغشوش وغير الصالح للاستخدام الآدمى، الذى يتم تناوله، وبالرغم من الجهود المشكورة التى تقوم بها الأجهزة الرقابية على الأسواق والمحلات من الإدارة العامة لمباحث التموين ومفتشى التموين وجهاز حماية المستهلك، وكانت حصيلة شهر أغسطس فقط ضبط 187 طن سلع فاسدة من لحوم وأسماك ودجاج وغيرها، إلا أن الأسواق على مستوى الجمهورية وخاصة الشعبية وفى الريف ما زالت مكتظة بهذه السلع الضارة بصحة المواطنين وأن ما ضبط خلال الشهر المنقضى لا يمثل إلا نحو 5% مما هو على أرض الواقع.
ولا بد من تكاتف كل أجهزة الدولة المختصة فى مكافحة عديمى الضمائر الذين يملأون بطونهم بالأموال الحرام من التجارة فى هذه السلع الفاسدة على حساب صحة غالبية الشعب المصرى مستغلين أزمة التضخم الطاحنة التى يمر بها الوطن ويطرحون سلعا فاسدة وضارة ومقلدة بأسعار أقل من السلع الجيدة، حتى أصبح الغش موجودا فى قطاع الأدوية والعياذ بالله من مصانع بير السلم التى يتم ضبطها وتتكلف الدولة مليارات من الجنيهات سنويا لعلاج المواطنين من أمراض هذه السلع الضارة وخاصة العلاج على نفقة الدولة.
وحتى تقوم الأجهزة الرقابية بواجبها على أكمل وجه فى محاربة هذا الفساد ويضر بصحة المواطنين، يجب الاهتمام بزيادة مخصصات جهاز حماية المستهلك، وزيادة عدد أفراده وتحديث أدواته وإمكاناته، حتى تتم مراقبة ومتابعة كل أسواق الجمهورية، وأتذكر أننى كنت فى زيارة لجهاز حماية المستهلك بدولة المكسيك عام 2008 وكان مبنى ضخما ومستقلا ويبلغ نحو 13 طابقا، وبه كل المعامل والأدوات الحديثة وكانت ميزانيته حينذاك 300 مليون دولار سنويا وكل ذلك لحماية صحة المواطنين وسلامة أمنهم وهى دولة من الدول النامية.
ويجب على المواطنين الشراء قدر الإمكان من أماكن مشهود لها بالأمانة وخاصة المأكولات والمشروبات وعدم شراء قدر المستطاع السلع الرخيصة المقلدة مهما كانوا فى احتياجها لظروفهم المادية لأنها سوف تعود عليهم بالخسارة فى صحتهم وخسارة أموالهم ومهما كانت أيضا سليمة أمام أنظارهم، ولا أنسى عندما اصطحبنى الوزير اللواء الفاضل محمد أبو شادى وزير التموين الأسبق عندما كان رئيسا لمباحث التموين وذلك لبدروم المباحث وكان مليئا على آخره بسلع فاسدة ومضرة تم ضبطها وكان أكثرها لا يظهر عليها أى فساد والأخطر أنه أطلعنى على معلبات سالمون وبلوبيف وغيره من المعلبات والعصائر مدون عليها أنها فى فترة الصلاحية لكن بعد فتحها وتحليلها وجد أن مكوناتها فاسدة منذ فترة طويلة وأنه تمت تعبئتها فى عبوات جديدة وكتابة فترة صلاحية جديدة.
ويجب أيضا على أعضاء مجلسى الشيوخ والنواب الموقرين العمل على تعديل كل التشريعات العقابية فى مجال السلع الغذائية وغير الغذائية، ووصولها للحدود القصوى فى العقوبات بالحبس لهؤلاء المجرمين ومصادرة كل أموالهم التى اكتسبوها من حرام لأن أغلب هذه التشريعات منذ الخمسينيات والستينيات والكثير منها غرامة مالية.