فؤاد المهندس (1924- 2006) أحد أساطير الفن المصري، والذي استطاع عبر سنوات طويلة من العمل والاجتهاد أن يصبح نسيجًا وحده، ويصير مدرسة متكاملة من الإبداع، هو أستاذها الأول، لكن تلاميذها كثيرون، ولا نزال حتى هذه اللحظة ننشغل بإبداعات الأستاذ والتلاميذ أيضا، بعدما شكلوا نموذجا مكتملا لفن الكوميديا في مصر.
انطلقت الكوميديا في مصر بجيل من الرواد القادمين من المسرح، يحملون على أكتافهم خبرة مواجهة الجمهور، وكان في مقدمتهم نجيب الريحاني، الذي سرعان ما تحول إلى "أيقونة" كوميدية في السينما المصرية، وتأثر به فؤاد المهندس ولكن إلى أي مدى؟.
لا ينكر فؤاد المهندس تأثره بالريحاني، لكن يمكن بسهولة جدا أن نلحظ أنه لم يقلده، حتى إنني شاهدت فيلم "بديعة مصابني" للمخرج حسن الإمام، الذي أنتج في سنة 1975، وقدم فيه "المهندس" شخصية نجيب الريحاني، وكانت ملاحظتي هي أن فؤاد المهندس لم يسع لتقليد نجيب فى الشكل ولا فى الصوت، لكنه استطاع أن يصل إلى روحه، أن ينقل لي كاريزما الريحاني وقدرته على التعامل مع الموقف، في دور يحسب تماما لفؤاد المهندس.
ولكي نعرف حجم ما أحدثه فؤاد المهندس من اختلاف، أنه ظهر والساحة الكوميدية قد تشكلت بالفعل فمدرسة إسماعيل ياسين كانت تسيطر على الساحة بكل نجومها، ومع ذلك لم يكن فؤاد المهندس يشبه أي من شخصيات فرقة إسماعيل ياسين، لقد جاء ليقول شيئا خاصا، شيئا مختلفا، يجمع بين الكوميديا، وبين الشجن ودمعة العينين، وإحساس الحزن.
لقد كان فؤاد المهندس "ممثلا" وطريقته هى الكوميديا، لذلك وجد نفسه بسرعة مع فنانين يشبهونه منهم الفنان القدير عبد المنعم مدبولي، وأبطال فرقة "ساعة لقلبك" الذين كانوا يتماسون معه بصوة أو بأخرى.
ولأن الأستاذية جزء من شخصية فؤاد المهندس سرعان ما راحت عيناه تستكشفان ما حوله من نجوم واعدة، فقدم شويكار ومعها عادل إمام، وتوالت من بعدهما الاكتشافات، كل ذلك وفؤاد المهندس لا يقلد أحدا، ولا يطلب من تلاميذه أن يقلدوه، بل صار مع الزمن كلمة خالدة في عالم الفن.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة