عندما أطلقت الدولة رؤيتها في صورة استراتيجية استهدفت في مراحلها التنمية المستدامة بمجالاتها المختلفة حتى 2030، وكان ذلك في فبراير 2016، وعُقدت النية على العمل المتواصل، وبذل أقصى ما في الجهد من أجل تنمية المواطن والارتقاء بجودة معيشته في مجالاتها السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والصحية، والتعليمية، والثقافية؛ لأن هذا في مجمله يسهم في تحقيق العدالة الاجتماعية، ويؤكد على ماهية الكرامة الإنسانية.
وفي أبان 2019 دعا السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي كافة مؤسسات الدولة وأجهزتها المختلفة لتوحد جهودها وتعمل مع مؤسسات المجتمع المدني في إطار مشترك؛ لتوفير مقومات الحياة الكريمة للفئات المجتمعية التي تعاني العوز؛ حيث إن الدستور في نصه الصريح أكد على ضرورة توفير سبل التضامن الاجتماعي والتكافل الاجتماعي بما يضمن الحياة الكريمة لجميع المواطنين.
وبناءً على ما نص عليه الدستور أطلق فخامة الرئيس مبادرة حياة كريمة؛ فدشنت مؤسسة رسمية مصرية تحمل هذا الاسم تمتلك رؤية ورسالة، وتعد نموذجًا يحتذى بها على مستوى دولي؛ فلم تكن مجرد شعار لمرحلة أو فكرة تحقق مغزى مؤقت؛ لكن الرؤية تكمن في بقاء أثرها على المدى الطويل والإفادة المستدامة، وتقوم مسيرتها على فلسفة الشراكة والمشاركة المجتمعية التي تعمق ماهية المواطنة الصادقة وتبرهن على التماسك والتضافر المجتمعي، وتدحر مسببات العوز، وتخلق استراتيجيات وطرائق تنموية تفتح آفاق الأمل لمستقبل مشرق قريب.
والمتابع لإنجازات هذه المبادرة يتفق معي أنها من أهم المبادرات الرئاسية الإجرائية التي تُسهم فعليًا في بناء الإنسان المصري، بما ينعكس إيجابًا على مجالات التنمية المستدامة؛ فعندما يؤدي القطاع الصحي دوره؛ فإننا نضمن مواطن قادرًا على العمل والإنتاج ولديه رغبة في العطاء وبذل أقصى ما في الجهد ليحيا حياة كريمة، وعندما يقوم القطاع التعليمي بدوره المنوط به؛ فإننا نضمن فردًا يمتلك وعيًا صحيحًا يحثه على الإعمار والبناء والرقي بوطنه والحفاظ على مقدراته وصون ترابه.
وعندما نوفر للمصريين سكنًا لائقًا؛ فإن الولاء والانتماء ومحبة الوطن وتقدير رموزه يصبح أمرًا لا مناص عنه؛ لذا اهتمت مؤسسة حياة كريمة بتوفير هذا المقوم الرئيس للحياة كي تتحقق الغاية المنشودة والأساسية، والتي تكمن في الحماية الاجتماعية، كما أن لقادرون باختلاف حقوق تتمثل في وجوبية تقديم صورٍ الدعم المتواصل لهذه الفئة؛ لتصبح قادرةً على الإنتاج والعطاء والتحدي، وتستمد طاقتها من رغبتها في الحياة المفعمة بالحيوية عبر أنشطةٍ وممارساتٍ تسمح لهم باستثمار ما لديهم من طاقات تبعث الأمل في وجدانياتهم النقية.
ورسالة مؤسسة حياة كريمة تؤكد في ميثاقها على التكافل في صورة تتجلى في مساقها الرحمة؛ فتقديم العون لم يترك الغارمين والغارمات؛ فقد صارت نجدتهم من أولويات هذه المؤسسة العظيمة؛ لتستطيع الأسر المصرية أن تعيش في عزة وتستكمل مسيرتها بعيدًا عن مهددات الحياة ومستقبلها، كما أن هذا يتسق مع ماهية الحماية الاجتماعية التي تؤكد في مساقها على الشمول، والمشاركة، والشراكة، والعدل، والمساواة، ورغبة تحقيق كرامة العيش بعيدًا عن مزايداتٍ وتشدقٍ لا جدوى ولا طائل منهما؛ فالدولة عبر هذه المبادرة النبيلة غايتها بناء المواطن وفق فلسفة الاندماج الاجتماعي التي تؤكد على مسارات النهضة الناجحة.
وما رأيناه من معطيات رسالة مؤسسة حياة كريمة التي تعبر عن كيان شاب أنها تهتم بالجانب الإنساني في ضوء مقومات البعد الحضاري؛ فلا ينفك الرقي به دون توفير مشروعات تضمن استدامة التنمية، وليس مجرد تقديم مساعدات تنتهي فعاليتها مع مرور الوقت؛ فعبقرية المعالجة للأسر المصرية التي تحتاج الرعاية أن توفر لها مقومات الحياة المستدامة من خلال توظيف أو مشروعات صغيرة تحقق الغاية المنشودة، عندئذ نخرج بحالة من الرضا المجتمعي، بما يُسهم في استثمار الطاقات التي تعمل بكفاءة وإيجابية لتتشارك ضمانة كرامة العيش.
نثمن هذه المبادرة التي ساهمت بحق في اصطفاف مؤسسات الدولة الرسمية وغير الرسمية مع المجتمع المدني؛ لتحقق غايات نبيلة تبدأ ببناء الإنسان وتسير في اتجاه الرقي الاقتصادي والاجتماعي، وتوفير البيئات الحاضنة لمجتمعات تبتغي الحياة الكريمة؛ فتوفر لها ما يعظم من قدراتها ويرقى بخبراتها لتصبح منتجة وقادرة على مواصلة سبل النهضة والتقدم والازدهار.
إن مثل هذه المبادرات تعلى من قيمة وقدر الوطن، وتؤكد على أن الاستثمار في البشر يعد أساس النهضة، وسبيل فاعل في تحقيق التنمية المستدامة بمجالاتها المختلفة؛ لذا باتت التوعية من أجل مزيد من التعبئة المجتمعية بضرورة المشاركة الفاعلة للنهوض بالأسرة المصرية على كافة المستويات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والعمرانية؛ لنعايش مجتمعًا يمتلك مقومات الحياة ويستطيع أن يواجه التحديات ليبلغ مراده.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.
عصام محمد عبد القادر
حياة كريمة.. التكافل والتراحم.. بناء الإنسان.. التنمية المستدامة
السبت، 07 سبتمبر 2024 06:22 ص
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة