نعرف عمرو بن كلثوم كواحد من شعراء العرب الفطاحل ذوى المعلقات ومنها قصيدته الشهيرة التي يقول فيها "قفى قبل التفرق يا ظعينا" ولما علقت الجملة في الأذهان فقد استخدمها شاعر آخر في عصر تال "الأموى" وهو القطامى التغلبى فصارت قصيدته شهيرة أيضا كما شأن قصيدة بن كلثوم، وهنا مع القصيديتين والبداية مع عمرة بن كلثوم
قِفِـي قَبْلَ التَّفَرُّقِ يَا ظَعِينـَا
نُخَبِّـرْكِ اليَقِيْنَ وَتُخْبِرِينَـا
قِفِي نَسْأَلْكِ هَلْ أَحْدَثْتِ صَرْماً
لِوَشْكِ البَيْنِ أَمْ خُنْتِ الأَمِينَـا
بِيَـوْمِ كَرِيهَةٍ ضَرْباً وَطَعْنـاً
أَقَـرَّ بِـهِ مَوَالِيكِ العُيُونَـا
وَأنَّ غَـداً وَأنَّ اليَـوْمَ رَهْـنٌ
وَبَعْـدَ غَـدٍ بِمَا لاَ تَعْلَمِينَـا
تُرِيْكَ إِذَا دَخَلَتَ عَلَى خَـلاَءٍ
وَقَدْ أَمِنْتَ عُيُوْنَ الكَاشِحِيْنَـا
ذِرَاعِـي عَيْطَلٍ أَدَمَـاءَ بِكْـرٍ
هِجَـانِ اللَّوْنِ لَمْ تَقْرَأ جَنِيْنَـا
وثَدْياً مِثْلَ حُقِّ العَاجِ رَخِصـاً
حَصَـاناً مِنْ أُكُفِّ اللاَمِسِيْنَـا
ومَتْنَى لَدِنَةٍ سَمَقَتْ وطَالَـتْ
رَوَادِفُهَـا تَنـوءُ بِمَا وَلِيْنَـا
وَمأْكَمَةً يَضِيـقُ البَابُ عَنْهَـا
وكَشْحاً قَد جُنِنْتُ بِهِ جُنُونَـا
وسَارِيَتِـي بَلَنْـطٍ أَو رُخَـامٍ
يَرِنُّ خَشَـاشُ حَلِيهِمَا رَنِيْنَـا
فَمَا وَجَدَتْ كَوَجْدِي أُمُّ سَقبٍ
أَضَلَّتْـهُ فَرَجَّعـتِ الحَنِيْنَـا
ولاَ شَمْطَاءُ لَم يَتْرُك شَقَاهَـا
لَهـا مِن تِسْعَـةٍ إلاَّ جَنِيْنَـا
تَذَكَّرْتُ الصِّبَا وَاشْتَقْتُ لَمَّـا
رَأَيْتُ حُمُـوْلَهَا أصُلاً حُدِيْنَـا
فَأَعْرَضَتِ اليَمَامَةُ وَاشْمَخَـرَّتْ
كَأَسْيَـافٍ بِأَيْـدِي مُصْلِتِيْنَـا
أَبَا هِنْـدٍ فَلاَ تَعْجَـلْ عَلَيْنَـا
وَأَنْظِـرْنَا نُخَبِّـرْكَ اليَقِيْنَــا
بِأَنَّا نُـوْرِدُ الـرَّايَاتِ بِيْضـاً
وَنُصْـدِرُهُنَّ حُمْراً قَدْ رُوِيْنَـا
وَأَيَّـامٍ لَنَـا غُـرٍّ طِــوَالٍ
عَصَيْنَـا المَلِكَ فِيهَا أَنْ نَدِيْنَـا
وَسَيِّـدِ مَعْشَـرٍ قَدْ تَوَّجُـوْهُ
بِتَاجِ المُلْكِ يَحْمِي المُحْجَرِيْنَـا
تَرَكْـنَ الخَيْلَ عَاكِفَةً عَلَيْـهِ
مُقَلَّـدَةً أَعِنَّتَهَـا صُفُـوْنَـا
وَأَنْزَلْنَا البُيُوْتَ بِذِي طُلُـوْحٍ
إِلَى الشَامَاتِ نَنْفِي المُوْعِدِيْنَـا
وَقَدْ هَرَّتْ كِلاَبُ الحَيِّ مِنَّـا
وَشَـذَّبْنَا قَتَـادَةَ مَنْ يَلِيْنَـا
مَتَى نَنْقُـلْ إِلَى قَوْمٍ رَحَانَـا
يَكُوْنُوا فِي اللِّقَاءِ لَهَا طَحِيْنَـا
يَكُـوْنُ ثِقَالُهَا شَرْقِيَّ نَجْـدٍ
وَلُهْـوَتُهَا قُضَـاعَةَ أَجْمَعِيْنَـا
نَزَلْتُـمْ مَنْزِلَ الأَضْيَافِ مِنَّـا
فَأَعْجَلْنَا القِرَى أَنْ تَشْتِمُوْنَـا
قَرَيْنَاكُـمْ فَعَجَّلْنَـا قِرَاكُـمْ
قُبَيْـلَ الصُّبْحِ مِرْدَاةً طَحُوْنَـا
نَعُـمُّ أُنَاسَنَـا وَنَعِفُّ عَنْهُـمْ
وَنَحْمِـلُ عَنْهُـمُ مَا حَمَّلُوْنَـا
نُطَـاعِنُ مَا تَرَاخَى النَّاسُ عَنَّـا
وَنَضْرِبُ بِالسِّيُوْفِ إِذَا غُشِيْنَـا
القطامى التغلبى كتب أيضا قفى قبل التفرق لكنه قال قفى قبل التفرق يا ضباعا وإلى قصيدته الشهيرة:
قِفي قَبلَ التَفَرُّقِ يا ضُباعا
ولا يَكُ مَوقِفٌ مِنك الوَداعا
قفي فادي أسيرَكِ إنَّ قَومي
وَقَومَك لا أرى لهُمُ اجتماعا
وكيف تجامُعٌ مَعَ ما استحلاَّ
مِن الحُرَمِ العِظامِ وما أضاعا
ألم يَحزُنكِ أنَّ حبالَ قَيسٍ
وَتغلِبَ قد تبايَنَت انقطاعا
يُطيعونَ الغُواةَ وكان شَرّاً
لمُؤتَمِرِ الغُوايةِ أن يُطاعا
ألم يُحزنكِ أنَّ ابني نِزارٍ
أسالا من دمائهما التَّلاعا
وصارا ما تَغُبُّهما أمورٌ
تزيدُ سنى حريقهما ارتفاعا
كما العَظمُ الكسيرُ يُهاضُ حتى
يُبَتَّ وانما بَدَأَ انصداعا
فأَصبَحَ سيلُ ذلك قد تَرَقّى
إِلى مَن كان مَنزِلُهُ ياقفا
وكنت أظنُّ أنَّ لذاك يَوماً
يَبُرُّ عن المخبّأةِ القِناعا
وَيَومَ تلاقَتِ الفِئتانِ ضَرباً
وطَعناً يَبطَحُ البَطَلَ الشُّجاعا
ترى منه صُدورَ الخيلِ زُوَراً
كأنَّ به نُحازاً أو دُكاعا
وَظَلَّت تَعبِطُ الايدي كلوماً
تَمُجُّ عُروقُها عَلَقاً متاعا
قوارِشَ بالرماحِ كأنَّ فيها
شواطِنَ يُنتَزَعنَ بها انتزِاعا
كأنَّ الناسَ كلَّهم لأُمٍّ
ونحن لعِلَّةٍ عَلت ارتفاعا
فهم يتبيَّنون سنى سيوفٍ
شَهَرنَاهُنَّ أياماً تباعا
فكلُّ قبيلةٍ نظروا إلينا
وَحَلّوا بيننا كرِهوا الوقاعا
ثبتنا ما من الحيّينِ إِلا
يَظَلُّ يرى لكوكبهِ شعاعا
وكنا كالحريقِ أصابَ غاباً
فيخبو ساعةً وَيَهُبُّ ساعا
فلا تبعد دماءُ ابني نِزارٍ
ولا تقرر عيونُك يا قُضاعا
أمورٌ لو تدبرها حليمٌ
إذَن لنهى وهيَّبَ ما استطاعا
ولكنَّ الأديمَ إذا تفرَّى
بِلىً وتَعيُّناً غَلَبَ الصَّناعا
ومَعصيةُ الشفيقِ عليك مما
يَزيدُك مَرَّةً منه استماعا
وَخيرُ الأمرِ ما استقبلتَ منه
وليس بأن تَتَبعَهُ اتِّباعا
كذاكَ وما رأيت النَّاسَ إِلاَّ
إِلىما جَرَّ غاوِيَهم سِراعا
تراهُم يغمِزون مَن استركّوا
ويجتنبونَ مَن صَدَقَ المصاعا
وأما يومَ قلتُ لعبدِ قيسٍ
كلاماً ما أريدُ له خِداعا
تَعَلَّم أنَّ الغَيَّ رُشداً
وأنَّ لهذهِ الغُمَمِ انقِشاعا
ولو يُستخبرُ العلماءُ عَنَّا
وَمَن شَهِدَ الملاحِمَ والوَقاعا
بتغلِبَ في الحروبِ ألَم يكونوا
أشَدَّ قبائِلَ العَرَبِ امتناعا
زمانَ الجاهليةِ كُلُّ حيٍّ
أبَرنا من فصيلتِهِ لِماعا
أليسوا بالالى قَسَطوا قديماً
على النُعمانِ وابتَدروا السِطاعا
وَهم وَرَدوا الكلابَ على تميمٍ
بجيشٍ يَبلَعُ الناسَ ابتلاعا
فما جبنوا ولكنَّا أُناسٌ
نُقيمُ لَمن يُقارِعُنا القِراعا
فأما طيِّءٌ فإذا أتاها
نذائِرُ جيشنا ولجوا القِلاعا
وأما الحيُّ من كَلبٍ فإنّا
نُحلُّهم السواحِلَ والتِلاعا
ومن يكُن استلامَ إِلى ثَويِّ
فقد اكرمتَ يا زُفَرُ المتاعا
أكُفرَاً بعد رَدِّ المَوتِ عني
وبَعدَ عَطائِكَ المائةَ الرِّتاعا
فلو بيدي سواك غَداةَ زَلَّت
بيَ القدمانِ لم أرجُ اطِّلاعا
إذَن لَهَلَكتُ لو كانت صغاراً
من الاخلاقِ تُبتَدَعُ ابتداعا
فلم أرَ منعمينَ أقلَّ منا
واكرمَ عندما اصطنعوا اصطناعا
من البيضِ الوجوهِ بني نُفَيل
أَبَت أخلاقُهم إِلاَّ اتساعا
بني القَرمِ الذي علِمَت مَعَدٍّ
تَفَضَّل فوقها سعةً وباعا
وظهرِ تنوفةٍ حدباءَ تَمشي
بها الركبانُ خائفةً سِراعا
قِذافٍ بذاتِ الواحٍ تراها
ولا يرجو بها القومُ اضطجاعا
قطعت بذاتِ الواحٍ تراها
أمامَ القومِ تَندَرِعُ اندراعا
وكانت ضربةً من شدقميٍّ
إذا ما استَنَّت الابلُ استناعا
ومن عَيرانةٍ عَقَدَت عليها
لِقاحاً ثم ما كسرت رجاعا
لأولِ قَرعةٍ سَبَقت اليها
من الذَودِ المرابيعَ الضباعا
فلما رَدَّها في الشَّولِ شالت
بذيَّالٍ يكونُ لها لِفاعا
فَتَمَّ الحَولُ ثمَّتَ اتبعتها
ولمّا ينتج الناسُ الرِباعا
فصافَت في بناتِ مَخاضِ شَولٍ
يَخَلنَ أمامَها قرعاً نِزاعا
وصافَ غلامُنا رجلاً عليها
إرادةَ أن يفوّقَها ارتضاعا
فلما أَن مَضَت سنتانِ عنها
وصارَت حِقَّةً تعلو الجذاعا
عرفنا ما يرى البُصَراءُ منها
فآلينا عليها أن تُباعا
وقُلنا مهِّلوا لثنِيَّتَيهَا
لكي تزدادَ للسَّفرِ اضطلاعا
فلما أن جَرى سِمَنٌ عليها
كما بطّنت بالفَدَنِ السياعا
أمَرتُ بها الرجالَ ليأخذوها
ونحن نظن أن لن تُستطاعا
إذا التيّازُ ذو العضلاتِ قلنا
إليكَ اليكَ ضاق بها ذراعا
فلأياً بعد لأيِ أَدرَكوها
على ما كانَ إذ طَرَحوا الرقاعا
فما انقلبَت من الروّاضِ حتى
اعارَته الاخادعَ والنخاعا
وسارت سيرةً نُرضيكض منها
يكادُ وسيجُها يُشفي الصُّداعا
كأنَّ نُسوعَ رحلي حين ضمَّت
حوالِبَ غُرَّزاً وَمِعاً جياعا
على وَحشيةٍ خَذَلَت خَلوجٍ
وكان لها طلا طِفلٌ فضاعا
فكرَّت عند فيقتها اليه
فألفَت عندَ مَربضهِ السباعا
لَعِبنَ به فلم يترُكنَ إِلاَّ
إهاباً قد تَمَزَّقَ أو كراعا
فَسافَتهُ قليلاً ثمَّ وَلَّت
لها لَهَبٌ تثيرُ به النقاعا
أَجَدَّ بها النجاءُ فأصحبتها
قوائمُ قلمَّا اشتكت الظُلاعا
كأنَّ سبيبةً من سابريٍّ
أُعِيرَتها رِداءً أو قناعا
وما غَرَّ الغواةُ بعنبسيٍّ
يُشرِّدُ عن فرائسِهِ السَّباعا
إذ رأسٌ رأيتَ به طِماحاً
شدوت له الغمائِمَ والصِّقاعا
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة