من دفتر حكايات كرامة الفن والفنان.. عندما قال الريحانى "طز في الملك"

الأحد، 08 سبتمبر 2024 10:00 م
من دفتر حكايات كرامة الفن والفنان.. عندما قال الريحانى "طز في الملك" نجيب الريحانى
كتبت زينب عبداللاه

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

قديمًا كان الناس ينظرون نظرة دونية للفنان، وترفض العائلات عمل أبنائها بالتمثيل وتعتبر ذلك عارًا وسبة فى جبين الأسرة، وكانت المحاكم لا تأخذ بشهادة الممثل الذى كان يطلق عليه لقب "مشخصاتى"، وكان القضاة فى مصر يستندون إلى نص فى القانون المصرى يمنع الفنانين من الإدلاء بشهادتهم، وينص على أن الزمار والطبال وكل من يشتغل فى اللهو لا يصح الاستماع لشهادته، وهو ما جعل المحاكم ترفض الأخذ بشهادة أى فنان مهما بلغت شهرته ومكانته، واستمر هذا النص معمولاً به حتى تم إلغائه عام 1952، لذلك عانى نجوم الفن ورواده من نظرة المجتمع لهم وعملوا كل ما بوسعهم لتغيير هذه النظرة وكسب ثقة واحترام المجتمع.

حافظ هؤلاء النجوم على كرامتهم واحترامهم لأنفسهم فاحترمهم الناس ورسخوا بذلك قيمة الفن والفنان، مر أغلبهم بظروف قاسية ومواقف صعبة ولكنهم لم يتنازلوا عن مبادئهم وحافظوا على فنهم وكرامتهم جنبًا إلى جنب، وسجل التاريخ الكثير من القصص والمواقف التى تحكى عن كرامة الفنان المصرى وعزته فى أصعب الظروف، ومنها ما حدث للفنان الضاحك الباكى نجيب الريحانى وفرقته في القصر الملكى.

عاش الفنان الكبير الضاحك الباكى نجيب الريحانى حياة صعبة ذاق فيها الجوع والفقر وتحمل الكثير فى سبيل فنه، ولكنه كان لا يقبل أى إهانة ولا يتنازل عن كرامته وعرف بجرأته وصراحته حتى أمام أكبر رجال الحكم والسياسة الذين جمعته بهم علاقات كثيرة، وفى الحلقة الأخيرة من مذكرات مارى منيب التى نشرتها مجلة الكواكب بتاريخ 26 يناير 1960 تحدثت الفنانة الكبيرة بكل حب وعرفان واحترام عن أستاذها نجيب الريحانى، الذى عملت بفرقته فترة طويلة من حياتها منذ بداياتها الفنية فقالت: لو قدر لجدران  حجرته أن تتحدث لروت الكثير من أسرار الساسة وخفايا السياسة والتيارات الخفية التى كانت تحكم بلادنا وتسير نظام الحكم فيها والفضائح المروعة التى كانت تجرى من وراء الستار فى قصور العظماء، أولئك الذين كانوا ينظرون إلى الناس من أطراف أنوفهم"

وتابعت: "لقد كانت حجرته ملتقى الكثيرين من رجال القصر والزعماء والوزراء، كانوا جميعاً لا يخفون شيئاً عن الريحانى ويستطلعون رأيه فى كل الأمور، وكان الريحانى صريحاً فى حديثه معهم، لا يخفى قرفه من الفساد الذى كان يسرى فى أنظمة الحكم، وكثيرًا ما نقلت أراؤه إلى أصحاب النفوذ فكانوا يعاكسونه ويمنعون عن فرقته الإعانات التى كانت تمنح لجميع الفرق العاملة".

وروت مارى منيب موقفًا لا تنساه ثار فيه الريحانى لكرامته وكرامة زملائه فى قلب سراى الملك، فقالت:" لن أنسى يوماً دعينا فيه إلى القصر لتقديم إحدى المسرحيات، وكانت موجودة فى الوقت نفسه إحدى الفرق الأجنبية، وبعد الانتهاء من تقديم البرنامج  دعينا لتناول للعشاء، ولم نكد نجلس إلى المائدة حتى لاحظ الريحانى أن مائدة الفرقة الأجنبية حافلة بطعام ممتاز يفوق بكثير ألوان الطعام الذى على مائدتنا، فوقف الريحانى وقال لنا على مسمع من بعض رجال القصر والسفرجية :" محدش يمد إيده على الأكل مش عايزين نتعشى هنا، إحنا جايين على اعتبار إننا أصحاب البلد، وأن الرأى للمصريين قبل الأجانب، لكن للأسف شوفنا العكس ودى إهانة نحتج عليها ولا نسمح بها أبداً، والفنان يجب أن يكون حريصاً على كرامته قبل كل شيء".

تكمل مارى منيب: "انسحبنا جميعاً دون أن نعبأ بتوسلات رجال القصر الذين سمعوا "خطبة الريحانى"، وانصرفنا نتعشى عشاء فاخر على حساب أستاذنا الريحانى ، وفى اليوم التالى جاء بعض رجال السراى وهم فى أشد حالات الانزعاج، إذ أن خبر انسحابنا  قد لوحظ من الجميع، وأخذوا يعتذرون للريحانى قائلين إن هذا التصرف خطأ غير مقصود من بعض صغار رجال السرايا ، ولكن الريحانى لم يقبل الاعتذار، بل قال لهم غاضباً :" إن كانت عزومة الملك بالشكل ده يبقى طز فى الملوك كلهم"، ثم التفت اليهم قائلاً :" بلغوا مولانا الكلام ده إن كنتم شاطرين وأنا مستعد أقوله فى وشه"

نجيب الريحانى ومارى منيب
نجيب الريحانى ومارى منيب

 










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة