قالت مجلة "الإيكونوميست" في تقرير مطول نشرته، الجمعة، إن شهر ديسمبر كان محيرا بالنسبة للعديد من السوريين فقد شاهدوا المبعوثين الغربيين يندفعون إلى دمشق احتفاء بسقوط بشار الأسد.
وتضيف المجلة "ومع ذلك، أثناء مغادرتهم يصر هؤلاء المبعوثون أنفسهم على أنه من السابق لأوانه تخفيف العقوبات المعقدة المفروضة على الاقتصاد السوري، ويبدو أن أمريكا وأوروبا حريصتان على مقابلة حكام سوريا الجدد ولكن ليس على مساعدتهم".
وتوضح "الإيكونوميست" أنه وفي السادس من يناير أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية عن تغيير بسيط ولكنه كان محل ترحيب، حيث أصدرت ترخيصا يسمح للشركات بالتعامل مع الحكومة السورية الجديدة وتزويد البلاد بالكهرباء والوقود، علما أن الترخيص صالح لمدة ستة أشهر ولا يزيل أي عقوبات.
وتبين المجلة أن الترخيص بالتعامل مع الحكومة السورية الجديدة وتزويد البلاد بالكهرباء والوقود كان له تأثير فوري.
وذكرت أنه وبعد يوم من إعلان وزارة الخزانة الأمريكية، قال مسؤول سوري إن قطر وتركيا سترسلان محطات طاقة عائمة إلى الساحل السوري، ومن المتوقع أن تولد المراكب 800 ميغاواط وهو ما من شأنه أن يعزز إنتاج الكهرباء في سوريا بنسبة 50٪ ما سيخلف ارتياحا كبيرا في بلد توفر فيه الدولة أقل من أربع ساعات من الطاقة يوميا.
كما دخلت دول الخليج في محادثات بشأن تمويل الزيادة التي طرأت على رواتب موظفي القطاع العام والتي تعادل 400% بما أن الحكومة السورية المؤقتة تعهدت بذلك منذ الأيام الأولى لسقوط النظام، على الرغم من عجزها عن تحقيق ذلك من دون مساعدة.
وتشير المجلة إلى أن "هذه بداية جيدة، ولكن إذا كان لسوريا أن تتعافى من عقد من الحرب الأهلية فسوف تحتاج إلى أكثر من مجرد إعفاءات تدريجية ولكن حتى الآن يبدو أن هذا هو كل ما يبدو أن العديد من صناع السياسات الغربيين على استعداد لتقديمه".
وتفيد "الإيكونوميست" في السياق بأن "تاريخ العقوبات الأمريكية على سوريا يعود إلى عام 1979، عندما صنفت البلاد على أنها دولة راعية للإرهاب، وفي العقود اللاحقة أضافت واشنطن كومة من الإجراءات الأخرى لمعاقبة نظام الأسد لإرساله مقاتلين إلى العراق، والتدخل في السياسة اللبنانية، وقتل عدد لا يحصى من السوريين".
ووفق التقرير "يجب أن تظل بعض هذه القيود قائمة إذ يجب أن يظل الأسد ورفاقه منبوذين إلى أجل غير مسمى.. ولكن من الصعب أن نقول إن هذا البلد هو الآخر يجب أن يظل منبوذا".
ويرى مؤيدو نهج البطء والتدرج بأنه ينبغي على أمريكا وأوروبا أن تستعينا بالعقوبات كوسيلة للضغط من أجل تشكيل حكومة قائمة على المشاركة في سوريا، بيد أن رفع هذه العقوبات لن يتسبب بخسارة أمريكا وأوروبا لهذه الوسيلة بما أن بوسعهما إعادة فرض العقوبات في أي وقت.
وعلى الرغم من أن الشمول هدف جدير بالثناء إلا أنه هدف اسفنجي، فإذا كان صناع السياسات في الغرب يريدون أن تكون الحكومة الجديدة شاملة، فيتعين عليهم أن يوضحوا بالضبط ما يعنيه ذلك.
تقدم أحد الدبلوماسيين الأمريكيين بحجة إجرائية لتعليل ذلك لأن جو بايدن لم تعد أمامه في السلطة سوى أيام قلائل، لذا فعليه ترك القرارات المهمة بشأن سوريا لمن سيخلفه، بيد أن دونالد ترامب سيحتاج لوقت حتى يعين المسؤولين ويحصل على موافقة مجلس الشيوخ على تعييناته، أي أن سوريا قد لا تكون أولوية بالنسبة له، ما يعني أن واشنطن قد تحتاج لأشهر قبل أن تصدر تخفيفا كبيرا للعقوبات المفروضة على دمشق.
أما أوروبا فقد تكون حركتها أسرع من أمريكا إذ في الثالث من الشهر الجاري، التقى وزيرا خارجية فرنسا وألمانيا بأحمد الشرع حاكم سوريا الحالي في دمشق، ومن هناك أعلنت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، بأنه من المبكر رفع العقوبات عن سوريا، غير أن الدبلوماسيين الألمان تداولوا سرا مقترحا يقضي برفع العقوبات فعليا.