تغيير الأرقام الهاتفية وتصميم مواقع مزيفة أبرز حيل النصب للخداع وسرقة الآلاف
خبير أمن معلومات يحذر: لا تقدم نفسك فريسة لإغراء المكاسب السهلة
مساعد وزير الداخلية الأسبق لأمن المعلومات: تقنيات مذهلة لإقناع الضحايا.. ولا يجب الانسياق وراء السوشيال ميديا لأن "الحداية مش بتحدف كتاكيت"
مصلحة الجمارك المصرية توضح شروط استقبال الطرود البريدية والهدايا من الدول الخارجية
وزارة الداخلية تكثف الملاحقات الأمنية وتخصص أرقام هاتفية وخطًا ساخنًا للإبلاغ عن الجرائم الإلكترونية
"واتساب" يحذر من الخداع عبر الرسائل من أشخاص مجهولة: هدفها الحصول على معلومات شخصية أو مالية.. والاحتيال يمكن أن يحدث في أي مكان ويؤثر في أي شخص
النصابون يستخدمون تقنيات تكنولوجية كأرقام هاتفية وروابط إلكترونية مزيفة لإسقاط ضحاياهم باحترافية
هل تعرضت للنصب الإلكتروني من قبل؟ هل سبق وأرسل إليك أحد من رقم غريب (محلي أو دولي) يدعي أن هناك هدية بانتظارك؟ هل وعدك شخصًا لا تعرفه بتحويل أموال مقابل الحديث معه فقط؟ هل خدعك أحدهم وطلب منك أرقام حساباتك البنكية وتفاجأت أن أموالك قد سُرقت؟ هل ابتزك شخصًا يعلم عنك أمورًا شخصية بتنفيذ أمورًا لا ترغب فيها ولكنك رضخت للقيام بها؟
بالتأكيد، إنها قضية كبرى، ولعل ما قادني إلى إجراء هذه المغامرة الاستقصائية، هدف توعوي بحت، لاسيما وأننا نسمع يوميًا عن تعرض عشرات المواطنين من فئات عمرية مختلفة إلى جرائم النصب الإلكتروني التي باتت تتزايد بشكل مقلق في الفترة الأخيرة، نتيجة تعدد الوسائل المختلفة لإسقاط الضحايا من هنا وهناك بين خيوط تلك الشباك العنكبوتية المعقدة على مواقع الإنترنت، ما تُكلف أصحابها خسائر كبيرة جراء تلك الخدع المختلفة.
إلى جانب ذلك، قررت خلال سعيي خلال فترة ليست بقصيرة - أعتقد أنها تخطت شهرا ونصف - إلى تحليل مقدمات وحيل وخدع النصابين من هذا النوع، من خلال الخوض في الأساليب النفسية والتقنيات المستخدمة لاستدراج الأشخاص، فخلال خوض هذه التجربة الصحفية الاستقصائية مع النصاب الإلكتروني أدركت أن ما يعرضه ليس سوى حيلة مصممة لإسقاط الضحايا ولكن باحترافية شديدة ومتقنة.
بداية القصة
البداية كانت عن طريق الصدفة التي تكشفت ورائها أمورًا عديدة، عندما أرسلت لي سيدة من رقم دولي على "الواتساب" تدعى "كريستي تايلور" – لم نتأكد من هويتها بعد - تقول إنها من بريطانيا وترسل لي بغرض الحديث معها كصديق.. أنا كنت أعلم أنها حيلة لخداعي، وقررت استكمال المحادثة لتنفيذ الغرض المنشود من هذا التحقيق.
موقع شركة الشحن المزعوم لأحد الضحايا
يوما بعد يوم، تبادرنا الحديث، وكانت تحكي لي مصاعب يومها الشاق – حسب تعبيرها – حيث إنها كانت زوجة لرجل متوفي، وهي امرأة تعول طفلين صغيرين، ولديها مشكلات في الحصول على إرثها لزوجها، إلا أنها كانت تظهر في اليوم مرة واحدة وتتحدث لمدة لا تتجاوز 60 ثانية، توضح خلالها بعض الأمور العائلية وتقحمني في مشكلاتها كي تقنعني بأزماتها المستمرة خلال رحلتها للحصول على الإرث.
وفي أحد الأيام طلبت مني أن أُصلي لها لأنها ذاهبة في صباح اليوم التالي إلى المحكمة لسماع الحكم النهائي في قضية ميراث زوجها، بل ووعدتني بهدية قيمة سترسلها لي حال فوزها بالقضية والحصول على أموال زوجها الطائلة، وهو الأمر الذي رفضته مطلقًا، ما جعلها تشدو بكرم أخلاقي بأنني وقفت بجوارها بدون الحصول على مقابل، غير أن هذا يجعلني في مرتبة أعلى في حياتها لأنني أفعل ذلك كصديق مخلص، وفق قولها لإقناعي بحيلها.
موقع شركة الشحن المزعوم لأحد الضحايا
بالفعل، أرسلت لي السيدة "تايلور" في صباح اليوم التالي، رسالة مقتضبة تعبر فيها عن سعادتها الغامرة بفوزها بالقضية وحصولها على حكم لصالحها في قضية زوجها، لذلك ستكافئني بإرسال هديتي إلى منزلي في القاهرة، بل وأرسلت لي صورة خلال رحلتها بالسيارة إلى المتجر وصورة أخرى أثناء شرائها بعض المقتنيات الشخصية الخاصة بي بقيمة 5785 دولار، ومجموعة صور وفيديوهات تظهر تحركاتها منذ بداية شراء المستلزمات وحتى ذهابها إلى شركة الشحن لإرسال الأشياء في حقيبة سوداء تحتوي على "لاب توب، آيفون 15 برو ماكس، ساعة روليكس، ملابس، أحذية، ومقتنيات أخرى، إلى جانب مبلغ مالي قيمته 75 ألف جنيها إسترليني"، في محاولة لتوثيق كافة الأمور من اجل إقناعي بشكل أكبر لتصديق حيلتها.
تحليل المشهد
بعد ادعاء السيدة إرسال هديتي من المملكة المتحدة، وطلب معلوماتي الشخصية لتأكيد إرسال الهدية، لم أوافيها بأي تفاصيل سوى اسمي ورقم هاتفي الذي تراسلني عليه على "الواتساب"، لكنني واصلت الحديث معها، بوعي وتخطيط، لجمع أكبر قدر ممكن من المعلومات حول آليات النصب وطريقة بناء الثقة الزائفة مع الضحايا من خلال ما تقوم به، بعدها تفاجأت بإرسال ملف Pdf يُظهر تفاصيل اسم شركة الشحن وأسماء المقتنيات ووزن الحقيبة بمحتوياتها، كما أرسلت لي رابط إلكتروني لشركة الشحن يتضمن رقمًا سريًا لتتبع سير الشحنة والتأكد من وصولها إلى مصر، وهو ما طرح تساؤل حول كيفية إرسال الطرد من لندن إلى جمارك الغردقة، بدون الحصول على أي معلومات عن المستلم.
بيانات الطرد المزعوم
الأمر الآخر الذي تم وأظهر لي جانب من حقيقة الخداع، أن السيدة "كريستي" أثناء الحديث أرسلت لي رابط إلكتروني آخر عن طريق الخطأ لشخص يدعى "ع. ع" من محافظة كفر الشيخ، وعندما فتحته - بعد التأكد من عدم كونه لينك لاختراق هاتفي - أظهر لي نفس صور المقتنيات ولكن مع اختلاف البيانات الشخصية للمستلم، فعندما لفت انتباهها لهذا الأمر حذفت الرسالة على الفور، إلا أنني كنت قد احتفظت باللينك ووجدت به معلومات كثيرة عن المستلم "ع. ع" الذي يتضح أنه صدق الأمر ولم يكتشف الخدعة بعد.
بيانات الطرد المزعوم
وفي إطار البحث عن الحقيقة، بدأت رحلة التقصي بالتواصل مع ضحية كفر الشيخ "ع. ع"، الذي تخوف من كوني صحفيًا عندما كشفت له هويتي في البداية، وبعد الحديث معه وطمأنته تحدث معي وأطلعني على كافة الأمور والخطوات التي جرت بينه وبين السيدة، وأدركت أنها نفس خطوات الرحلة التي خضتها بنفسي، بل وأرسل لي صورا هي تلك الصور التي أُرسلتها لي بشأن مقتنياتي والفاتورة التي توضح سعرها أيضا.
فاتورة شراء الهدايا المزعومة
تواصل رسمي وبحث عن المعلومة
اللافت في الأمر أن السيدة كريستي طلبت مني ومن "ع. ع" ومن أشخاص آخرين عددهم ثلاثة أشخاص - رفضوا الإفصاح عن أسمائهم - تم التواصل معهم خلال رحلة البحث عن ضحايا تعرضوا لعمليات نصب مشابهة، مبلغًا ماليًا قيمته 18 ألف جنيه مقابل استلام الهدايا المرسلة من بريطانيا، مدعية أنها رسومًا جمركية، وهو ما استدعى التواصل مع الجهات الرسمية، فكانت البداية بمخاطبة مصلحة الجمارك المصرية، للتأكد من وصول الطرد من عدمه إلى الموانئ المصرية، حيث نفى مصدر رسمي وصول أية طرود من بريطانيا بالمعلومات المرسلة، ومحذرا من الانسياق وراء حيل النصب الإلكتروني بمختلف مسمياتها.
إحدى الهدايا المزعومة
وبالبحث عن شروط استلام الطرود البريدية والهدايا المرسلة من الخارج إلى الموانئ المصرية، يؤكد الموقع الرسمي لمصلحة الجمارك المصرية، أن الطرود البريدية العادية أو السريعة، يجب ألا تزيد قيمتها دون تكلفة النقل عن ألفي دولار، ويشترط أن تُنقل باسم مرسل إليه ويكون محددًا، كما يشترط في قوائم الشحن أن تكون واضحة وموضحًا بها اسم وسيلة النقل وجنسيتها ورقم الرحلة وتاريخها وأنواع البضائع وإن كانت ممنوعة وعدد الطرود وعلاماتها وأرقامها واسم الشاحن والمرسل إليه والموانئ التي شحنت منها.
إحدى الهدايا المزعومة
ويتضح من شروط مصلحة الجمارك المصرية في استلام الطرود الخارجية، أن ما ذكرته السيدة "كريستي تايلور" منافيا تماما للواقع، وأن المندوب الذي تواصل مع الأشخاص المستهدفين لتحصيل رسوما جمركية بقيمة 18 ألف جنيها لتوصيل الهدايا إلى منازلهم بعد الإفراج عنها من ميناء الغردقة الجوي، مدعيا جنسيته البريطانية ويتواصل من رقمًا مصريًا، ما هي إلا خدعة جديدة للاحتيال وسرقة الأموال بطريقة مقتنعة.
إحدى الهدايا المزعومة
وللتأكد من كافة المعلومات، حرصنا على البحث عن حقيقة وجود شركة الشحن المرسل عليها الطرد من المملكة المتحدة من عدمه، ووجدنا أن ثمة تشابه بين الرابط المرسل ويحمل تفاصيل الطرد، والموقع الرسمي للشركة البريطانية الرسمية التي تعمل في مجال الشحن، لكن مع اختلاف كلمة جرى تدبيلها مكان أخرى في اسم الشركة، بل وعندما حاولنا فتح الرابط الإلكتروني المرسل مرة أخرى، بعد عدة أيام من عدم دفع الأموال المطلوبة، لم نجده من الأساس، أي أنه أُزيل من الإنترنت.
إحدى الهدايا المزعومة
تقنيات مزيفة لإقناع الضحايا
وخلال رحلة كشف الحيل التي يستخدمها النصابين لخداع وإسقاط ضحاياهم، لا سيما في كيفية استخدام أرقام دولية وهمية والتواصل المراوغ لإخفاء الهوية الحقيقية، طرحنا التساؤل على المهندس إسلام غانم، استشاري تكنولوجيا المعلومات والتحول الرقمي، والذي أوضح أن استخدام مثل هذه الأرقام الدولية يتم عن طريق بعض الأدوات التقنية الحديثة التي يمكنها تحويل أرقام اتصالات محلية إلى دولية لأي دولة في العالم، لإقناع الضحية بأنه يتم التواصل معه من الخارج.
إحدى الهدايا المزعومة
ويتابع إسلام غانم قائلا: "يمكن للنصاب شراء خط لأي شركة اتصالات، ويفعله لاستخدام الواتساب فقط ثم يغلق الخط إلى الأبد، ويبدأ في التواصل مع الأشخاص المستهدفين ومن هنا تبدأ رحلة الخداع، غير أن التقنيات المستخدمة لتغيير الأرقام يمكنها تغيير رقم الهاتف المستخدم لأي رقم آخر حتى وإن كان لخدمة عملاء أي بنك داخل مصر وخارجها، حتى يثق الشخص في من يتواصل معه وينفذ له مبتغاه سعيًا وراء المكسب السريع".
ليس تغيير الأرقام فحسب، فهناك تقنيات أخرى بحسب ما كشفه المهندس إسلام غانم، يمكنها تصميم مواقع إلكترونية مشابهه لأي مواقع رسمية حتى وإن كانت لشركات الشحن وبنوك وغيرها، مثلما استخدمتها "كريستي" لإقناعي وكل من تواصلت معهم وأرسلت إليهم رابطًا إلكترونيًا لشركة شحن، لمتابعة خط سير الطرد إلى بلدهم، فيقول استشاري أمن المعلومات: "يمكن للنصاب استخدام اسم مشابه لشركة شحن لإقناع الضحايا للوثوق به وتصديق خدعة إرسال الطرد من أي دولة، مقابل استنزاف أمواله بادعاء تسديد رسوم جمركية للحصول على الهدية المرسلة، فهناك تقنيات وأدوات تكنولوجية مخصصة لتصميم مواقع مزيفة يضع عليها كل تفاصيل الشحنة وكأنها حقيقية".
إحدى الهدايا المزعومة
تقنيات هائلة للنصب ومطالبات عاجلة بمحو الأمية الرقمية
أساليب النصب الإلكتروني تتنوع بين رسائل البريد المزيفة، والمكالمات الهاتفية من أرقام دولية، والإعلانات الوهمية على وسائل التواصل الاجتماعي، ويعتمد النصابون على تقنيات نفسية ذكية، مثل وعود بالربح السريع أو الهدايا الفاخرة، لإقناع الضحية بالتفاعل معهم.
في ذلك، يقول اللواء محمود الرشيدي، مساعد وزير الداخلية الأسبق لأمن المعلومات، إن التقدم التكنولوجي في وسائل الاتصال إضافة إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي، تمكن أي شخص من الاتصال بالآخرين من أية أرقام حتى لو كانت أرقامًا دولية، أو أرقام هواتف أصدقاء ومُقربين منهم للاحتيال عليهم من خلال أكواد معينة يجرى استخدامها.
وأوضح الرشيدي في تصريحات خاصة، أن الإنترنت بات أرضًا خصبة للاحتيال والسرقات بكافة أشكالها، ولا ينجح جاني في عملياته الإجرامية إلا من خلال عدم وعي المجني عليهم بالمخاطر والأمور المترتبة على استخدام الإنترنت بدون وعي، والطمع وتحقيق المكاسب السهلة، لافتا إلى أن النصابين الإلكترونيين يستخدمون أحدث الوسائل التكنولوجية لإيقاع الضحايا في أفخاخهم.
أبرز قضايا الجرائم الإلكترونية خلال 2024
ويؤكد الخبير الأمني على تنوع الوسائل المستخدمة في الاحتيال على المواطنين إلكترونيًا، وقال: "إقناع الضحايا يتم باحترافية كبيرة، وذلك من خلال إيهام الناس بإرسال هدايا لهم قيمتها أعلى بكثير من قيمة الأموال المطلوبة كرسوم مخصصة للإفراج عنها واستلامها، لذلك يتم تحويل الأموال للصوص بدون وعي.. لكن الحداية مش بتحدف كتاكيت".
وشدد اللواء الرشيدي، على أن السوشيال ميديا ذاخرة بالآلاف من الهاكرز ومخترقي الحسابات، وقد يقف وراء أجهزة استخبارات دولية ومنظمات إرهابية، لجني الأموال والحصول على المعلومات والبيانات الشخصية، وذلك يستوجب توعية كبيرة من خلال التغلب على الأمية الرقمية.
ويروي اللواء محمود الرشيدي قصتين لحالتين منصوب عليهما في وقت سابق، قائلا: "الأولى حينما جرى تحويل مبلغ مالي من جهة مجهولة لسيدة مصرية قيمته 1000 دولار، بعدما طلبوا منها فتح حساب بنكي لتلقي الأموال، وبعد تحويل المبلغ في البداية جرى تحويل آلاف الدولارات وبعدما تحركت الأجهزة الأمنية لضبط ذلك تبين أنه غسيل أموال، أما القصة الثانية فهي لطبيب كبير تم أقناعه بالسفر إلى إحدى الدول الإفريقية لتأسيس مصنع وبالفعل أرسلوا له كافة الأوراق وتذكرة طيران وبعد السفر استقل معهم سيارة ولإقناعه بشكل أكبر دخل أحد الأشخاص مقر السفارة في هذه الدولة مدعيا مقابلة السفير للحصول على موافقته، وبعد انتهاء الزيارة طلبوا منه مبلغ 50 ألف دولار لاستكمال المشروع الذي رآه على الأرض، وعندما عاد إلى مصر أرسل لهم الأموال، ثم اختفوا تماما"، مطالبا بعدم الوثوق في أي عمليات على السوشيال ميديا خاصة فيما يتعلق بالأموال.
أبرز قضايا الجرائم الإلكترونية خلال 2024
وفي إطار تنوع عمليات الاحتيال والنصب على المواطنين، يُمكن من خلال الذكاء الاصطناعي بحسب اللواء محمود الرشيدي، الحصول على نبرة صوت شخص معين للاحتيال على الأصدقاء أو الأقارب، من خلال استخدامه في إجراء مكالمات هاتفية أو صنع فيديوهات لأشخاص يتحدثون فيها وكأنهم حقيقيين، محذرا من عدم تعويض خسائر النصب الإلكتروني الذي يمنح نوع من الأمان النسبي للجناة، حيث إنهم بعيدون عن الضبط والملاحقة الأمنية، لاسيما إذا كانوا في دولًا أخرى.
أما عن طرق المواجهة، يشير الرشيدي، إلى أهمية التوعية التكنولوجية ومحو الأمية الرقمية على اعتبار أنها خط الدفاع الأول لمواجهة انتشار الجريمة، وكذلك المواجهات الأمنية لضبط وتتبع أي جرائم على الانترنت، إلى جانب المواجهات التشريعية لتغليظ القوانين لردع كل من تسول له نفسه الاحتيال على المواطنين على الإنترنت والسوشيال ميديا، وتعديل النصوص التشريعية لتشمل العديد من الجرائم التي يتم فيها استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي ومواكبة التطور التكنولوجي الهائل في ذات القضايا.
جهود الداخلية لضبط الجرائم الإلكترونية
بالنسبة للإحصائيات الرسمية عن ضحايا النصب الإلكتروني في الفترات السابقة، فلم يتسنى لنا الحصول على بيانات أو وثائق رسمية توضح أعدادهم، لكن على الصعيد الأمني للتصدي لهذه الظاهرة الخطيرة، تكشف وزارة الداخلية وفقًا لما هو معلن على صفحاتها الرسمية، عن تكثيفها للحملات الأمنية لضبط مرتكبي جرائم النصب الإلكتروني من قبل أشخاص مجهولين، وتؤكد على أهمية التواصل مع مباحث الإنترنت عن طريق الاتصال بـ"الإدارة العامة لتكنولوجيا المعلومات" على الأرقام "0224065052 -0224065051" أو الخط الساخن "108" بإدارة مكافحة جرائم الحاسبات، وهو الخط المخصص للإبلاغ عن الجرائم الإلكترونية، وجرائم الإنترنت على مدار 24 ساعة.
تحذيرات وحماية
ليس هذا فحسب، بل يحذر الموقع الرسمي لـ"واتساب" من الخداع عبر رسائل من أشخاص مجهولة تستهدف الحصول على معلومات شخصية أو مالية، مؤكدا أن الاحتيال يمكن أن يحدث في أي مكان ويؤثر في أي شخص، لذلك يجب الحذر من ذلك الأمر، لاسيما في استلام الرسائل المريبة من أشخاص غير موثوق بهم، سواء في الحث على النقر على رابط، أو تنشيط خاصية جديدة عبر رابط، أو تنزيل تطبيق، أو مشاركة معلوماتك الشخصية، مثل رقم بطاقة الائتمان، أو أرقام الحسابات البنكية، أو تاريخ الميلاد، أو كلمات المرور، وكذا المطالبة بإعادة توجيه رسالة وأموال أو ادعاء ضرورة دفع مبلغ من المال مقابل استخدام واتساب، إلى جانب تظاهر المحتال بأنه شخص تعرفه، أو رسائل اليانصيب أو المقامرة أو وظيفة أو استثمار أو قرض، والتي تبدأ بالدردشة معك لكسب ثقتك قبل طلب المعلومات الشخصية.
ويطالب واتساب مستخدميه الذين يتلقون رسائل مريبة أو احتيالية من أشخاص مجهولين، بالتمهل والتفكير قبل تبادل الحديث وإيقاف المحادثة إذا لم تتمكن من التحقق من هوية جهة الاتصال، وعدم مشاركة معلومات شخصية أو مالية مع الطرف الآخر، وحظر الأرقام والإبلاغ عنها لمنعه من التواصل مرة أخرى.
عقوبات وردع
ينص قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018 والمعروف إعلاميا بـ"الجريمة الإلكترونية"، على عقوبات رادعة لمواجهة تلك الجرائم، إذ تصل للحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر، وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تتجاوز ثلاثين ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، لكل من اصطنع بريدًا إلكترونيا أو موقعًا أو حسابًا خاصًا ونسبه زورًا إلى شخص طبيعى أو اعتباري، أما إذا استخدم الجانى البريد أو الموقع أو الحساب الخاص المصطنع فى أمر يسئ إلى ما نسب إليه، تكون العقوبة الحبس الذى لا تقل مدته عن سنة، وغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تتجاوز مائتى ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، وإذا وقعت الجريمة على أحد الأشخاص الاعتبارية العامة، تكون العقوبة السجن والغرامة التى لا تقل عن مائة ألف جنيه، ولا تزيد على ثلاثمائة ألف جنيه.
كانت التجربة درسًا حقيقيًا في الحذر، وأظهرت كيف يمكن للاحتيال الإلكتروني أن يُبنى على الإغراء بالفرص الزائفة واستغلال الطمع والثقة، لذا لابد أن يكون الوعي والتحري المستمر هما أقوى الأسلحة لمواجهة النصب الإلكتروني، وأن التسلح بالمعلومة يمكن أن يحمي الكثيرين من الوقوع في براثن هذا الفخ الرقمي المحكم، لأنه بعد التحري عن حقيقة الأمر بحذر، اكتشفنا أن القصة بأكملها خديعة، ولا وجود لأي هدية أو حقيبة، بل مجرد فخ لاستنزاف الأموال وتحقيق مكاسب غير مشروعة.
التحقيق المنشور على اليوم السابع