لا تزال حرائق الغابات فى مقاطعة لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا الأمريكية مشتعلة، وارتفع عدد القتلى إلى 16 شخصا، فى الوقت التي تواصل فيه طواقم رجال الإطفاء محاولة منع انتشار النيران قبل عودة الرياح القوية التي تهدد باتساع الحريق إلى بعض المناطق الأشهر فى المدينة.
وحسبما ذكرت وكالة أسوشيتدبرس الأمريكية، فإن خمس من الوفيات تسبب فيها حريق بلاسيدز، و11 أخرى ناجمة عن حريق أتون، بحسب ما أفاد مسئولو مقاطعة لوس أنجلوس.
وهناك مخاوف من أن تدفع الرياح النيران صوت متحف بول جيتى وجامعة كاليفورنيا، فى الوقت الذى تركت فيه تحذيرات الإخلاء الجديدة ملاك المنازل على الحافة.
وحتى مساء السبت، استهلكت الحرائق حوالى 62 ميلا مربعا، وهى مساحة أكبر من سان فرانسيسكو، بلغت مساحة حرائق باليساديس وإيتون 59 ميلًا مربعًا، وفقا لـ إدارة الإطفاء فى كاليفورنيا.
150 ألف شخص تحت أوامر الإخلاء
وفى بيان، قال مايكل تروام من مكتب خدمات الطوارئ بكاليفورنيا إن 150 ألف شخص فى مقاطعة لوس أنجلوس يقعون فى نطاق أوامر الإخلاء، وتوجه أكثر من 700 شخص إلى تسعة ملاجئ.
يأتى هذا فى الوقت الذى يتوقع فيه مسئولو الأرصاد الجوية أن تستمر رياح سانتا آنا القوية، التي يمكن أن تؤجج النيران وتحمل الجمر الخطير، حتى يوم الأربعاء، وإن كان من المتوقع أن تكون أقل قوة من هبات الرياح التي ضربت منطقة لوس أنجلوس فى الأيام الأخيرة.
من ناحية أخرى، قالت صحيفة واشنطن بوست إن كندا والمكسيك أرسلتا رجال إطفاء وعتاد للمساعدة فى مكافحة الحرائق المشتعلة فى جنوب كاليفورنيا، وذلك تعبيرا عن تضامنهما، بحسب ما قال قادة البلدين، واعترافا بالمساعدة التي تقدمها الولايات المتحدة لجيرانها وقت الحاجة.
وكانت رئيسة المكسيك كلوديا شيبوام قد قالت السبت، إن فريقا من رجال الإطفاء من بلادها فى طريقه إلى لوس أنجلوس، التي اشتعلت حرائق الغابات فيها على مساحة أكثر من 38 ألف فدان وقتلت 16 شخصا على الأقل.
وأضافت رئيسة المكسيك إن الفريق يحمل "شجاعة وقلب المكسيك"، وأن البعثة كانت بهدف دعم المعركة ضد الحرائق.
بينما نشر رئيس الوزراء الكندى المستقيل جاستن ترودو مقطع فيديو يوم الخميس الماضى لطائرة ترش المياه على أحد حرائق الغابات، وأرفقها بتعليق "الجيران يساعدون الجيران".
وقالت وزارة الغابات والحماية من الحرائق بولاية كاليفورنيا أنها رحبت بالمساعدة من المكسيك وكندا والولايات الأمريكية مثل أريزونا وتكساس وقالوا إن التعزيزات كانت حاسمة ليس فقط لجهود لاحتواء، ولكنها قدمت إغاثة ملحة لرجال الإطفاء الشجعان الموجودين على الصفوف الأمامية.
قيود على تشغيل المسيرات
من ناحية أخرى، حذرت سلطات ولاية كاليفورنيا بأنها ستلاحق أي شخص يقوم بتحليق مسيرات فى المناطق المحظورة بسبب النيران، وذلك بعد أن علقت مسيرة فى جناح طائرة إطفاء. وقال روبرت هاريس، نائب رئيس الإطفاء فى إدارة إطفاء مقاطعة لوس أنجلوس إن هناك 48 اقتحاما للمجال المحظور من قبل مسيرات منذ اندلاع الحرائق. وعندما يتم اكتشاف وجود مسيرات، تتوقف على الفور جهود إطفاء الحرائق جوا.
من جانبها، حذرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية من تزايد المخاطر القاتلة للدخان الناجم عن حرائق لوس أنجلوس، بعيدا عن خطر الحرائق نفسها، وقالت إن الباحثين يرون خطرا متناميا على الصحة من التلوث الهائل الذى تسببه حرائق الغابات مثل تلك التي دمرت لوس أنجلوس.
وذهبت الصحيفة إلى القول بأن تلوث الهواء قاتل صامت، ويودى بحياة أشخاص يتجاوز عددهم هؤلاء الذين يُقتلون فى حوادث السيارات أو الحروب او المخدرات. ويأتى تلوث الهواء من مصادر عديدة مثل السيارات والشاحنات ودخان المصانع.
لكن مع تزايد حرائق الغابات وتكرارها فى عالم ترتفع درجة حرارته، فإن الدخان الناجم عن هذه الحرائق يبرز كمصدر جديد وقاتل للتلوث، بحسب ما يقول خبراء الصحة. ووفقا لبعض التقديرات، فإن دخان حرائق الغابات، الذى يحتوى مزيجا من ملوثات الهواء الخطيرة مثل ثانى أكسيد النيتروجين والرصاص والأوزون، يسبب بالفعل نحو 675 ألف وفاة مبكرة حول العالم سنويا، كما أنه يسبب أمراض تنفسية وأمراض القلب وغيرها.
الأعلى تكلفة فى تاريخ أمريكا
وفى سياق آخر، قالت وكالة أسوشيتدبرس إنه من المتوقع أن تكون حرائق كاليفورنيا من بين الكوارث الطبيعية الأعلى تكلفة فى تاريخ الولايات المتحدة.
وفى حين لا يزال الوقت مبكرا للغاية لإحصاء الخسائر المالية بشكل دقيق، فإن الخسائر حتى الأن من المرجح أن تجعل هذه الحرائق الأكثر تكلفة على الإطلاق فى الولايات المتحدة، وفقا لتقديرات عديدة.
فقد أشار تقدير أولى من قبلة شركة AccuWeather المختصة بمتابعة الأرصاد الجوية، أن الدمار والخسائر الاقتصادية حتى الآن تتراوح ما بين 135 إلى 150 مليار دولار. وبالمقارنة، فإن الشركة نفسها كانت قد قدرت الدمار والخسائر الاقتصادية الناجمين عن تحقيق هيلين، الذى عصف بست ولايات فى الجنوب الشرقى فى الخريف الماضى، بما بين 225 إلى 250 مليار دولار.
وقال جواناثان بورتر، خبير الأرصاد الرئيسى بالشركة الخاصة، إن هذا سيكون حريق الغابات الأعلى تكلفة فى تاريخ كاليفورنيا، ومن المرجح جدا أن يكون الأعلى ثمنا فى تاريخ الولايات المتحدة المعاصر بسبب النيران التي حدثت فى مناطق ذات كثافة سكانية حول لوس أنجلوس، والتى يوجد بها عقارات من بين الأعلى قيمة فى الولايات المتحدة كلها.
من ناحية أخرى، قالت شركة التأمين Aon PLC إن حرائق لوس أنجلوس ربما تنتهى على الأرجح كالأكثر تكلفة فى تاريخ الولايات المتحدة، وإن كانت الشركة لم تصدر تقديراً بعد. وكانت الشركة قد صنفت حريق كامب فى باراسيد بكاليفورنيا فى عام 2018 باعتباره الأعلى تكلفة فى التاريخ الأمريكي بمبلغ 12.5 مليار دولار، مع حسابات التضخم. وأسفر حريق كامب عن مقتل 85 شخص وتدمير نحو 11 ألف منزل.