من العجيب انك عندما تذهب إلى هذا المكان تشعر بالراحة النفسيه الكبيرة، التى تغمر فؤادك، وتشعر انك لا تريد الرحيل من هذا المكان ابدا، خاصة وانت تسمع قصص وحكايات الصالحين والفتح الإسلامى، والأسماء التى ذكر المؤرخون أنها دفنت فى المنطقة، ولا أدل على ذلك عندما زار الشيخ عبد الحليم محمود المنطقة وخلع نعله عندما وطأ قدمه المنطقة وعندما سأل عن ذلك قال إنها أرض أريقت عليها دم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
إنها منطقة البهنسا التابعة لمركز بنى مزار شمال محافظة المنيا، ذلك المزار المفتوح للعامة والتى يشاهده الجميع فى جميع الأوقات والذى يحمل تاريخ كبير من التاريخ الفرعونى حتى الإسلامى.
قال سلامة زهران مدير الآثار الإسلامية والقبطية بمدينة البهنسا، إن منطقة البهنسا، تضم العديد من الأضرحة المهمة ومنها ضريح السبع بنات، كما ذكر على مبارك فى كتابه الخطط التوفيقية، وقال إن فى مدينة البهنسا يوجد محل أى أرض واسعة تلك الأرض بها زاوية ميل وانحدار يتمرغ فيها الناس رجالا ونساء طلبا للشفاء وعرف هذا بالسبع بنات.
وأضاف زهران، أن السبع بنات كن مجموعه من الفتيات اللاتى اشتركن مع جيش عمرو ابن العاص فى فتح البهنسا، واستشهدن ودفن فى هذا المكان، فأصبح للمكان قدسية كبيرة لدى المواطنين ياتون إليه من كل مكان، ويضم مكان السبع بنات شواهد خشبية تشير لمقابر السبع بنات، بالإضافة إلى بئر قديم قيل إنه أثناء رحلة الهروب للعائلة المقدسة، من بطش الرومان مرت من هذا المكان وشربت من البئر لذا أيضا يحظى كل المكان بقدسية كبيرة لدى أبناء المحافظة.
فيما قال نادر محمود أحد المواطنين، إن منطقة البهنسا لها فى قلوبنا أثر كبير لكن منطقة السبع بنات بالتحديد أكثر وأكثر، حيث ياتى إليها المواطنين من كل مكان يوم الجمعة يتمرغون فى التراب حيث أن الأرض بها زاوية ميل وذلك طلبا منهم للشفاء فهناك اعتقاد من البعض أن ما يقومون به يكون سبب لشفائهم من الأمراض ويحقق أمانيهم.
ومن ناحيته قال الدكتور ثروة الأزهرى، مدير السياحة بالمحافظة، إن منطقة البهنسا هى أحد الأماكن الأثرية الهامة فى محافظة المنيا، تحكى التاريخ من الفرعونى حتى الإسلامى، حتى كانت تسمى فى العهد الفرعونى برمج أى أرض اللقاء، أطلق عليها البقيع الثانى، وذلك لكثرة الصحابة وأصحاب الريات والبدريين الذين دفنوا فيها، بعد أن استشهدوا خلال الفتح الإسلامى، وهى قبلة للزائرين من جميع الدول، وكذلك أهل المحافظة الذين يحرصوا على زيارتها بشكل دائما، فتجد المنطقة تدب فيها الحياة طوال أيام الأسبوع، وهى تبعد عن مركز بنى مزار حوالى 15كيلومتر، وأطلق على مركز بنى مزار هذا الاسم لانها كانت البوابة الرئيسية للمزارات ومنها منطقة البهنسا، التى تعد مزارا فتوحا وهاما لما تضمه من اثار بدا من العصر الفرعونى حتى الإسلامى.
وقال الأزهرى، إن منطقة البهنسا أو البقيع الثانى تضم ما يقرب من 5 آلاف صحابى منهم وكما ذكر المؤرخون 70 ممن شهدوا غزوة بدر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن أشهر الصحابة فى البهنسا، زياد ابن ابى سفيان بن الحارث بن عبد المطلب وسليمان ابن خالد ابن الوليد، وعبدالرحمن ابن ابى بكر الصديق والحسن بن زين العابدين بن الحسن بن على بن ابى طالب ومحمد بن ابى ذر الغفارى ومحمد بن عقبة بن نافع وعلى بن عقيل بن ابى طالب وجعفر بن عقيل بن ابى طالب وخولة بنت الأزور والقعقاع بن عمرو.
وكما ذكر المؤرخون فى كتاباتهم عن البهنسا، أنها ليست فقط البقيع الثانى بل كانت البهنسا قلعة من قلاع صناعة الغزل والنسيج وكانت مركزا يتم فيها صناعة كسوة الكعبة فى العصر الفاطمى، كما أنها تضم قبر السبع بنات وشجرة السيدة مريم العذراء التى أظلتها وسيدنا عيسى عليه السلام ويوسف النجار فى رحلة العائلة المقدسة.
واضاف مدير السياحة أن الواقدى ذكر فى كتابه الفتح الإسلامى قائلا انطلقت الجيوش لفتح الصعيد فى 10 ربيع الأول عام 21 هجرية، وقد وضع خالد بن الوليد، الصحابى القيس بن الحرث المرادى، للسير إلى البهنسا، فى 1000 فارس كطليعة لجيش المسلمين، وضم معه جماعة من امراء الصحابة منهم، ودعم خالد الجيوش بالامير غانم بن عياض، ومعه 1000 فارس وكان بينهم جعفر ومسلم وعلى أبناء عقيل بن أبى طالب، وسليمان بن خالد بن الوليد وشرحبيل بن حسنه (كاتب الوحي)، والمغيرة بن شعبه، وسعيد بن زيد، أحد العشرة المبشرين بالجنة وعندما وصل (القيس بن الحرث) إلى البهنسا، وجدها مدينة حصينة ذات ابواب أربعة على كل باب ثلاثة أبراج، وحراسة شديدة وكانت غربى البحر اليوسفى، فأنزل جزء من قواته بجانب الجبل الغربى المطل على المدينة، وإنطلق أبو هريرة، وابوذرالغفارى، ومالك الأشتر وذو الكلاع الحميرى للنزول بجانب الروم، وقاتلوهم حتى فر الروم إلى مركز مطاى شمال البهنسا، ودارت هناك معارك كبيرة، اشهرها معركة بردنوها.
من ناحيته أكد اللواء عماد كدوانى، محافظ المنيا، أن المحافظة تعمل على تنفيذ خطة شاملة لتطوير منطقة البهنسا الأثرية بمركز بنى مزار، التى تعد من أبرز المواقع السياحية المميزة باحتوائها على آثار من مختلف العصور، موضحًا أن هذه الجهود تأتى ضمن خطة الدولة لتطوير المناطق الأثرية والسياحية، باعتبارها ركيزة أساسية لدعم القطاع السياحى وتحقيق التنمية المستدامة.
وأشار المحافظ، إلى أن أعمال التطوير تشمل تحسين البنية التحتية بالمواقع الأثرية، بما يتضمن تجهيز استراحات الزوار والغرف الفندقية، لتقديم تجربة متكاملة ومميزة للسياح، مما يعزز مكانة المنيا كوجهة سياحية على خريطة السياحة العالمية.
وكانت منطقة آثار البهنسا شهدت مؤخرا كشف أثرى جديد يُضاف إلى سلسلة الاكتشافات المميزة بالمحافظة، حيث أسفرت أعمال التنقيب عن مجموعة مقابر تعود للعصر البطلمى، تضم مومياوات مزينة بألسنة وأظافر ذهبية، وتمائم وجعارين لرموز دينية ومعبودات مصرية قديمة مثل إيزيس وحورس، إلى جانب نصوص ومناظر طقسية ونقوش ملونة تظهر لأول مرة فى المنطقة، كما تم اكتشاف بئرين للدفن يحتويان على عشرات المومياوات والتوابيت الحجرية، مما يُعد إضافة مهمة لفهم الطقوس الجنائزية فى تلك الحقبة، وكما عُرفت البهنسا باسم “البقيع الثانى” واحتفظت بأهمية استثنائية لتاريخها الغنى وأطلالها التى تشمل آثارًا وكتابات بردية نادرة.
احدى-قباب-البهنسا-
ارض-الكحرته-بمزار-السبع-بنات
شجرة-مريم-
شواهد-مقابر-السبع-بنات
قباب-الصحابة-
قبة-البدريين-
مزار-السبع-بنات
مقام-الجمام-