في ليلة ساطعة، تزينت سماء مصر بألوان الفرح والأمل، واحتفل الشعب المصرى جميعا بعيد الميلاد المجيد، كتجسيد عميق لقيم التسامح والوحدة الوطنية التي طالما ميزت نسيج المجتمع المصري، ودائما ما تشهد هذه المناسبة التاريخية حضورًا بارزًا للرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي حرص على مشاركة الأقباط فرحتهم، مؤكدًا على عمق الروابط التي تجمع أبناء الوطن الواحد.
وهنأ الرئيس عبد الفتاح السيسي، قداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، بمناسبة عيد الميلاد المجيد، قائلا: "كل عام والمصريين بخير وسلام".
وتابع الرئيس خلال زيارته مقر كاتدرائية ميلاد المسيح بالعاصمة الإدارية الجديدة: "كل عام وأنتم طيبين، وقداسة البابا بخير وسلام، وإحنا كلنا إن شاء الله بخير وسلام، واحنا كمان بنحبكم وأنتم إخواتنا وحبايبنا.. وبنتعامل مع الأمور بشرف وأمانة ونزاهة".
وأضاف: "إن شاء الله عام سعيد، وسنة إن شاء الله تبقى أفضل من السنوات الماضية، وبتابع كل الأمور وبشوف كل ردود الأفعال، والقلق يمكن يكون مبرر، ولازم تعرفوا، ومش بكلمكم أنتم بس، بكلم الدنيا في مصر وبرا مصر من خلالكم، إن شاء الله السنة دي تبقى أفضل من السنوات اللي فاتت".
وواصل: "بقول القلق مبرر ومشروع يمكن، طب ما السنين اللي فاتت كان فيها قلق، وإن شاء الله تعدي الأمور بسلام، احنا هنا في مصر في حاجات كتير اوي بنعملها محدش من الناس تاخد بالها كتير منها، أول حاجة فيها، إن احنا مش ناسيين إن في رب، وإن الرب ربنا سبحانه وتعالى". متابعا: "يمكن حد ينسى مع الظروف يتهيأله إن الأمور مش ممسوكة كده، مش بينا إحنا، البشر، لا برب البشر، الدنيا مش متسابة كده، احنا مؤمنين بالله كلنا صحيح لكن مش عاوزين ننسى، لازم كلنا نبقى متأكدين من النقطة دي، ولازم كلنا نعرف إن ربنا موجود ومحدش يقدر يعمل أي حاجة في الوجود اللي احنا فيه ده إلا بأمر الله سبحانه وتعالى".
وأوضح :"احنا كمصريين، ناخد بكل الأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها محبتنا لبعضنا، محبتنا لينا كلنا لبعضنا، مخزون ورصيد وحجم المحبة بين المصريين بفضل الله بيزيد يوم عن يوم ودا أمر أخر يتحط في الاعتبار. مؤكدا: "حجم الوعي والفهم اللي موجود عند المصريين حجم ضخم جدا، بيخليهم فاهمين وشايفين ومش بس كده مستعدين يتعاملوا مع أي أمر ممكن يشوفوه جوا مصر أو برا مصر، فاهمينه كويس" واحنا كدولة، كانت دايما بتتعامل مع الأمور بشرف كبير، وبأمانة كبيرة، وبنزاهة كبيرة".
واستطرد: "مصر دولة كبيرة أوي، مصر دولة كبيرة أوي، مصر دولة كبيرة أوي، كل سنة وانتو طيبين، وعيد سعيد علينا كلنا وإن شاء الله الأيام الجاية تبقى أفضل من الأيام اللي فاتت، مش عاوز أطول عليكم، وعارف الإجراءات والمراسم والصلاة بتاخد وقت كبير، وأنا في كل مرة بفكر نفسي وأفكركم وأقول لكم قداسة البابا له مكانة كبيرة في قلبي واحترام كبير كبير كبير، ربنا يحفظه ويحميه ويحميكم".
وقدم قداسة البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية الشكر للرئيس عبدالفتاح السيسى لحضوره احتفال كاتدرائية ميلاد المسيح وتهنئته للأقباط بعيد الميلاد المجيد، لافتا إلى أن حضور الرئيس سبب بهجة وفرحا للجميع، مقدما الشكر لكل المسئولين على جهودهم وتعبهم في حفظ أمن واستقرار مصر، في عالم يسوده التوتر والحروب.
وقدم البابا تواضروس التهنئة لكل الأقباط في كل مكان في العالم، لافتا إلى أن ميلاد السيد المسيح يكشف عن عدد من القلوب الباردة والقلوب الدافئة، والقلوب الباردة هي البعيدة عن الله وتحيا في الخطية، وتعلمنا الكنيسة قبل بدء الصوم الميلادي المقدس مثل الزارع الذي ألقاه السيد المسيح ، وهو يحكي أن إنسان زارع خرج ليزرع وسقط منه عدد من البذور علي عدة طرق تمثل القلوب الإنسانية، فسقطت على الطريق وعلى أرض متحجرة فأثمر قليلا ثم ماتت الزرعة، والنوع الثالث من القلوب الباردة هي الأرض الشوكية التي تخنق أي زرع في مراحل نموه، فهكذا أيضا بعض قلوب البشر.
قدم قداسة البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية الشكر لكل من قدم تهنئة بعيد الميلاد المجيد بأى وسيلة من الوسائل، قائلا إن محبتكم تصل لنا ونحن على الدوام نصلى ويشترك معنا كل الآباء المطارنة والأساقفة والكهنة والشمامسة أننا نصلى دائما من أجل كل إنسان فى مسئولية ليعطيكم الله سلاما وفرحة وبركة ويحفظكم على الدوام ويديم هذه المحبة وهذا السلام على أرض مصر.
وأضاف: "إن القلوب الدافئة هي القلوب التي تحيا في الخوف، وهناك نوع آخر ينتظر المكافأة فقط، والأرض الثالثة وهي الأرض التي أعطت ثمارا كاملة وهي التي تعمل بالحب، فالأولى تعمل بالخوف من كل شيء، والنوع الثاني الذي يعمل بالأجرة، أما النوع الثالث والأفضل فهو القلب الذي يعمل بالحب، ولأن الله يحبه فهو يحب الله ويحب الآخرين لأن كل إنسان هو خليقة الله، وإذا أردنا أن نتتبع قصة الميلاد سنجد نوعيات تبرز نوعيات هذه القلوب الدافئة".
وقال قداسة البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية إن أول صفة تجعل قلب الإنسان دافئا هو الإنسان الذي يحيا ببساطة، وأصبح عنصر الاستهلاك هو الحاكم في حياة الانسان، أما البساطة تجعل الإنسان قلبه دافيء ، وهكذا الرعاة كانت قلوبهم دافئة معتمدين على الله في كل شئون حياتهم، فالحياة البسيطة تجعل روح الإنسان منطلقة، لافتا إلى أن النوع الثاني من أصحاب القلوب الدافئة هم الباحثون عن الحقيقة في عالم ممتليء بالزيف، فلا بد للإنسان أن يبحث عن الحقيقة، وهكذا كان المجوس الذين كانوا يعملون في الفلك، وشاهدوا النجم الذي يشير إلى ميلاد ملك في أورشليم ، وذهبوا في رحلة طويلة إلى أن وقف النجم فوق قرية بيت لحم، وهناك شاهدوا الطفل يسوع مولودا، وقدموا هداياهم "ذهب ولبان ومر"، وهي لها رموز في حياة السيد المسيح.
وأوضح أنه اذا أراد الانسان أن يكون من أصحاب القلوب الدافئة عليه أن يعمل في صمت، وهناك أشخاص يبحثون عن الضوضاء، وينسون أن المديح يأتي من الله في السماء، ومثل هؤلاء الأشخاص الذين عملوا في صمت هو القديس يوسف النجار، ومعني اسمه "الذي يزيد بالنعمة"، مشيرا إلى أن نقاوة القلب تجعل الإنسان قلبه نقيا، فإذا كان قلب الإنسان نقيا من الشر والخطية فأنت من أصحاب القلوب الدافئة، ومثل هذه الشخصيات هي السيدة العذراء مريم والدة السيد المسيح، وكانت تتحلى بالقلب النقي، وأجابت الملاك بعبارة غاية في الاتضاع، وقدمت مثالا في النقاوة القلبية لذلك نسميها "فخر جنسنا" رجالا ونساء.
وذكر البابا تواضروس مشهدا آخر لأصحاب القلوب الدافئة، وهو من سكان قرية بيت لحم، ووقت ولادة المسيح كان هناك تعداد سكاني، وكان زحام في القرية، وعندما جاء القديس يوسف النجار والسيدة العذراء، وساعة وضعها قد حانت، لم يكن لهما مكان، ولكن صاحب مسكن في قرية بيت لحم لم يقل لهم لا، ولكن قال لهم لدي مزود ، وهو المكان الذي تأكل فيه الماشية، وهو يمثل قلب الانسان الذي يبحث عن حل، من السهل أن يقول لا ، ولكن الأفضل والأعظم أن نبحث عن حلول ، وأصبح "بيت لحم" من أشهر الأماكن في العالم، وكلمة بيت لحم تعني "بيت الخبز" أو "بيت البركة"، فعندما تساعد الإنسان في حل مشاكله تكون من أصحاب القلوب الدافئة.
ونوه قداسة البابا تواضروس إلى أن الانسان يحتاج إلى الحب والحكمة والرحمة التي من خلالها يصبح الإنسان قلبه دافئا، ومن هنا يفرح قلب الله ويكون له نصيب في الملكوت.
وشارك الدكتور القس أندريه زكي، رئيس الطائفة الإنجيلية بمصر، في الاحتفال بعيد الميلاد المجيد، الذي أقيم مساء اليوم الاثنين في الكنيسة الإنجيلية بمصر الجديدة، بحضور الدكتور القس يوسف سمير، راعي الكنيسة، ولفيف من قيادات الطائفة الإنجيلية، وعدد من القيادات الدينية الإسلامية، وشخصيات عامة.
وفى كلمته خلال الاحتفال، قال الدكتور القس أندريه زكى: "نصلى من أجل أمن وأمان بلادنا، ونصلى من أجل تجاوز التحديات الاقتصادية، ومن أجل العيش المشترك الذي يعد صمام الأمان لمجتمعنا. ونصلي أيضًا من أجل جيشنا وشرطتنا، ومن أجل اللاجئين حول العالم، شاكرين الله على بلادنا التي تواصل مواجهة التحديات بثبات. إن العيش المشترك هو أساس الاستقرار والوحدة التي تجمعنا جميعًا".
وتخلل الاحتفال فقرات مميزة من الترانيم الميلادية التي أضفت أجواء من الفرح والسلام على جميع الحضور.