فى كل مناسبة نلتقى فيها وزير الخارجية الدكتور بدر عبدالعاطى، نكتشف الكثير من النشاط والتحرك والاستمرارية فى عمل وزارة عريقة، تمثل طوال الوقت امتدادا للمدرسة الدبلوماسية المصرية على مدار عقود والتى تقف دائما فى الصدارة، ويوم الاثنين الماضى كان اللقاء السنوى للإفطار الذى يدعو له وزير الخارجية رؤساء الإدارة والتحرير وكبار الإعلاميين فى تقليد سنوى مستمر منذ سنوات، حضرناه فى الدور الأخير بمقر الوزارة القديم فى ماسبيرو مع الوزير السابق السفير سامح شكرى، ويستمر مع الدكتور بدر.
السفير بدر عبدالعاطى، خلال الفترة الماضية قدم نشاطا كبيرا فى العمل الدبلوماسى، بما يتناسب مع الدور الحيوى الفاعل لمصر ومكانتها وتأثيرها، وهو دور يتم بتحرك وتوجيه من الرئيس عبدالفتاح السيسى، وتقوم الخارجية بحمل رسائل مصر إلى الإقليم والعالم، ويتميز الوزير عبدالعاطى بدفء إنسانى وهو معروف لأغلب الصحفيين الذين عرفوه على مدى خدمته، بجانب نشاطه ودأبه تعبيرا على اتجاهات الدولة والقيادة بشكل محترف ومؤثر.
كان الإفطار دافئا بروح الترحيب، وبعد الإفطار كانت هناك أحاديث عامة حول الأحداث، وبالطبع يحمل الصحفيون الكثير من الأسئلة حول الأحداث الساخنة والتحديات التى تواجه مصر والإقليم بشكل متزايد، خاصة ما يجرى فى غزة وتداعيات وقف إطلاق النار، والخطة المصرية العربية لإعادة إعمار غزة والعلاقات المصرية الأمريكية، والوضع فى سوريا والسودان، لكن الوزير فى الحقيقة كان شديد التحفظ، بجانب أن هناك تقديرا بالفعل لأهمية أن تبقى الموضوعات المتفاعلة بعيدة عن النشر، لوجود الكثير من المفاوضات والاتصالات والتفاعلات التى تستدعى التحفظ.
لكن الوزير أكد أن الدولة المصرية بمؤسساتها، بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى، تقوم بعمل مهم وتنطلق من رؤية واضحة فى مواجهة تحديات كبيرة، وأن الموقف المصرى الواضح والحاسم منذ ما بعد 7 أكتوبر، أوقف مخططات التهجير والتصفية، والذى يمثل تهديدا لأمن مصر القومى، وأن التحركات المصرية تتم من خلال موقف عربى قوى ومتماسك، وأن هناك التفافا عربيا وإسلاميا حول الخطة المصرية التى أصبحت عربية إسلامية، وأن التنسيق المصرى مع دول الخليج الشقيقة والدول العربية، على أعلى مستوى، وهناك توافق حول الرؤية المصرية التى تمثل الحل الأفضل، وبجانب موافقة 57 دولة عربية وإسلامية على الخطة المصرية هناك دعم وتأييد لها من الاتحاد الأوربى وروسيا والصين والبرازيل وجنوب أفريقيا و النرويج.
وحتى العلاقة مع الولايات المتحدة فإن الخلاف مع مخططات التهجير لا تعنى الصدام، وأن الحوار مستمر ومصر تتمسك بموقفها، ثم إن هناك مؤشرات على تحول الموقف ووصف مبعوث ترامب للخطة العربية التى أطلقتها القمة حيث قال إن فيها عناصر جذابة ويمكن الحوار حولها.
هناك رهان على مؤتمر التعافى وإعادة الإعمار الذى يعقد فى القاهرة الشهر المقبل، حيث تسعى مصر إلى البناء على ما تحقق، وترمى إلى أن يتم ترتيب عملية الإقامة المؤقتة لسكان غزة لحين تجهيز المبانى وإنهاء المخطط، خاصة أن العمل يتم بالتنسيق مع المنظمات الدولية والبنك الدولى والأمم المتحدة.
وما يظهر حتى الآن أن هناك بالفعل مؤشرات إيجابية تتعلق بترتيبات الإدارة فى غزة من خلال تكنوقراط، وأبدت السلطة خطوات جادة منها تعيين نائب لرئيس فلسطين والعفو عن إعداد من المفصولين، وتطبيق الرقابة والحوكمة، واستعادة الوحدة الفلسطينية، كما ان حماس أبدت مرونة فى التعامل واستعدادها للتراجع عن المشهد، وهى خطوات إيجابية يمكن أن تدعمها الحوارات المباشرة بين حماس والإدارة الأمريكية، وكلها عناصر إيجابية تصب لصالح الخطة المصرية التى تمثل المسار الأفضل للمسار السياسى.
كانت هناك الكثير من المناقشات، حول الأحداث والتشابكات، لكن أهم ما نكتشفه من سياق الأحداث، هو الثقة فى تحركات وخطوات مصر، وأهمية التفاف الشعب حول الرئيس والقيادة، وهو ما يضاعف من قوة الموقف المصرى، خاصة أنه موقف ينطلق من ثوابت السياسة المصرية، ويلبى مطلب الشعب المصرى، وانتماءه للقضية الفلسطينية والمواقف العربية.
