عصام محمد عبد القادر

المرأة المصرية.. الاحتفاء والاحتواء

الأحد، 16 مارس 2025 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

يوم السادس عشر من شهر مارس من كل عام، نحتفل بالمرْأَةِ المِصْريّةِ صاحبة العطاء، والتضحية، ونحتفي بها على الدوام؛ حيث إن الحدث خيرُ شاهد، والبرهان، والدليل يتجدد كل يوم على ساحة الأحداث الجارية؛ فهي التي قامتْ بثورة ضد المستعمر، وناضلتْ من أجل الوطن، واستكملتْ مسيرتها، وساندتْ الدولة، وشاركتْ في دحْر الإرهاب، وأعطتْ التفويض لمن يمتلك القرار، وأخذ على عاتقه أن يضحي بروحه من أجل بقاء هذا البلد العظيم؛ إنَّها المرْأةُ المِصْريّةُ صاحبة المسيرة المستدامة، والتاريخ المُشَرَّفِ، وستَظَلُّ على ذلك أبَدَ الدَّهرِ- إن شاء الله-


تتْفرِدُ الْمَرْأةُ المِصْريّةُ عمَّا سواها في قبولها التَحدّي؛ فلا مجالَ للتَخَلّي عنْ وِحْدةٍ وطنيّةٍ قد أسَّسَتْ لها؛ فلم يشعرْ الشَّعبُ يومًا بالتَّفْرِقةِ، ولم يحِدْ عن طريقه، ولم يتمكنْ مُغْرِضٌ من النَّيلِ من نسيجه؛ فقد رفعتْ المَرْأةُ علم الهِلال، والصَّلِيبِ كرمز للوِحْدَة الوطنيّة، وصار هذا الأمر بمثابة سياج حماية من أية محاولة للتفرقة؛ فالعدو لا يسلك إلا سبل تفكيك اللُّحْمَة، وتدشين الخلافات، وهتك نسيج المجتمع؛ لتغْرقَ الأوطانُ في نزاعاتٍ قد تؤدي إلى الشَّرْذَمَةِ، والتقْسِيم، والضياع؛ فتقع فريسةً للاحتلال بكل صُورهِ، وأشْكالهِ.


لقد تربْينا في حُضْنِ امْرَأةٍ مِصْريّةٍ أصَّلتْ فينا قيمًا نبيلةً؛ فلم نرَ منها إلا النَّخْوةَ، والشَّهامةَ، والكرم، والمحبة، والعفة، والصدق، والأمانة، ولم نرَ منها إلا مُؤازرةً لذويها، ومؤاخذة لكل فعل لا يتناغم مع الأُصُولِ، والعُرْفِ المُجْتَمعيّ الحميد، ولم نرَ منها إلا نِضَالًا من أجل لُقْمةِ العيْش، والجِدّ، والاجتهاد في أداء الواجب، ولم نرَ منها إلا كل قول ليّنٍ يحث على العمل، والكفاح، واتباع الطريق الصحيح الذي قد حدَّدهُ المُشَّرِعُ، ولم نرَ منها إلا حبًا عميقًا لتراب هذا الوطن الأصيل، وتقديرًا لرموزه، وانتماءً لحضارته، وتمسُّكًا بثقافته، وما تحمله من عادات، وتقاليد مجتمعيّةٍ حميدةٍ.


المرْأةُ المِصْريّةُ صاحبة الفضل في إعداد جيل يحْمي، ويحمل الرَّاية، ويصون العهد، ويتمسك بشرف الكلمة، والموقف، ولا يُغادرُ موقعه مهما كانت الكُلْفةُ، والمرْأةُ المِصْريّةُ دومًا في موقع الحدث؛ فتراها جنْبًا إلى جنْبٍ مع الرَّجُل، تُحقّقُ من الإنجازات ما يُبْهرُ العُقُولَ، وتشُقُّ الطريق بكل عزيمة، وقوة نحو الريادة، والتنافسيّة، ليس من أجل أن تُثْبتَ ذاتها فقط، بل إيمانًا بدورها، وواجبها في بناء هذا الوطن، ونهضته، ذلك الوطن الذي يستحق منّا جميعًا أن نُكابدَ من أجله، ولا نتوقف عن العمل الدوؤب، والعطاء المُنْهمرما حيينا.


المساواة بين الرجل، والمرْأةِ لم يكن من قبيل التفضل؛ لكن هنالك عطاءٌ غير مسبوق في شتى المجالات، وفي كل رُبوعِ الوطن الحُرّ؛ فنرى أنها حريصةٌ على توفير جودة المعيشة لأسرتها في ضوء ما يُتاح لها من إمكانيات، ومقومات، ونرى أنها تحنو على كل ذي حاجة؛ لتقدم أفضل ما تمتلك، وأغلاه، ونرى أنها بسيطةٌ في تعاملاتها، وتصون مُقدّراتها، وتحفظ سِرَّ بيتها، وتُعْلِي من شأنه، ولا تتقبل في حقه كلمةً تخرج عن السّياق، كيف لا؟!، وهي المرْأةُ المِصْريّةُ صاحبة الإخلاص، عزيزة الأَصْل، وذَاتِ المشْربِ الطيّب.


إنَّ الاحْتفاءَ بالمرْأةِ المِصْريّةِ ليس من قبيل المجاملة، أو تَرفِ الحَدِيِثِ، والحَدَثِ؛ لكنه حقٌّ من حقوق صاحبةِ الاحْتُواءِ؛ فتلك المرْأةُ قد تحمَّلتْ كثيرًا من أجل بناء الجمهورية الجديدة؛ فلها كل التقدير، والامتنان، والاحترام؛ فقد أثْبَتتْ للعالم بأسْرِه أنها تحمَّلتْ المسْئُوليةَ، ولها قدْرٌ، ومِقْدارٌ في وجدان الرَّجُل؛ فلا يتقَبَلُّ المُجْتمعُ المِصْريُّ قاطبةً شيئا من شأْنه أن يُؤَدْيَ إلى حِرْمانِها، أو اضْطَهَادِهَا، أو في أيّ أمر قد يتَسَبُّبُ في هدْرِ حقوقها؛ ففي مِصْرَ لا ترى مَنْ يتَنمَّرُ بها، أو يُمارسُ العُنْفَ ضِدَّهَا، ويُفْلتُ من العقاب الرادع؛ فقد كَفَلَ لها الدُّسْتُورُ، والقانونُ أُطَرَ الحماية الكاملة في عهد القيادة السياسيّة الرَّشيدة.


إننا نفْخرُ بالمرْأةِ المِصْريّةِ، ونحْتفي، ونحتفل بها؛ فهي صاحبةُ الاحْتواء، والحنان، وهي المُرَبِيَةُ المُثْلَى، وهي المُعلمةُ صاحبة المبادئ، وهي المهندسةُ للعلاقات المُجْتمعيّة؛ فقد أصبح المُجْتمعُ من خلالها مترابطًا، متماسكًا، مصطفًا خلْف وطنه، وقيادته السياسيّة، ومؤسسات الدولة الوطنيّة؛ فتحيّةُ إجْلالٍ، وتقْديرٍ، وامْتنانٍ، مُفْعمةٍ بمحبةٍ غامرةٍ لصاحبة العطاء المُسْتدامِ، والمشاعرِ الطيّبة، التي لا تنْضبُ، والتي تجعل كل شيء لا يعمل إلا بها، ولأجْلِها؛ حيث إنَّها مصْدرُ الالْهَامِ، والسَّعادةِ للرَّجُل، دون مُواربةٍ.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة