عصام محمد عبد القادر

تعزيز الأبناء.. الماهية والأهمية والضوابط

الخميس، 27 مارس 2025 03:26 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

سلوكيات الأبناء في صورتها الإيجابية، والتي احتمالية تكرارها واردة منهم، تستوجب منا نحن الرعاة تعزيزها؛ كي نضمن أن تستمر معهم، بل ويتناغم الاتصاف القيمي لتلك السلوكيات بشكل مستدام، وهذا يدعم فكرة توفير المثير الإيجابي، أو على الأقل إزالة المثير السلبي؛ ومن ثم تصبح البيئة المحيطة بالفرد دومًا إيجابية، ويستشعر من خلالها الدفء والاحتواء والتقبل؛ لذا تزداد لديه الثقة بالنفس، والإحساس بالمسئولية، وذاك الوصف المبسط يشير إلى ماهية التعزيز.


المواقف التي يتعرض لها الأبناء، سواءً أكانت على مستوى المعارف، وما يرتبط بالعمليات العقلية، أم التصرفات، وما ينبري عنها من ممارسات، وأداءات ملاحظة، أم وجدانيات تبرهن عنها المشاعر، ونشاهدها من انفعالات ندرك دلالاتها ومعانيها، كل ذلك يحتاج منا إلى اهتمام وتفاعل، ولا ينبغي علينا أن نتجاهلها، أو نغض الطرف عنها، وأرى أن ترجمة ذلك تكمن في نمط التعزيز الموجب منه، والذي يعضد الفرد السلوك المرغوب فيه، ونمط التعزيز السلبي، والذي يوقف الممارسة غير المقبولة من قبل الفرد.


نود الإشارة إلى أن التعزيز المتكرر، يؤدي إلى اعتياد الإنسان عليه؛ ومن ثم قد يصاب بالملل، كونه تعود عليه وألفه، وهذا يدعونا أن ننوع من أنماطه بين مادي ومعنوي، بل ونقدمه في سلوكيات المواقف التي تتسم بالجدة والنتاج الذي نتطلع إليه، وهذا لا يعني أن نقلل، أو نحد منه؛ لكن نوازن بين السلوك، ومقدار التعزيز؛ حينئذ يستشعر المتلقي أهميته، ويعي ماهيته، ويدرك ما عليه القيام به، ويبرهن عن ذلك بتكرار السلوك المرغوب فيه.


وعلينا أن ندرك جليًا بأن سلوكيات الأبناء المرغوب فيها، تتلاشى حينما لا تنال قدرًا من التعزيز؛ لذا يجب أن نهتم بتقديم مثير، من شأنه يعزز ما قام به الفرد من ممارسة حميدة، وهنا ينبغي أن ننتبه لطبيعة، وخصائص، واحتياج، من نقدم له التعزيز من الأبناء؛ فكلما تناسب وتناغم نمط التعزيز مع تلكم المتغيرات، كان له أثر بالغ في تحقيق المراد منه؛ حيث يحفز الفرد لمزيد من مزاولة السلوك الذي ننشده، بل ويثابر من أجل أن يؤدي ما عليه؛ لذا عندما يخفق، لا نقلل من قدر ما بذل من جهد؛ كي يعاود المحاولة ويصل لمبتغاه.


نؤكد للآباء أن التعزيز ليس بالأمر الصعب، وأنه يؤدي إلى خلق حالة سارة لدى الأبناء؛ فيزيد من تعلقهم بالسلوك المنشود، وينفرهم من السلوك غير المرغوب فيه؛ لذا يعد آلية بسيطة لتعديل السلوكيات، التي تنحو لمسار لا نرتضيه؛ ومن ثم يهيئ الإنسان ليقيم، ويعدل، من سلوكه على الدوام؛ لذا يمكننا القول بأن التعزيز مصدر رئيس لاتقاد الطاقات، وإعلاء مستويات الهمم لدى الأبناء؛ لأنه يؤثر بصورة مباشرة على وجدانيات الفرد، التي تعد موجه أساسي للسلوكيات.


قد يتعرض الأبناء لخبرات جديدة من نوعها؛ فنرى نوعًا من الخشية، أو التخوف، أو الإعراض، أو الاحجام عن ممارسة سلوك ما؛ عندئذ يجب أن نقدم تعزيزًا يؤدي إلى زيادة الرغبة في ممارسة هذا السلوك، الذي يتم تأدية لأول مرة، كما لا تتوافر خبرة سابقة حياله، وهذا التعزيز مفاده، تحفيز الفرد، وزيادة دوافعه، نحو هذا السلوك، حتى تتوافر الشجاعة في خوض غماره، وهو ما نلاحظه عندما نود أن يمارس الطفل رياضة السباحة؛ لكنه يحجم في بادئ الأمر، للمبررات سالفة الذكر، وبعد تقديم التعزيز، تبدأ المحاولة تلو الأخرى، وهذا النمط من التعزيز نسميه بالأولي.


وهناك سلوكيات تبدو المفاضلة بينها واضحة، وعندما نود أن يركز الفرد على سلوك أكثر من الآخر؛ فحري بنا أن نقدم تعزيزًا للسلوك الأكثر تفضيلًا، ونحد من تعزيز السلوك الأقل تفضيلًا، وبالطبع يؤثر على مستويات النشاط التي يقوم بها الأبناء؛ وكي نتجنب الوقوع في خطأ التقدير، يجب أن نتبنى معايير لتلك المفاضلة، وهذا النمط من التعزيز نطلق عليه مسمى تعزيز النشاط.


بوابة التعزيز ثرية، ويمكن أن نحصد من خلالها ثمارًا يانعة؛ وما أجملها من ثمار، تبدو في سلوكيات حميدة، نرغب في تنميتها لدى الأبناء، وما أفضلها من أداة، تسهم في الحد من السلوك غير المرغوب فيه؛ ومن ثم يُعد التعزيز من وجهة نظري، أحد أدوات بناء الإنسان، سواءً داخل الأسرة، أو المؤسسة التربوية، أو في ميدان العمل ومجالاته المختلفة، أو في التجمعات والأماكن العامة.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.

____

أستاذ ورئيس قسم المناهج وطرق التدريس
كلية التربية بنين بالقاهرة _ جامعة الأزهر







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة