مها عبد القادر

العيد رسالة حب وسلام

الإثنين، 31 مارس 2025 04:13 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

عيدكم مبارك، أبعث إليكم بأسمى آيات التهاني والتبريكات، وأدعو الله أن يجعله عيدًا سعيدًا تغمره البهجة، وتملؤه السكينة والمودة، وأن يعيده علينا وعليكم أعوامًا مديدة ونحن في أتم الصحة والعافية، ونسأل الله أن يتقبل طاعاتكم، ويجعل أيامكم عامرة بالفرح والرضا، وأن يُلبسكم ثوب السعادة، ويُظلّكم بظل رحمته، ويبارك لكم في أعماركم وأرزاقكم، كل عام وأنتم بخير، وعيدكم مكلل بالمسرات، مليء بالحب والسلام
ويُعد العيد هبة ربانية ومناسبة عظيمة تتجلى فيها أسمى معاني الفرح والسرور، فهو ليس مجرد احتفالٍ عابر، بل هو هدية إلهية تُنير القلوب وتُبدد الأحزان وتبعث في النفوس الطمأنينة والسكينة، فتجدد الأرواح وتغمرها بالبِشر والسعادة، كما أنه رمزٌ للتآخي والتراحم تُترسخ فيه معاني الإخاء والمودة، وتتجدد فيه الروابط الاجتماعية، فتصفو القلوب وتتعانق الأرواح في مشهد من الألفة والمحبة، فهو يوم الجائزة والبهجة، الذي يتكرم الله به على عباده بعد أن أدوا ما عليهم من الطاعات والعبادات؛ ليكون العيد بذلك موعدًا تتجسد فيه الفرحات الروحية، وموسمًا تُزرع فيه بذور الخير والبركة بالمجتمعات.


وأعظم ما يميز العيد أنه تكليل لشهر الطاعة، لمن اجتهد في العبادة وأخلص في القربات وفرح يمتزج بروحانية العبادة وسكينة الطاعة وسمو الإيمان، حيث يأتي بعد شهرٍ كامل من الصيام جاهد المسلم فيه نفسه وتدرب على الصبر والتقوى، فجاء العيد إعلانًا للفرح بقبول الأعمال، في وحدةٍ إيمانية بديعة تُدعم قيم العطاء وتُذكر بواجب البر والإحسان للمحتاجين فالعيد رسالة روحية تُجدد في القلوب معاني الطاعة، وتُرسّخ في المجتمعات قيم الإخاء والرحمة والتكافل، ومناسبة تُشرق فيها القلوب بنور الطاعة، وتتزين النفوس بحلاوة المغفرة والرضا والعتق من النار.
ومن أعظم فضائل العيد أنه جسر تمتد عليه جسور المحبة، وروحٌ تسري في القلوب، وتُعيد دفء العلاقات الإنسانية التي ضعفت مع مشاغل الحياة، فهو مناسبة تُذكرنا بقيمة صلة الرحم، وأهمية العطف وإدخال السرور على القلوب التي أنهكها العناء، فيكون العيد سبيلاً لنشر السعادة في كل بيت، ورسم البسمة على وجوه الكبار قبل الصغار، وتتجلى مظاهر العيد في تبادل التهاني المليئة بالمودة، وزيارة الأهل والأصدقاء، وتقديم الهدايا التي تعبر عن الحب والتقدير، فتُزهر الأرواح بفرحة اللقاء، وتتجدد مشاعر الأخوة والتلاحم الاجتماعي، كما أن العيد يُربي المسلم على معاني العطاء والكرم، فيغرس فيه قيمة البذل والإنفاق في سبيل الله، فزكاة الفطر ليست مجرد فريضة مالية، بل هي درس عظيم في الإيثار والتكافل، تُطهر الصائم وتضمن ألا يُحرم أي فقيرٍ من فرحة العيد، ليبقى هذا اليوم رمزًا للعدالة الاجتماعية، حيث تتساوى القلوب في الفرح، وتجتمع النفوس على المحبة والخير.


ولا يقتصر العيد على كونه يوم فرحٍ وبهجة، بل هو وقتُ تُجدد فيه النفوس عهدها مع الله، وإشراقةٌ جديدةٌ تملأ القلوب بالنقاء، وتدفع الأرواح نحو مزيدٍ من الطاعة والصفاء، حيث لا تنتهي العبادة بانقضاء رمضان، بل يستمر أثرها في حياة المسلم، فتكون زادًا يُعينه على الاستقامة، ومشعلًا ينير دربه طوال العام، فيحمل معه روح التقوى، ويتجدد فيه الإيمان بسُنن الخير والبذل والعطاء.


ويُعد العيد فرصة سانحة لتطهير القلوب من الضغائن، وتحريرها من قيود الحقد والكراهية، ومد جسور التسامح والمصالحة، لترتفع راية المحبة فوق كل اختلاف، ويبقى المجتمع متماسكًا مترابطًا، تسوده الألفة والمودة وتُشرق فيه شمس التصالح بين المتخاصمين، وتُمحى فيه صفحات الماضي، لتُفتح صفحات جديدة عنوانها الصفح والتسامح، وبهذا يصبح العيد تجسيدًا حقيقيًا للسلام النفسي والاجتماعي، حيث تعود القلوب بيضاء نقية، تفيض حبًا وإخاءً، ويظل المجتمع قويًا بوحدته، متماسكًا بقيمه، مزدانًا بمبادئه الراسخة.


ويُشكل العيد مناسبة استثنائية حيث ينتظر بقلوب تنبض شوقًا، وعيونٍ تتلألأ فرحًا، فهو يومٌ مُفعمٌ بالبهجة والسرور، يملأ قلوبهم بنشوة السعادة التي لا يشوبها قلقٌ أو حزنن، وهو نافذة نُطل منها على ذكريات الطفولة، فتعود إلينا مشاعر البراءة الأولى، ويتجدد فينا شغف الحياة الذي ربما غطته أعباء الأيام، إن العيد احتفال زمني تتجدد فيها الروح، وتتحرر النفس من همومها، فتمتلئ القلوب أملاً وتفاؤلاً، وتتنفس الأرواح عبق الفرح الذي يُعيد إليها حيويتها، ويجعلها أكثر إشراقًا وإقبالًا على الحياة.


إن العيد في جوهره رسالةٌ تحمل بين طياتها معاني الأمل المتجدد، تذكرنا بأن لكل إنسان فرصة جديدة في الحياة وبأن السعادة لا تُشترى، بل تُصنع من بساطة اللحظات ومن طُهر القلوب ومن القرب من الله، هو مناسبةٌ تُعيد إلى النفس صفاءها وإلى العلاقات رونقها وإلى المجتمع قوته وتماسكه، حيث تمتد الأيدي بالمصافحة وتُطوى صفحات الخلاف ويُشرق نور التسامح والمحبة في القلوب.


فالعيد دعوةٌ مفتوحة لمشاركة السعادة مع الآخرين، لنتعلم فيه كيف نُسعد غيرنا بالكلمة الطيبة، والبسمة الصادقة، واليد الممدودة بالعطاء، هو درس في الإنسانية يعلمنا أن الفرح الحقيقي يكمن في إدخال السرور إلى قلوب  وأن أجمل لحظات العيد هي تلك التي تضيء الوجوه وتُشعر كل فرد في المجتمع بأنه جزء من نسيجه المتين، فلنجعل من العيد محطةً للتغيير، وفرصة لنشر الخير، وبداية مشرقة لصفحة جديدة نقية مع أنفسنا ومع من حولنا، ولتكن أفراحنا فيه نابعة من روح الإيمان، معبرة عن قيم الأخوة الحقيقية التي تتجاوز حدود المظاهر، لتصل إلى جوهر الإنسان وروح التسامح وعمق الإنسانية.







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة