احْتَفالٌ واحْتَفاءٌ عَالميٌّ في اليَومِ الثَّامِن مِن شَهر مَارس مِن كُلِّ عَام بِالمَرأَةِ صَاحِبة العَطَاء اللَامَحدُود، والتي اسْتطَاعت أَن تُثبت ذَاتها عبْر مَرِّ العُصور، وَقدَّمتْ كُلَّ مَا مِن شَأنه أَن يَخْرُج البَشَريَّةَ مِن بَوتَقة التَّحيزِ للرَّجُل إِلى سَاحَةِ فَسيحةٍ يَخوضُ فِيها الجَميعُ غَمارَ التَّنَافسِ الشَّريف؛ حيثُ الفُرص السَّانِحة التي اسْتَغلتها المَرأةُ لِتثبت لِلعَالَم أنَّها عَلى قَدر المَسْؤوليَّة، وأنَّها تَحْمِل لِوَاء الرِّيَادة ومُقَومَات التَّنافسيَّة كَي تَجدُ نفسَهَا فَاعلة فِي كَافَّة مَجَالات الحَياةِ.
مَسيرةُ المَرأةِ مُشرِّفةٌ تَحمِل فِي طَيَّاتِها نَمذجَة للكِفَاح والجِهَاد مِن أَجلِ اقتَنَاص حُقوق مَشروعَة مُنذ فَجر التَّاريخ وبَالأَحْرَى فِهي شَريكٌ أصيلٌ وَلاعِبٌ رَئيس وَمُقوِّم أَسَاسيٌّ فِي الحَياة؛ فَالمُكَابدة مِن أَجْل بُلوغ الغَايَة نَجدُه فِي المَرأةِ عَلى وَجْهِ الخُصُوص؛ حَيثُ تَحْمِل شَعَارًا فَحْوَاه لا لِلاسْتَسلام وَلا لَلخُضوع؛ فتِلك هِي الحُرَّيَّة المَسؤولَة بَعينها؛ إِذ يُوصَف صُمود وَإصْرَار المَرأة لِمُواجَهة التَّحدَّيَات فِي العَديد مِن المَوَاقف بِأنَّه أُسطُوري، وقَدْ سجِّل التَّاريخ فِي سُطوره مَلاحِم للمَرأة لا حَصْر لَها.
المَرأة بِطبيعَتها وتَكْوينِها لا تَقْبل ولا تَتَقبَّل مَنَاخ الاسْتَعمار أَو الاسْتَغلال؛ فَكانت عَبْر التَّاريخ أَيقونة الثَّورَات والتَّمرُّد عَلى المُستَبدِّ أو المُستَعمَر أو المُستَغلّ؛ كَما أنَّها كَانت فِي مُقدِّمة المُطَالبين بِحُريَّة الأَوْطَان والزَّودِ عَن مُقدَّرَاتها مِن كُلِّ مُغتَصِب ومُحتَّل؛ فَشعَار الوَحْدة الوَطنيَّة حَملَته المَرأة ودَفعت الدَّمَاء الغَالية نَظير اقْتَناص الحُريَّة وإرْجَاع الحُقوق جَنبًا إلَى جَنْب مَع الرَّجُل فِي شتَّى مَيَادين العَالَم.
مِيزان الاعْتَدال يَقُوم عَلى المَرأة التي نَحتَفي بِيومِها؛ حيثُ تُعدُّ مِن أَعمدةِ تَأصِيل وَغَرس القِيم النَّبيلة في مُجتمَعَاتها؛ فتَرَاها تُحافِظ عَلى أسْرَتها وتَبذِل الغَالي والنَّفِيس مِن أَجل أنْ تُعضِّد القِيم النَّبيلة في فَلَذات أكْبَادها باعتَبار أنَّ القِيم هِي السِّياج الذي يُحافِظ علَى الهُويَّة ويُعزِّز مُخرجَات الثَّقافة ويُضِيف إلى الحَضَارة ويُمهِّد لِطَرائق النَّهضة المُسْتدَامة؛ لِذا بَات اسْتَقرار المُجْتَمعات والحِفَاظ عَلى مُقدَّراتِها يَقَعُ عَلى كَاهل المُربَّية والتي تُعدُّ اللَبِنة الرَّئيسة فِي بِناءِ الإنْسَان وبِجانبها الرَّجُل.
لِلمرأةِ مَواقف تُؤكِّد عَلى أنَّها صَاحبة الفَضْل فِي بِناء الأَوْطَان التي يًحوزَها أُنَاس يمْتَلكون العِفَّة والكَرامة والشَّهامة وَأوجُه التَّعاون والتَّسامُح وِفْق مَا يتَوافَقون عَليه مِن مَواد حَاكمَة تُنظِّم الحَياة بِكلِّ مَسَاراتِها ومَجَالاتها المُتعدِّدة؛ فتُصْبح الشُّعوب هَادئة مُستقرَّة تَسْعى دَومًا للتَّقدُّم والرُّقي وتَحقيق جَودة الحَياة بِمتَنوعَاتها، كَما تَفتح مَجَالًا للأجْيَال كَي تَستَكمِل مَسيرَة الإعْمَار والنَّهضَة وتُقدِّم أَفضل مَا لَديها لتُضِيف إِلى رَصيد تِلك الشُّعوب والمُجتَمعَات بصُورة مُستمرَّة.
مَن يَجهل دَور المَرأة في تَعزِيز المُواطنَة لا يُدرِك صُورة المَوروث الثَّقافي الذي يَتحدَّث جليًّا عَن عَطَائها اللامَحدود وإخْلاصِها وحُبِّها العَميق لِترَاب الوَطن؛ فَهي مَن تًغرِس الوَلاء لدَى الأبْنَاء تِجاه رُموز الوَطن، وهِي مَن تُعزِّز الانْتَماء لِلكَيان الجَامع، وهِي مَن تُسَاند الرَّجُل في تَحقيق غَايات كُبْرى تَجعل البِلاد في مَصَاف التَّقدُّم والرُّقيَّ والازْدَهار؛ لِذا يَشعُر العَالَم المُنصِف بِالامتَنان لأَدْوار المَرأة التِي لا تَتَوقَّف وعَطَاءاتها التي لا تَنْضَب ومَحَبَّتها التي تَنْهَمر وتَتدفَّق عَلى ذَويها ومن تَنتَسب إليه.
إِنَّ الاحْتَفال بَاليومِ العَالمي لِلمرأة مَا هُو بَرهَنة عَن تَقدير وامتَنَان ومَحبَّة تَكنُّها الصُّدور تِجاه مَا تُقدِّمه السَّيدة العَظيمة مِن عَطَاءات تُقوِّي الهمَّة وتُزيد مِن صَلابة الإرَادة تِجاه تَحقيق الهَدف المَنشُود سَواءً ارتَبط بالأَبنَاء أَو الأَزوَاج أَو الأُخوة؛ فَبُنيَان المَرأة ووجْدَانها الرَّاقي سَاهمَ في تَشكيل عُقول بنَّاءَة تُسهِم فِي تَصحِيح المَسار وتُقدِّم أَفضلَ ما لَديها مِن رُؤَى تُساعِد فِي رُقيِّ وارْتَقاء شُعوب العَالَم قَاطَبة.. ودِّي ومَحبتي لِوطَني وَللجَميع.